خبراء: الحكومات مسؤولة عن التشوهات في سوق العمل
قال خبراء اقتصاديون، إن تقليص الطلب على الوظيفة الحكومية، كما طالب به رئيس الحكومة هاني الملقي، مؤخرا، يتطلب تحفيز القطاع الخاص وتخفيض الكلف عليه كي ينمو ويولد فرص عمل.
وشدد الخبراء على تحجيم دور القطاع العام في الاقتصاد، والذي تضخم نتيجة "خلل في الخطط الحكومية"، وأصبح يشكل أكثر من 45 % في الدخل القومي مقارنة مع نحو 20 % في الدول المتقدمة.
ولفتوا إلى أن دور القطاع العام، والذي رواتبه تستنزف الجزء الأكبر من الموازنة يجب أن يكون فقط تشريعي، "رقابي وتنظيمي".
وكان رئيس الوزراء هاني الملقي طالب بـ"الابتعاد عن الوظيفة الحكومية" التي اعتبر انها "أصبحت معونة وطنية"، وأكد خلال لقائه شبابا أول من أمس في مدينة الحسين للشباب واستمع إلى همومهم ومطالبهم، "أهمية التشغيل الذي يحقق الوفر المالي والنهوض الاقتصادي للوطن".
وقال رئيس الوزراء إن فرص العمل التي يوفرها سوق العمل الأردني والتي تبلغ حوالي 1.6 مليون فرصة تذهب بمعدل فرصة للأردني وأخرى لغير الأردني.
وبحسب آخر احصائية لدائرة الاحصاءات العامة، فقد شكل العاملون في منشآت القطاع العام من إجمالي العاملين في منشآت القطاعين العام والخاص حوالي 30.2 % بعدد يبلغ نحو 343 ألف عامل.
وأظهرت البيانات أن العاملين في منشآت القطاع الخاص شكلوا أكثر من ثلثي عدد العاملين في منشآت القطاعين العام والخاص، مما يعني أن القطاع الخاص هو المشغل الأكبر للعمالة في سوق العمل الأردني، أو ما نسبته حوالي 70 %.
وبلغ مجموع العاملين في منشآت القطاع الخاص 792758 عاملا في العام 2015، أي بزيادة مقدارها 36977 عاملا عن العام 2014.
وبحسب التقرير، بلغ إجمالي عدد العاملين في القطاعين العام والخاص 1,135,547 في العام 2015، وشكل الذكور ما نسبته 75.2 % والإناث 24.8 %.
وزير المالية الأسبق محمد أبوحمور قال إن حجم القطاع العام في الأردن يشكل ضعف حجمه في الدول المتقدمة، أي أنه تضخم كثيرا ليشكل نسبة تتجاوز 45 % من الدخل القومي.
ورأى أبوحمور أن القطاع العام أصبح يأخذ دورا في الاقتصاد أكبر من الدور الذي في الأصل يجب أن يقوم به، مشيرا إلى ضرورة تغيير تلك الأدوار.
وأكد على ضرورة بأن تكون الحكومة رشيقة وأن تقوم بدورها فقط والذي يتمحور حول التشريع والرقابة والتنظيم، وأن لا تتدخل في الأنشطة التي هي من مهمة القطاع الخاص.
ولفت أبوحمور إلى حديث جلالة الملك عبدالله الثاني في العديد من المناسبات حول الثورة البيضاء والإصلاح الإداري، داعيا الحكومة لضرورة التنبه لهذا الموضوع والعمل على إعادة هيكلة القطاع العام بربطها بالانتاجية.
واستغرب من دعوات رئيس الوزراء للشباب بعدم انتظار الوظيفة الحكومية والتوجه للقطاع الخاص دون أن ينفذ خططا واقعية لتحفيز القطاع الخاص وتوفير بيئة استثمارية له تمكنه من توفير فرص عمل.
ودعا أبوحمور الحكومة لمساعدة القطاع الخاص عن طريق تخفيض الكلف عليه وزيادة قدرته على التنافس في الداخل والخارج.
وتطرق إلى نسب البطالة التي تشهدها المملكة والتي تعتبر الأعلى في تاريخها، وخاصة أن عنصر الشباب بات يشكل 50 % من المجتمع.
وقال أبوحمور إن "نريد حلولا ابداعية واستثنائية تركز على النمو الاقتصادي وتحفيز القطاع الخاص بنخفيف الأعباء عليه".
من جانبه، قال وزير تطوير القطاع العام الأسبق ماهر مدادحة إن القطاع العام لم يعد قادرا على التوظيف بعد أن تضخم لمستويات عالية وأصبح يكلف الموازنة غاليا.
ورأى مدادحة أن دعوة الشباب لعدم انتظار الوظيفة الحكومية لا تكفي كونه الاهم هو تنمية القطاع الخاص لتوليد فرص عمل.
وأكد على ضرورة تحجيم دور القطاع العام في الاقتصاد وتقليص دوره كي لا ينافس القطاع الخاص وتحديدا في قطاع الخدمات، وأن يكون دوره تشريعي وتنظيمي ورقابي.
ولفت مدادحة إلى ضرورة تخفيض الكلف على القطاع الخاص لكي ينمو وإزالة التحديات من أمامه والمتعلقة في التشريعات الضريبية وكلف الطاقة والعمالة.
ودعا إلى ضرورة هيكلة القطاع العام من حيث إعادة النظر في دوره في النشاط الاقتصادي والانسحاب من تقديم الخدمات وترك مهمتها للقطاع العخاص.
بدوره، اتفق الخبير الاقتصادي زيان زوانة مع سابقيه، مؤكدا على التشوهات التي أحدثتها الحكومات المتعاقبة في سوق العمل والتي ماتزال عاجزة عن إصلاحها.
وقال زوانة إن على رئيس الحكومة إيجاد خطط لمعالجة التشوهات في سوق العمل وليس الطلب من المواطن عدم انتظار الوظيفة الحكومية.
وتساءل عن السبب في تضخم القطاع العام وأعبائه على الاقتصاد؟، بحيث أصبحت تشكل رواتبه نصف الموازنة العامة.
وطالب زوانة بضرورة تحفيز القطاع الخاص، وليس فقط بالكلام، وإنما بالفعل عن طريق إزالة التحديات من أمامه والتي أهمها الكلف وبيئة الاستثمار والتشريعات.
وقال إن القطاع الخاص، وتحديدا في مجالات الصناعة والسياحة والنقل، بحاجة إلى تحفيز ومساعدة واهتمام للنهوض والنمو وتوليد فرص عمل للشباب.
وحذر زوانة من نسب البطالة العالية وخطرها، مطالبا الحكومة بأن لا تتكلم فقط وإنما أن تجد خطط عمل تبدأ بها غدا.
وأكد على حاجة الشباب إلى التعليم والتدريب المهني للانخراط في سوق العمل في مهن تم احتكارها منذ سنوات من قبل العمالة الوافدة.
وبلغ معدل البطالة 18.5 % خلال الربع الأخير من العام الماضي، وبلغ المعدل للذكور 16 % مقابل 27 % للإناث للفترة نفسها. وحسب بيانات دائرة الاحصاءات العامة لم يطرأ أي تغيير على معدل البطالة لهذه الجولة مقارنة بالربع الثالث من العام 2017.