الفنان المصري حمزة نمرة يعود بمجموعة جديدة من ريميكس
يبدو أن النجاح الكبير لأغنية "إناس إناس"، لدى إعادة تقديمها، فتح شهية الموسيقار المصري حمزة نمرة، للتنقيب في التراث المغربي بحثاً عن كنوزه.
الأغنية سبق أن قدمها الراحل محمد رويشة، قبل أن يعيدها نمرة بتوزيع عصري، لتجذب الجمهور المغربي لا سيما الشباب.
وعقب النجاح قرر "نمرة" إعادة تقديم أكثر من أغنية تراثية أخرى هي "الصينية" لناس الغيوان، "خربوشة" للقائد عيسى، و"خليلي" للمشاهب.
وانتهى الفنان المصري من تصوير حلقات جديدة من برنامجه "ريميكس" على قناة "العربي"، التي تبث من لندن، بكل من مدن شفشاون وآسفي والدار البيضاء بالمغرب.
ويهتم البرنامج بالأغاني التراثية في البلدان العربية، مع إعادة تقديمها بتوزيع عصري.
وينتظر إطلاق الأغنيات الجديدة، عقب وضع اللمسات الأخيرة، خلال الأسابيع المقبلة، حيث ستقدم بصورة جديدة شبابية بتوزيع عصري لا يخلو من تلوينات وأرتام غربية.
أهم المجموعات الغنائية بالمغرب
وتعتبر مجموعة "ناس الغيوان” إحدى أهم المجموعات الغنائية بالمغرب، ظهرت خلال ستينيات القرن الماضي بالحي المحمدي (حي شعبي بمدينة الدار البيضاء).
ومجموعة المشاهب أيضاً ظهرت بنفس الحي (1972) وأصدرت مجموعة من الأغاني الجريئة التي تحمل حمولة سياسية.
وخربوشة هي امرأة مغربية (عاشت نهاية القرن 19 ) انتفض قومها ضد الظلم، فصارت شاعرة ثورتهم تجلس إلى المقاتلين، وتنشدهم قصائد الحماسة.
وتعاون مع الفنان حمزة نمرة الباحث في التراث الشعبي بالمغرب نسيم حداد، حيث سيقدم شرحاً حول ظروف كتابة تلك الأغنيات وأصولها المتجذرة في التراث الشعبي المغربي.
ويقول نسيم، للأناضول، إنه تحدث بالفعل مع نمرة، الذي استمع للنسخة الأصلية من أغنية "الصينية"، مشيراً إلى أن النسخة الجديدة ستشهد إضافات فنية نوعية، بحسب ما أبلغه نمرة.
ويرى الباحث المغربي أن التحديث أصبح ضرورة ملحة ووسيلة لإيصال الأغاني التراثية لأكبر شريحة من الشباب، مستشهداً بنجاح إعادة تقديم أغنية "إيناس إيناس".
ويوضح أن "نمرة" يفكر في بعض التغييرات على المقام الغنائي، وكذا في طريقة التناول سواء من خلال الآلات أو حتى من خلال التوزيع الغنائي.
وعن اختيار حمزة نمرة أغنية "الصينية"، أكد نسيم أنها بمثابة أيقونة للنمط الغيواني وهي أول أغنية قدمتها مجموعة ناس الغيوان الشهيرة.
وبحسب "نسيم" فإن الأغنية تحمل كذلك مساحة من العمق الإنساني من خلال رمزيتها للضيافة المغربية وللتضامن الأسري والاجتماعي.
أما بخصوص أغنية "عيطة خربوشة"، فيشير الباحث المغربي إلى أن أول ما أثار انتباه حمزة نمرة هو البعد الأسطوري، الذي يشمل قصة حادة الزايدية "خربوشة"، وصراعها مع القائد "عيسى بن عمر"، نهاية القرن التاسع عشر.
كما أن هذه العيطة (نوع من الغناء المغربي) تعد إرثاً جماعياً لمنطقة عبدة (وسط غرب المغرب) يحكي بطولات قبائلها في قالب لحني فريد من نوعه.
وتم تسجيل أغنية "خليلي" للمشاهب لتكون بذلك ثالث أغنية تمثل الموروث الشعبي للمغرب في برنامج "ريميكس".
غياب التوثيق
ورغم ميزة الوصول إلى الشباب، فإن إعادة الأغنيات التراثية، بطريقة جديدة يطرح مشكلة غياب توثيق للنسخ الأصلية، وفق حداد.
ويرى حداد أن الحل يكمن في تأسيس علم كاف بالمنظومة التراثية الموثقة للأغاني القديمة.
كما يطالب بالتفرقة بين محاولات التحديث والاقتباس من التراث، مع تسمية كل عمل بمسمياته الحقيقية.
ويضيف أن العيطة مثلاً تبقى محفوظة بتركيبتها النصية ونسقها اللحني وتسمى عيطة، لكن كل محاولة أو تناول جديد تجب تسميته بمسماه وليس العيطة.
يذكر أن حويدة العبدية المعروفة فنياً بـ"الشيخة خربوشة”، شاعرة ومغنية مغربية عاشت نهاية القرن 19 في منطقة عبدة، وخلفت رصيداً من الأشعار يشكل حتى اليوم مصدراً هاماً لتراث "العيطة".
أما القائد عيسى بن عمر العبدي فكان قائداً لمنطقتها (محافظ). وعرف بالدهاء، مما جعل شقيقه الأكبر، القائد محمد بن عمر، يعتبره خليفة له، وتسلم القيادة بعد موت أخيه سنة 1897.
وبسبب دهائه وبطشه، كان يُثقل كاهل سكان قبائل عبدة بالضرائب، مما جعل عدداً من قبيلة أولاد زيد في سنة 1895، يفرون فيما سمي بـ"عام الهروب".
بينما قرر الباقون الانتفاض في ثورة دامت 4 أشهر، وخلال تلك الفترة، كانت حويدة (خربوشة) الشاعرة والمغنية، إلى جانب الثوار، مُحرضة بشعرها وغنائها.