الصناعات الخشبية في حالة حرجة

حالة حرجة يمر بها قطاع الصناعات الخشبية في المملكة، بل هناك من وصفه بأنه "يحتضر”.
تلك الحالة الحرجة التي تهدد مستقبل القطاع تفاقمت في ظل ضعف تنافسيته محليا وخارجيا، وانعدام الحمائية له، وغياب الوعي الحكومي بمشاكل الصناعة وعدم الالتزام بمنح الأفضلية في العطاءات الرسمية وتزايد المستوردات”، وهي أسباب جعلت من الصناعات الخشبية على شفا حفرة الإنهيار، وفق ما أكد عاملون في القطاع.
وقال العاملون في القطاع، خلال لقاء صحفي نظمته غرفة صناعة عمان بموقع مصنع شركة "جوايكو”، إن حصة الصناعة الوطنية داخل السوق المحلية باتت تتقلص بسبب تزايد المستوردات، عدا عن تراجع صادرات القطاع بفعل الأحداث التي تشهدها دول المنطقة والتي تسببت في إغلاق أسواق تقليدية رئيسية.
وارتفعت قيمة مستوردات المملكة من الأثاث منذ عام 132 مليون دينار في 2015 إلى 151 مليون دينار خلال العام 2016.
وبلغت مستوردات المملكة من الأثاث خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الماضي 2017 ما يقارب 60 مليون دينار.
وفي المقابل، تراجعت صادرات المملكة من الأثاث خلال العام الماضي إلى 23 مليون دينار مقابل 31 مليونا للعام 2016 و43 مليون دينار لعام 2015.
ودعا العاملون الحكومة إلى ضرورة التدخل السريع من أجل إنقاذ قطاع الصناعات الخشبية الذي يوظف أكثر من حوالي 30 ألف عامل جلهم من الأردنيين، وذلك من خلال فرض رسوم حماية على المستوردات ووضع معيقات على الاستيراد أسوة بما تقوم به العديد من الدول لحماية صناعتها.
وقال مدير عام شركة جوايكو (التي تأسست قبل أكثر من 42 عاما)، مكرم قبعين، إن قطاعات الصناعات الخشبية بالمملكة تواجه العديد من التحديات التي أثرت على تنافسيته محليا وخارجيا، بسبب ارتفاع كلف الانتاج ووجود منتجات داخل السوق المحلية مستوردة تباع بأقل من كلف تصنيعها محليا.
وأضاف قبعين "في ظل التحديات التي يشهدها قطاع الصناعات الخشبية وتراجع المبيعات اضطررنا إلى إغلاق أحد المصانع التابعة للشركة من أصل 3 مصانع”، مبينا أن العام الماضي من أصعب السنوات التي مرّ بها القطاع، بسبب تزايد المستوردات وإغلاق أسواق التصدير، الأمر الذي تسبب في تسريح عدد من العمالة داخل المجموعة، ليصل مجموعها إلى 240 موظفا بدلا من 375 موظفا.
وأشار إلى وجود تحديات أخرى تواجه قطاع الصناعات الخشبية، تتمثل في ارتفاع أجور العمالة والكهرباء، إضافة إلى التسويق الخارجي وارتفاع كلف المشاركة بالمعارض المتخصصة.
وبين قبعين أن كلف إنتاج الاثاث والمكاتب بالأردن تعد الأعلى، مقارنة بالعديد من الدول، بسبب غياب الصناعات التكميلية المساندة لهذا القطاع، خصوصا التغليف.
وطالب بوضع مواصفات فنية أردنية للأثاث من خلال بطاقة بيان تعطي تفاصيل كاملة عن مكونات القطعة المستوردة وبلد المنشأ لتوعية المستهلك ومنع استيراد بضائع منخفضة السعر والجودة تلحق الضرر بالصناعة والاقتصاد الوطني.
وقال مدير عام شركة المعاني للصناعات الخشبية والأثاث، الياس قعوار، (الذي يعمل في هذا المجال منذ 35 عاما) إن قطاعات الصناعات الخشبية بالمملكة على المحك بسبب غياب المنافسة العادلة محليا مع المنتجات المستوردة التي تباع بأقل من كلف تصنيعها.
وأوضح أن العديد من الدول العربية لا تلتزم بالاتفاقيات التجارية وتقوم بوضع قيود وعراقيل على التصدير، الأمر الذي أثر سلبا على تراجع كميات التصدير إلى الأسواق العربية.
وأشار قعوار إلى أن العديد من المؤسسات الحكومية لا تلتزم بمنح الأفضلية للمنتج الأردني في عطاءات الشراء بنسبة 15 %؛ حيث تقوم بعض المؤسسات بوضع شروط وعراقيل فنية لا تنطبق على المنتج المحلي رغم أن عمليات التصنيع تتم ضمن أعلى المواصفات.
وشدد على ضرورة العمل على توعية الجهات الحكومية بحجم التحديات التي تواجه قطاع الصناعات الخشبية من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة والسريعة، التي تسهم في استمرار عمل القطاع، الذي بات يواجه مستقبلا مظلما.
وقال مدير عام شركات حجازي للأثاث والصناعات الخشبية، عبد المجيد حجازي، إن صناعة الأثاث الأردنية تصطدم اليوم بعمليات إغراق عشوائية ومنافسة شديدة وغير عادلة، جراء الاستيراد الكبير من البضائع، وبخاصة من دول الاتحاد الأوروبي وتركيا والصين ودول شرق آسيا، ما ألحق ضرارا كبيرا بالصناعة الوطنية.
وأكد حجازي أن استمرار إغراق السوق المحلية بمنتجات الأثاث المستورد وعدم قدرة المنتج المحلي على المنافسة، وإحلالها سيؤدي خلال السنوات القليلة المقبلة إلى إغلاق منشآت عاملة بالقطاع ومصانع تمتلك ماركة مسجلة للأردن بالخارج.
ودعا الحكومة إلى ضرروة التدخل السريع لإنقاذ القطاع من خلال وضع عراقيل على عمليات استيراد الأثاث، إضافة إلى فرض رسوم حماية أسوة بالعديد من الدول التي تقوم بذلك من أجل حماية صناعتها.
بدوره، قال رئيس جمعية مصدري ومنتجي الأثاث الأردنية، نزار ماضي، إن قطاع الأثاث يمر حاليا بحالة حرجة بل و”يحتضر” جراء المنافسة غير العادلة من المنتجات المستوردة سواء من دول الاتحاد الأوروبي أو تركيا والصين ودول شرق آسيا، مطالبا بإعادة النظر بمعظم الاتفاقيات التجارية الموقعة مع الخارج وتوفير الحماية للصناعة الوطنية.
وحذر من استمرار إغراق السوق المحلية بمنتجات الأثاث المستورد، في وقت تعاني فيه الصناعة الوطنية ظروفا صعبة بالتصدير، مطالبا بمبدأ المعاملة بالمثل مع الدول التي تضع قيودا على مستورداتها، وبخاصة مصر.
وأكد ماضي أن صناعة الأثاث الأردنية تضاهي العالمية وتطورت كثيرا في السنوات الأخيرة وباتت منافسة للمنتجات المستوردة وتصدر للكثير من الأسواق العالمية، وبخاصة لدول الخليج العربي.
وحسب ماضي يبلغ عدد المنشآت العاملة بقطاع الأثاث والصناعات الخشبية بعموم المملكة نحو 2800 منشأة منها 80 كبيرة ومتوسطة والباقي حرفية ومناجر صغيرة وفرت 10 آلاف فرصة عمل، وبرأسمال مسجل 65 مليون دينار.
من جانبه، أكد رئيس حملة صنع في الأردن عضو غرفة صناعة عمان، موسى الساكت، أن مؤسسات الدولة مطالبة بالإلتزام بقرار مجلس الوزراء بمنح الأفضلية للصناعة الوطنية في جميع عطاءات الشراء التي تطرحها.
وشدد الساكت على ضرورة مراقبة الحكومة لإلتزام كافة مؤسسات القطاع العام بمنح الأفضلية للمنتج الوطني وللصناعة المحلية، مؤكدا أن الصناعة الوطنية تتمتع بجودة عالية واستطاعت الدخول إلى أسواق أكثر من 130 دولة حول العالم.
وبين أن تجاهل بعض مسؤولي القطاع العام للمنتج الوطني عند طرح العطاءات يشير إلى عدم إدراكهم أهمية الصناعة الوطنية في الحفاظ على الأمن الاقتصادي والاجتماعي
وأكد عضو غرفة صناعة عمان، فتحي الجغبير، أن قطاع الأثاث والصناعات الخشبية يمر بمرحلة صعبة تتطلب وقفة جادة من الحكومة، الأمر الذي يحتم فرض حماية للقطاع من المنتجات المستوردة.
وقال الجغبير إن غرفة صناعة عمان على استعداد للمضي في تقديم طلب حماية لقطاع لصناعات الخشبية والتواصل مع وزارة الصناعة والتجارة والتموين من أجل تحقيق ذلك والحفاظ على استمرار عمل القطاع.
وطالب الحكومة بفرض حماية للصناعات الخشبية المحلية، ومعاملة الدول التي تعرقل انسياب البضائع الأردنية إلى أسواقها بالمثل، لافتا إلى أن "بعض الدول التي نرتبط معها باتفاقيات ثنائية وضعت العديد من القيود على مستورداتها من الدول العربية، لاسيما الأردن”.