متى تنتهى الازمة

ما زلنا نعيش فى ثنايا أزمة ارتفاع الدولار، وما تبعها من أزمات مرتبطة به، فحتى اليوم ما زال الدولار يواصل ارتفاعه رغم الاجراءات «غير المجدية» التى إتخذتها الحكومة للحيلولة دون انخفاض قيمة، الذى أدى بدوره لإرتفاع كبير فى أسعار معظم السلع، وكثير منها إرتفاع سعره بشكل مبالغ فيه بدرجة مزعجة، وبشكل أضنى كاهل المواطن البسيط، فدخله لم يزد حتى يستطيع مواجهة زيادة نفقاته، ومن ثم بدأت تحاصره المشاكل من كل الاتجاهات، «وما زاد الطين بله»، كما يقول المثل العامي، فرض ضرائب جديدة عليه والغريب بل والعجيب، ما تفعله للمواطن من تسويقها لمبررات مستفزة زاعمة أن تلك الضرائب وضعت من أجل المواطن!
وبات على المواطن أن يتحمل أخطاء العقود الطويلة الماضية بمفرده، رغم إنه لم يكن له دور فاعل فى أى قرار سياسى أو اقتصادى أدى إلى ما وصلنا له مؤخراً، بل كان مفعولاً به وكان عليه السمع والطاعة فالبلد فى أزمة تحتاج لتكاتف الجميع حتى نعبرها بسلام.
هذا الشعار ظل يسمعه لسنوات كثيرة، حتى نسى عددها، ولكنه لم ينس أن الاردن تمر بأزمة وعليه التحمل من أجلها، سنوات تجر سنوات، والأزمة مستمرة، قد يتغير ، ولكن مضمونها ثابت، وتنوعت الأزمات ما بين غذائية، مثل اللحوم الحمراء والبيضاء، رغم أن الاردن بلد زراعي، ولكن تلاعب المستغلون حتى نجحوا فى تأزيم وجود اللحوم والدواجن البلدية لصالح المستورد، وحققوا مكاسب ضخمة جدا، وما زالوا يحققونها حتى الآن، وهم أيضا من قضوا عليها هل تتذكرون، كثيرون ممن تخطى عمرهم الستين سيتذكرونه. نجاح هذا كان كفيلا بتحقيق الاردن وفرة كبيرة فى انتاج اللحوم الحمراء، ولكن هل تنجح ا ويفشل الفاسدون الذين بغوا على حقوق البسطاء.

أمر آخر فى ،الاردن تتمتع بأكثر من الذى يشقها من جنوبها لشمالها، وعديد من البحيرات العذبة، ومع ذلك هناك أزمة فى توافر الأسماك، كل ذلك بفعل المستوردين الذين نجحوا فى تأزيم هذا السوق وتمكنوا من استيراد أنواع لا حصر لها من الأسماك بأسعار قليلة وبيعها بأسعار باهظة لتحقق لهم مكاسب كبيرة، كل هذا على حساب المواطن البسيط.

أيضا منذ عدة عقود ماضية تم البدء فى انشاء المجتمعات العمرانية الجديدة وظهرت مدن وغيرها الكثير، لتوفير مسكن بسعر عالي، وفجأة تبدأ أسعار العقارات ترتفع ودون مقدمات، وظهرت مدن جديدة فاخرة أقامها رجال الأعمال ، ليأخذ السوق العقارى منحاً جديداً رغم أن الأراضى التى أقيمت عليها هذه المدن باعتها الدولة لهم بمبالغ زهيدة جداً، ألا انهم باعوا الوحدات السكنية بأثمان باهظة بأكثر من سعر تكلفتها بعشرات الأضعاف، وضعت مكاناً للأثرياء، بعد أن كانت فكرة للمحترم المتميز ، أراد بها الخروج من الحيز العمرانى الضيق الذى تحول فجأة أيضا، ودون مقدمات إلى منتجعات خاصة، لا مكان فيها للبسطاء. الذين ضاق بهم الحال فى الحصول على مسكن معقول فلجأوا إلى العشوائيات، ومنهم من سكن القبور، ومع مرورالوقت باتت مشاهدة هؤلاء «الغلابة» أمراً عادياً، وبات شغلهم الشاغل توفير لقمة العيش، التى أرتفع سعرها بشكل واضح وأصبح توفيرها أمراً ليس باليسير.

لقد ارتفعت اسعار كثيرة وتضاعفت قيمته بلا مبرر، ونحن دولة منتجة له، كماباتت على الارتفاع غير المعقول وأيضاً تضاعف ثمنه وهناك مخزون استراتيجى يكفى لعام مقبل!!ومن قبل شهدنا أزمة وهى كارثة قضت على أحلام كثير من المجتهدين الذين راهنوا على التعليم لتحقيق قدر من التقدم يساعدهم على الانتقال لمرحلة جديدة تنتشلهم من مستنقع «الضيق» القابض على صدورهم، ولكن ماذا حدث ؟

نجح كثير من الطلبة وحصلوا على درجات مرتفعة نتيجة وحجزوا لأنفسهم مكاناً فى الجامعات، وأمسى الفقير الذى لم يستطع تحقيق درجات مرتفعة نتيجة عدم مقدرته على دفع ثمن الدروس الخصوصية أو عدم امتلاكه إحدى وسائل التكنولوجيا الحديثة التى لا تمكنه من االعيش بات بائساً محطماً،

يجب أن يعلم السادة الوزراء أن رواتبهم تؤخذ من الموازنة العامة للدولة، وتعتبر الضرائب الممول الأول للموازنة، كما يجب أن نعى أن المواطن البسيط يدفع ضرائبه قبل أن يأخذ راتبه، وعليه فمن حقه محاسبة من يأخذون راتبهم من أمواله، فالسادة الوزراء الجالسون فوق مقاعدهم مطالبون بتقديم حلول عملية لأزمات المواطن التى لا تنتهي، وبدلا من التفكير فى فرض ضرائب جديدة تثقل كاهل « الغلبان» عليهم توجيه نظرهم صوب الفاسدين الذين يستنزفون مقدرات الوطن ومازالوا!