إضاءه على المشهد في الاردن فزاعه شح الموارد
التحدياتُ الإقليمية والدولية مُسْتَبِدَّةٌ بطبعها . بِصَلفٍ تُلقي تأثيراتها ، على مستويات ومضامينِ ، الإستقرارِ المعيشي والأمني للمواطن ، ناهيك عن السياسي في الوطن ككل .
صحيحٌ ، أن عدم الإستقرار الإقليمي ، يرفعُ منسوبَ المصاعب . ولكن القصور الذاتي وقواضم الفساد ، تُوَلِّدُ مجتمعة أزمةَ ثقةٍ ، بين أهل الوطن ، وصناع القرار الرسمي وأجهزتهم التنفيذية .
الجدل الاقتصادي – الاجتماعي في الأردن ، مُشَوَّشٌ في كل جوانبة . رواياتٌ مُتقابلة ، تَصِفُ ما حصل أو قد يحصل . إدعاءاتٌ مُتضاربةٌ ، لا تصل بالأَفْهامِ إلى إتفاقٍ ، حول المكان ألذي تنتهي فيه الخرافةُ ، وتبدأ فيه الحقيقة .
في ظل هذا الجدل ، كلما دَقَّ كوزُ التَّغَوّلِ الظالِمِ ، بأبجدياتِ مَعاشِ الناس ، يُشْهِرً المنتفعون فزاعاتهم ، التي يتكئون عليها لتجريف الوطن وتخدير ناسه . أكثرُ فزَّاعاتِهم شهرةً وإثارةً للجدل ، أسطورة إستحالة ألإعتماد على النفس ، في بناء الوطن وترشيد رفاه أهله . مدعين ، أنه منذ البدء كان وما زال ، خياراً غيرَ قابلٍ للتطبيق . أسبابهم المعلنة ، المُبَرِّرَةِ لما يَدَّعونَه ، هو القول بشُحِّ المَوارد الطبيعية .
مرت تلك الدعاوى ، في منعطفات كثيره . إمتدت من نكران وجود الموارد إلى شحها ، ومن صعوبة ألإستثمار فيها ، الى عدم جدوى ألإستثمار . شكلت كل تلك التخصيبات ، مداخل نظرية وعربات تبريرية لإقتراض مالي مُتَفَلِّتٍ . أبقى الكثير من الإرادة السياسية ، مغلولةً إلى المخبوء في ضباب تلك الدعاوى . ثم تمدد نطاق التطبيق ، الى أشكال ومضامين أخرى غير إقتصادية ، من ميادين الحياة العامة .
فلم يعد مصطلح شح الموارد ، مقصورًا على ما في باطن الارض ، بل إمتد ليشمل الكثير من التشويهات الثقافية والمسلكية ، التي باتت بين الفينة والاخرى ، تُلَطَّخُ بها بفجاجة ، بعض اسطح الحياة العامة . كعبدة الشياطين وزواج المثليين وغيرها .
بعيدا عن صحة أو موضوعية نُتَفِ الحقائق ، التي يُثَرْثِرُ بها ألمنتفعون ، وعما في إدعاءاتهم من تضليل متعمد ، وما إشتقوا من تأويلات فرعية في أرحامها ، نقول :
- إنهم تعمدا يتغافلون عما يختزن رحم الوطن من ثروات طبيعية كثيرة ، من المعلن عنها ،النحاس واليورانيوم والصخر الزيتي والغاز ووووو. مثل هذه الموارد وغيرها يكشف زيف دعواهم .
- لا اظن انهم جهلة لدرجة انهم لم يسمعوا بحكايات نجاح تحتذى وتقتدى في تنمية الاوطان التي قد تشكو من شح في الموارد لو كانوا صادقين . أولم يسمعوا بسنغافوره ، هونج كونج ، اليابان وغيرها !!! هناك إجماع بين ذوي العقول والقلوب السليمة ، على ان في هذا الكون ، اناس قد أعطوا للأرض مواردها . فالموارد ليست في باطن الارض دائما .
- وتلك البلاد ليست حالة نادرة التكرار . فالإنسان في الاردن هو أغلى ما نملك . ألأردن ثري ليس فقط بقوات حفظ السلام في الكثير من البؤر الملتهبة في العالم . بل وثري ببناة العالم . مع الحماة هناك البناة .
- في هذا الإطار ، وصلت سواعد الأردنيين إلى كل الصحاري المحيطة ، وعلى إمتداد عشرات ألسنين . حيث وجَدوا ما يكفي من ألرعاية ، تركز ألكثير من شرايين ألحياة حول مجاميعهم . لم يكونوا مجاميع ميتة ، أو متسولة أو عالة ، بل عقولا وسواعدا تبني وتزرع وتصنع ،وتوفر الأمن والأمان لها ولمن حولها ، فإزدهرت الصحاري .
لمواجهة مشكلات هذه تأثيرات هذه السياسات ، لا بد من دولة مدنية ، أساسها المواطنة والعدالة وسيادة القانون . تتبنى بصدق رشيد مبدأ " الإعتماد على الذات " بكل مضامينه . ولخلق إقتصادٍ تنموي منتج ، لا بد من تحفيز هذا المبدأ كقناعات وتطبيقات متقنة .
فالبديل الفج " للإعتماد على الذات " ، كان الإعتماد المتزايد ، على الإستدانة والدعم المالي الخارجي . حتى أفلت وحش الإقتراض من عقاله . وتغولت كُلف الدين العام . وسادت عشوائيات إدارته . مما أدى إلى الارادة السياسية للإدارات المتعاقبة على السلطة . حتى بات الامر يستوجب ، الإسراع في تغيير التفكير في مشاكل الوطن ، بالإعتماد على الذات .
لتكريس تطبيقات الإعتماد على الذات في تنمية المجتمع وتطويره ، وتحقيق نجاحات فيها ، مهما بدت صغيرة ، لا بد من البدء في تأطير فرضيات الموازنة العامة ، التي تعاني من إختلالات بنيوية ووظيفية . بالغة الخطورة على كل الصعد . ويستلزم تغيير النمط الاستهلاكي الرسمي ، بشكل أكثر عدالة وشفافية ورشادا . وإستبدال آليات زيادة الإيرادات ، بدلا من الإقتراض وزيادة الضرائب ، بالإتجاه نحو رفع الكفاءة التشغيلية في انجاز العمل ، وفي تقرير الحاكمية الرشيدة وقواعد الشفافية والرقابة الصارمة ، على كافة المشاريع التنموية والخدمية في الوطن .