الفاخوري يدعو إلى إصلاح شامل لا يقتصر على النقدي والمالي
أكد وزير التخطيط والتعاون الدولي المهندس عماد الفاخوري أن مسار الإصلاح لا بد أن يكون شاملا ولا يقتصر على الجانب النقدي والمالي فقط، مشددا في الوقت ذاته على عنصري "التراكمية" و"التدرج" في جميع القطاعات والمجالات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية.
جاء ذلك خلال حلقة دراسية نظمها مركز القدس للدراسات السياسية أمس بالتعاون مع مؤسسة كونراد اديناور الألمانية تحت عنوان "الأردن وطريق الانتقال: من الاعتمادية إلى الاعتماد على الذات"، حيث رعى الوزير مندوبا عن رئيس الوزراء الحلقة وقدم جلسة عن "المنظور الحكومي للاعتماد على الذات".
وتطرق الفاخوري إلى المجالات التي يمكن أن تعزز الاعتماد على الذات، والتي هي تنويع مصادر الطاقة، ودعم قطاع المياه، والإصلاحات المالية، والاستقرار النقدي، والتحول نحو اللامركزية وغيرها.
وأشار إلى العديد من الاستراتيجيات التي وضعتها الحكومة، وبالتشاركية مع الجميع، بهدف تحقيق المنعة للأردن بكافة أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية للوصول إلى طريق الاعتماد على الذات.
وأشار إلى انه وفي ظل التحديات التي تواجه الأردن، فان الانتقال إلى الاعتماد على الذات ليس مقتصرا فقط على الحكومة، إنما هو منهج قائم على التشاركية بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
وقال إن العالم كله خرج من قضية "الدعم السلعي"، وهو في علم الاقتصاد "غير كفؤ وخطأ"، ويستفيد منه الطبقة الغنية وغير الأردنيين، فيما يتلقى من هذا الدعم 20 % فقط من المواطنين الذين يستحقونه، مؤكدا "وجود هدر كبير في مادة الخبز قبل رفع الدعم عنها".
وقال الوزير إن التقشف في الانفاق التشغيلي للحكومة لن يؤدي إلى التغيير الجوهري المطلوب في موازنة الدولة، مؤكدا أن حجم الصدمات جعل من المستحيل التوسع في الانفاق الحكومي لتعويض السياسة المالية والنقدية، ما جعل الحكومات تتجه في انفاقها الرأسمالي إلى التنفيذ من خلال مشاريع الـ BOT بحيث يتم تحويل الاستثمار للقطاع الخاص الذي ينفذ البنية التحتية التي تحتاجها الحكومة.
ولفت إلى ضرورة الالتزام بتطبيق خطة تحفيز النمو الاقتصادي ووثيقة الأردن 2025 مع التركيز في محور الإصلاح على استراتيجية تنمية الموارد البشرية.
وقال إن دمج المؤسسات المستقلة وإعادة الهيكلة تتضمن تنزيل الفائض من الموظفين ما يعني زيادة الدوائر الحكومية وزيادة الإجراءات والعبء الحكومي، نافيا أن تكون معظم المؤسسات المستقلة عبئا على الدولة، وان مؤسستين فقط كانتا عبئا هي شركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه، اما باقي المؤسسات المستقلة لها إيراداتها التي تغطي نفقاتها.
وقال الفاخوري إن التجربة الأردنية في الخصخصة كانت قصة نجاح رغم وجود بعض الخلل في بعض الجوانب أو الشركات التي تمت خصخصتها وذلك بشهادة لجنة تقييم التخاصية قبل سنوات، مشيرا إلى أن قطاع الاتصالات كان من أهم القطاعات التي خصخصت وشهدت نجاحا كبيرا.
وأشار إلى أن النموذج الاقتصادي الأردني ليس اشتراكيا وليس شيوعيا ولا نموذج اقتصاد حرا دون ضوابط رقابية، وأن هذا النموذج بني على معادلة صحيحة وكانت مبنية على تشاركية محددة حيث كان هناك فترات وقطاعات طغى دور الحكومة فيها وفترات كان للقطاع الخاص دور أكبر.
وطالب كل موظف حكومي ان يفهم أن ما ينفقه هو من أموال المواطنين دافعي الضرائب، وهي معادلة يتم العمل عليها لتغيير ثقافة القطاع العام، مشيرا إلى أن هناك تخفيضات كثيرة حصلت في الانفاق التشغيلي بشكل كبير.
وحول الانفاق من المنحة الخليجية، أكد الوزير أن الأردن كان من أفضل الدول في انفاق المنح الخارجية وبشهادة الدول الخليجية المانحة.
وقال إن الحكومة فتحت باب الاستثمار في الصخر الزيتي منذ 10 سنوات، لكن أسعاره تعتمد على الأسعار الدولية، فيما كلف استخراجه في الأردن مرتفعة مقارنة مع الدول الاخرى، ووجدت الحكومة أن أفضل طريقة للصخر الزيتي هي حرقه لتوليد الكهرباء وليس تحويله لنفط.
ودعا إلى ضرورة البعد عن نظرية المؤامرة، فيما يتعلق بموضوع وجود نفط في الأردن، مشيرا الى ضرورة اخذ آراء مختصين وجيولوجيين في هذا المجال.
وأشار الفاخوري إلى أن الأرقام والمؤشرات الصادرة عن دائرة الاحصاءات العامة والبنك المركزي وزارة المالية لها مصداقية عالية لدى المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي وجميعها ضمن المناهج المعتمدة دوليا، مشيرا إلى أن أرقام النمو التي تصدر دائما عن الدائرة دقيقة وتعكس الواقع، لكن عدم شعور المواطن بهذا النمو سببه أنه يتركز في قطاعات معينة دون أخرى ولا يعود لوجود أخطاء في تقدير معدلات النمو.
ولفت الفاخوري إلى أن القطاع الزراعي يصدر حوالي 600 مليون دينار صادرات زراعية، لكنه قطاع يستهلك 60 % من المياه، و98 % من العمالة المشغلة له غير أردنية ومساهمته في الناتج المحلي الاجمالي 3 %، وتساءل: هل يمكن التركيز عليها في تنمية الاقتصاد المحلي ضمن هذه المعادلة؟ أليس من المهم ادخال التكنولوجيا في هذه الصناعة وتحسين جودة منتجها؟".
وأكد أن الحكومة تعمل حاليا على تجهيز دليل احتياجات البلديات ودليل احتياجات المحافظات بمساعدات ودعم من الجهات المانحة، مشيرا إلى أن هذه الأدلة ستكون أساسا لعمل استراتيجية لتنمية المحافظات.
من جهته، قال نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية الدكتور جواد العناني إن سياسات صندوق النقد الدولي التي يتم تطبيقها حاليا لن تؤدي النمو المطلوب، لأن زيادة الرسوم والضرائب سيؤدي إلى تقليص النشاط الاقتصادي، مشيرا إلى ضرورة تخفيض ضريبتي الدخل والمبيعات لتحفيز النمو.
ودعا العناني في جلسة بعنوان "قراءة في طريق الانتقال إلى الاعتماد على الذات" إلى ضرورة تحديد 20 مشروعا اقتصاديا منتجا يتم العمل على انجازها ودعمها، بحيث تؤدي الى زيادة التوظيف وزيادة الانتاج في قطاعات من شأنها أن تحرك الاقتصاد وتزيد من النمو، مقترحا ان يكون هناك مشروع لمصنع زجاج في معان، يعتمد على الطاقة البديلة (الشمس)، خصوصا مع انجاز مشاريع في قطاع الطاقة المتجددة في المنطقة.
كما اقترح مشروعا لتربية الاغنام وعمل صناعات ترتبط به من انتاج الصوف والجلود، مؤكدا على ضرورة التركيز على القطاع السياحي، خصوصا أن الأردن لديه امتيازات سياحية لا توجد في كثير من دول العالم.
وأضاف: "حتى صناعة الفوسفات والبوتاس من الممكن ان تتطور لانتاج أكثر من 30 سلعة بكفاءة، وبالتالي زيادة التصدير من هاتين المادتين الاستراتيجيتين".
وشدد العناني على ضرورة تحسين الإدارة الحكومية، وأسلوب مكافحة الفساد الذي استشرى بشكل كبير على مستوى المعاملات البسيطة، مما يزيد من ثقة المواطن بالاداء الحكومي.
وطالب الحكومة بالاستثمار في "اقتصاد المعرفة"، وان تستثمر ايضا في كفاءاتها البشرية التي تقوم بتصديرها وان تستفيد منها محليا.