هل يصبح تخريب المنشآت والاعتداء على الحكام ظاهرة؟

حادثتان مؤسفتان لم تفصل بينهما سوى بضعة أيام، تبعثان على الحزن والتساؤل، فيما إذا ما أصبح تخريب المنشآت والممتلكات العامة والاعتداء على حكام المباريات في ملاعب كرة القدم ظاهرة؟.
"فيديو" تم تداوله على نطاق واسع عبر المواقع الإلكترونية، يظهر مجموعة من لاعبي وجماهير فريق ذات راس وهم يعتدون على زملائهم من فريق اليرموك، ويطاردون حكم المباراة في أرجاء الملعب ويضربونه "بما ملكت أيديهم"، في احدى مباريات الجولة الثانية من دوري تحت 19 عاما والتي جرت على ملعب جامعة مؤتة في الكرك.
الحكم يجري يمينا وشمالا في محاولة لتفادي "البوكسات والشلاليط" وحتى الحقائب، ومحاولات يائسة من بعض الإداريين لايقاف اللاعبين والجماهير عن الامعان في ضرب الحكم، الذي لم يستطع إكمال المباراة قبل أن تنتهي أحداث الشوط الأول.
وأول من أمس كانت مباراة الرمثا وشباب الأردن بدوري المحترفين تنتهي بتعادل سلبي، أعتبر بالنسبة لفريق الرمثا بمثابة "الخسارة"، وتقليصا لحظوظ الفريق في المنافسة على اللقب وربما الوصافة أيضا.. أطلق الحكم احمد فيصل صافرته بعد انتهاء المباراة، واحتاج مع فريق شباب الأردن لتمضية وقت طويل في أرض الملعب، بعد أن تعذر عليهم الخروج إلى غرف تبديل الملابس، حيث قامت جماهير الرمثا بتحطيم عدد كبير من مقاعد المدرجات ورميها على أرض الملعب، وامتد الشغب إلى خارج حدود ملعب الحسن في إربد، ما أضطر رجال الدرك لاستخدام القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتفرجين الغاضبين والذين اعتدى بعضهم على الممتلكات العامة والقي القبض عليهم طبقا للبيان الرسمي الذي صدر عن مديرية الدرك.
ساعات طويلة بعد نهاية المباراة قضاها المسؤولون في اتحاد كرة القدم ونادي الرمثا والأجهزة الأمنية، للتعامل مع إفرازات المباراة، مع أن الدوري لم ينته بعد، وما تزال هناك 5 مباريات على الاقل لكل فريق، يمكن أن تحمل نتائج تغير فيها الواقع الحالي وتغير الحال إلى آخر.
وليس ببعيد ما جرى في مباراة الوحدات والفيصلي يوم الجمعة 9 شباط (فبراير) الماضي، ما يؤكد أن شغب الملاعب بات ظاهرة حقيقية، وأن الملاعب أصبحت متنفسا للبعض وملاذا لكي يفعل ما يريد من شتم وهتاف مرفوض وتخريب للمنشآت.
ماذا يستطيع اتحاد كرة القدم أن يفعل أكثر مما يفعله حاليا لمحاربة ظاهرة شغب الملاعب؟.. يجيب بهذا السؤال أمين عام اتحاد كرة القدم سيزار صوبر، على سؤال حول وجهة نظر الاتحاد بشأن الاحداث المؤسفة التي جرت في مباريات سابقة.. الاتحاد فعل العقوبات ولم تقتصر على الجانب المادي فقط، وامتد الأمر الى إقامة مباريات من دون جمهور، كما حدث في مباراتي الفيصلي مع شباب الأردن والوحدات مع الرمثا عقابا لفريقي الفيصلي والوحدات، وهو الأمر الذي سيطال فريق الرمثا طبقا للقرارات المتوقعة من اللجنة التأديبية، ما يعني إقامة أول مباراة بيتية مقبلة للرمثا من دون جمهور "المباراة أمام الحسين إربد يوم الجمعة 16 الحالي على ستاد الحسن"، لكن هل تكفي الغرامات المالية والحرمان من ريع مباراة بعد اقامتها من دون جمهور في معالجة المشكلة؟.
حادثة جامعة مؤتة ستفرض خسارة الفريق المتسبب بالشغب وتغريمه وايقاف عدد كبير من لاعبيه لاعتدائهم على الحكم وهم ما يزالون في أول مشوار اللعب، والعبارات التي تم "تشفيرها" بعد بث الفيديو في وقت لاحق، تدعو إلى التساؤل "هل إلى هذا الحد الذي وصلت فيه الرياضة لتتحول من منافسة شريفة إلى شتم أعراض بأبشع العبارات؟"، والغريب أن تلك المشاهد الغريبة لم تتضمن وجود رجال الأمن العام لتوفير المظلة الأمنية للحكام واللاعبين، وهنا لا بد من التساؤل فيما إذا اقيمت المباراة بوجود رجال الأمن ام لا؟.
وما جرى في لقاء الرمثا وشباب الأردن مشهد منسوخ عن عشرات الحوادث المماثلة التي حُطمت فيها مقاعد الملاعب والقيت على أرض الملعب، دون أن يسمع أحد أن من قام بذلك الشغب وحطم الممتلكات العامة تم تغريمه قيمة تلك المقاعد أو تم حبسه من قبل الجهات القضائية، لأن مثيري الشغب كانوا يفلتون دوما من العقاب بسبب عدم وجود مشتك، وكأن الأموال العامة لا صاحب لها وأن تحطيمها هو شيء عادي لا يجدر التوقف عنده.
مرة أخرى تخسر الرياضة وكرة القدم تحديدا بـ"الضربة القاضية"، وتزداد قناعة الكثيرين بأن ما يجري في الملعب، ليس مستوى فنيا سيئا لا يرتقي للعب الاحترافي فقط، وانما أيضا سلوكا عدوانيا يرتقي إلى الحد الأقصى من "الزعرنة".