العنف المجتمعي اسباب وحلول

جراءة نيوز - خاص-كتب المحلل الاجتماعي -  تتنامى ظاهرة العنف المجتمعي بصورة لم يسبق لها مثيل في الاردن فخلال الاسبوع الماضي ارتكبت عدة حوادث عنف فمن الفيديو المتداول والذي اظهر قيام احد ارقى المدارس الخاصة بالمملكة بالاعتداء على زميله وقيام اخر بتصويرهم الى قيام شاب عشريني بالقفز عن جسر عبدون منتحرا اضافة الى قيام اقارب احد المرضى بالاعتداء على طبيب اثناء عمله في مستشفى الزرقاء حوادث لا بد للجهات المسؤولة الوقوف عندها والتساؤل عن اسبابها والبحث عن حلول تحد من هذه الظاهرة المقلقة والتي باتت تتطاول الجميع.
فوفق الدراسات والتي  تؤكد ان ظاهرة العنف المجتمعي تعود إلى وجود أسباب اجتماعية واقتصادية وقانونية وسياسية وتدور حول شعور متنام لدى كثير من الأفراد بعدم العدالة والمساواة في كثير من الحقوق وفي إدارة الشأن العام وخاصة في الحصول على الوظيفة وإجراء المعاملات اليومية والقبول في الجامعات بسبب انتشار الواسطة والمحسوبية اضافة الى الشعور من قبل المواطنين بعجزهم عن الايفاء بمتطلبات الحياة اليومية  وهو ما أدى إلى عدم ثقتهم بالمؤسسات العامة وخاصة المنتخبة كمجلس النواب والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني. 
وكذلك ما شهده الاردن من تحولات اقتصادية وما نتج عن الخصخصة وتحجيم دور القطاع العام اضافة الى ضرائب متلاحقة اثقلت كاهل المواطنين بصورة لم يسبق لها مثيل ادت الى ركود اقتصادي محسوس وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبة الفقر والبطالة خاصة بين الشباب والتي تشكل أرضية خصبة للعنف الجماعي، فمن المؤكد أن الفقر لا يقود إلى الاستقرار والبطالة لا تؤدي إلى الأمن بل إنهما الأرضية الاقتصادية والاجتماعية لبروز حالات التمرد والعنف. 
أما الأسباب القانونية لظاهرة العنف المجتمعي تنحصر في ضعف الثقافة القانونية لدى شريحة كبيرة من الناس بسبب الجهل بالقانون باعتباره الوسيلة المشروعة للحصول على الحقوق، وشعور شريحة أخرى بعدم الثقة بتطبيق القانون على الجميع على قدر المساواة، وهذا يدفع عدد منهم إلى العنف وأخذ الحق بالذات. 
لمعالجة هذه الظاهرة يعتقد البعض أن الحل الأمثل يكمن في تشديد العقوبات، لذلك فقد تم تعديل قانون العقوبات بموجب القانون المؤقت  لمواجهة العنف من خلال تشديد عقوبة الاعتداء بالضرب أو فعل مؤثر أو بشهر سلاح على موظف عام أثناء وظيفته وتم التوسع في التعديل ليشمل العاملين في القطاع الخاص. 
لا شك أنّ تشديد العقوبة لا يؤدي إلى القضاء على ظاهرة العنف المجتمعي بأشكالها المختلفة دون أن يصاحب ذلك تحقيق العدالة الاجتماعية بين أبناء الوطن. 
ويقع على عاتق الدولة بمفهومها الحديث عبء تحقيق العدالة بين الأفراد وإعمال القانون في الواقع الاجتماعي وحمايته، وأصبحت هذه المهمة وظيفة من أهم وظائفها وهي الوظيفة القضائية تباشرها بواسطة مرفق القضاء الذي أصبح حكراً على الدولة، ومظهر من مظاهر سيادتها ونشاطاً أساسياً لإحدى السلطات الثلاث التابعة لها وهي السلطة القضائية. 
إن استمرار العنف الجماعي والمظاهر المصاحبة له والتمادي على القانون والاعتداء على الآخرين، يؤدي إلى تراجع سلطة القانون ويؤثر على هيبة الدولة التي هي مصلحة أساسية للجميع ولا بد لنا جميعا من الوقوف بوجه تلك الظاهرة والتي قد يؤدي انتشارها الى ما لا يحمد عقباه .

يمنع الاقتباس الا باذن خطي من ادارة جراءة نيوز