اراء متباينة حول وقف العمل باتفاقية التجارة الحرة الاردنية التركية
انقسمت آراء اقتصاديين حول قرار الحكومة بوقف العمل باتفاقية التجارة الحرة مع تركيا بين مؤيد ومعارض لهذه الخطوة.
الجانب المؤيد للقرار يقول إن الاتفاقية كانت مجحفة بحق الأردن حيث أثرت سلبا على الاقتصاد الوطني وعلى تنافسية القطاعات الانتاجية داخل السوق المحلية.
في حين أن الجانب المعارض يرى أن القرار يخالف سیاسة الحكومة المبنیة على الانفتاح الاقتصادي وتحریر التجارة عدا أن القرار يؤثر سلبا على واقع البيئة الاستثمارية ويضعف القدرة على جذب الاستثمار.
وكان مجلس الوزراء قرر، في جلسته التي عقدها يوم الإثنين الماضي، إيقاف العمل باتفاقية الشراكة لاقامة منطقة تجارة حرة بين الأردن وتركيا استنادا إلى تنسيب وزير الصناعة والتجارة والتموين، المهندس يعرب القضاة.
وجاء القرار، بحسب بيان الحكومة، لتجنب المزيد من الآثار السلبية التي لحقت بالقطاع الصناعي في ضوء المنافسة غير المتكافئة التي يتعرض لها من البضائع التركية التي تحظى بدعم من الحكومة التركية ما افقد المنتج الأردني القدرة على المنافسة في السوق المحلي لهذه البضائع.
ووقع الأردن وتركيا على اتفاقية الشراكة لإقامة منطقة تجارة حرة في الأول من كانون الأول (ديسمبر) من العام 2009 في عمان لتدخل حيز النفاذ في الأول من آذار (مارس) من العام 2011، فيما استثني منها معظم السلع الزراعية والزراعية المصنعة، كما أخضعت بعض السلع لنظام الحصص (الكوتا).
واعتبر نائب رئيس الوزراء، الأسبق الدكتور جواد العناني، أن قرار وقف العمل بالاتفاقية من باب الضغط على الجانب التركي للتفاوض من جديد على الاتفاقية بحيث يكون فيها مرونة وتحقق العدالة للطرفين في ظل عدم نجاح المحاولات الأردنية السابقة مع الجانب التركي في هذا الخصوص.
وأشار العناني إلى أهمية أن يتبع وقف العمل بالاتفاقية تحرك سياسي منطقي سريع من جانب الاردن لبحث هذا الموضوع مع الجانب التركي للتأكيد أن القرار لإعادة التفاوض على الاتفاقية والحصول على مرونة بالتعامل من خلالها وليس لأهداف اخرى.
وأكد العناني أن العلاقات التجارية والاقتصادية بين الأردن وتركيا قديمة وتاريخية وليس هنالك مصلحة للأردن لإنهاء هذه العلاقة.
وقال إن من قام بالتفاوض على هذه الاتفاقية من قبل الجانب الأردني قبل توقيعها لم يكن موفقا كثيرا في انصاف الأردن؛ حيث كان فيها اجحاف بحق الأردن، مبينا أن الاتفاقية سمحت للجانب التركي بفرض شروط وقواعد منشأ يصعب على كثير من الصناعات الأردنية القدرة على تلبيتها.
وأضاف "في ظل عدم الاستفادة من هذه الاتفاقية اصبح من حق الأردن أن يطالب باعادة التفاوض مع الجانب التركي بخصوص تعديل بنود الاتفاقية بما يحقق العادلة لجميع الاطراف.
وأكد أن الجانب التركي استفاد كثيرا من هذه الاتفاقية حيث زادت المستوردات الأردنية من تركيا بشكل كبير في حين أن الصادرات الوطنية لم تزد إلى تركيا.
ولفت إلى أن وقف العمل بالاتفاقية سيكون له آثار سلبية على زيادة أسعار البضائع التي تستورد من تركيا بحكم رفع الرسوم الجمركية، إضافة إلى التاجر الذي بنى مشاريع وشركات على أساس هذه الاتفاقية.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور منير الحمارنة إن البت بالفوائد والآثار السلبية من الاتفاقية يجب أن يكون مبني على اساس دراسة متخصصة تظهر مدى تأثير هذه الاتفاقية على الاقتصاد الوطني ككل.
وأوضح الحمارنة أن الموقف من الاتفاقية يجب أن يقاس إلى أي مدى يتضرر الاقتصاد الوطني أو ينتفع من هذا الاتفاق ومدى تأثيره على البطالة والاستثمار والضرر بالقاعدة الإنتاجية.
وأكد الحمارنة أن الأردن بحاجة إلى علاقات تجارية مع دول العالم بشرط أن تكون متوازنة دون أن تؤذي الاقتصاد الوطني ككل، مبينا أن المطلب في المرحلة الحالية هو الخروج من الازمة العميقة التي يمر بها الاقتصاد الوطني وهذا لا يتم الا من خلال زيادة حجم الاستثمارات ودعم الاستثمارات المقبلة.
وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور قاسم الحموري، إن وقف الاتفاقية اوجد صراعا بين مصالح التجار والصناع؛ حيث أن المنتج الأردني يفضل الحماية والقيود على التجارة الخارجية حتى يبيع منتجه محليا في حين أن التاجر يفضل وجود تجارة حرة دون قيود وبالتالي يفضل الاتفاقية التجارية التي تسهل حركة مرور السلع إلى الأردن.
وبين أن مصلحة الأردن مع التجارة الحرة والاتفاقية دون وقف أي اتفاقية تجارية، مشيرا إلى وجود وسائل أخرى لحماية الصناعة الوطنية دون وقف التعامل مع الاتفاقيات، لافتا إلى أن القرار يخالف سیاسة الحكومة المبنیة على الانفتاح الاقتصادي وتحریر التجارة.
وأوضح ان قرار وقف الاتفاق سيكون له تأثيرات سلبية على واقع البيئة الاستثمار، خصوصا وان المستثمر لن يقرر اقامة مشروع في بلد فيه قيود على التجارة والاستيراد.
وأشار الحموري إلى أن الغاء مثل هذه الاتفاقية من اجل حماية المنتج المحلي سيكون انعكاسه سلبيا لانه يقلل من الكفاءة الانتاجية، ولن يضغط على المنتج المحلي لتحسين جودة المنتج، بسبب عدم وجود منافس.
واقترح الحموري إعادة دراسة الاتفاقية والتفاوض على بنودها من جديد، مبينا أن منظمة التجارة العالمية من أهم قواعدها في حال حدوث خلافات تجاري أن يتم حلها بالتفاوض والوصول إلى حل يحقق العدالة للطرفي.
وقال وزير المالية الأسبق، الدكتور محمد ابو حمور، إن اتفاقية التجارة الحرة مع أي دول يجب أن يكون الطرفان متكافئان فيها، بمعنى أن تحقق الاتفاقية مصالح مشتركة وليس مصلحة دولة على حساب آخر.
وتساءل أبوحمور عن المنافع المتحققة للطرفين من الاتفاقية، إضافة الى القيام بإجراء دراسة عن الآثار المترتبة من هذه الاتفاقية على القطاع التجاري والصناعي قبل توقيعها.
وأكد أبو حمور اهمية النظر الى الاتفاقية والنتائج التي حققتها على الاقتصاد ككل سواء كان ذلك ايجابيا ام سلبا، مبينا أن الاتفاقية بناء على ارقام التبادل التجاري تميل لصالح الجانب التركي؛ حيث هنالك عجز كبير في الميزان بين الأردن وتركيا.
وقال "بعد وقف اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا هل سيتم استيراد البضائع من دول أخرى او سيتم تعليق الاستيراد لدعم المنتج المحلي وتحقيق مقياس ايجابي في الميزان التجاري".
وشدد على ضرورة ان يتم اجراء دراسات متخصصة مسبقة عندما يتم توقيع اتفاقيات تجارية مع اي دول لمعرفة الآثار المترتبة والنتائج على الاقتصاد الوطني و حتى لا يكون هنالك تراجع عنها فيما بعد.
وقال إن كثيرا من التجار وأصحاب الوكالات رتبوا أمورهم على اساس هذه الاتفاقية، داعيا إلى استثناء هذه الشريحة من القرار إلى حين تصويب اوضاعهم مع الجانب التركي.