بسّ لقّمة

تقول الحكاية بأن أحد كبار السن كان يعيش مع زوجته المسنّة في بيتهم القديم (حجر وطين) بعد أن زَوَج كل أبنائه وبناته واستقلوا في بيوتهم ، وكانوا ( الحجة والحجي) يعيشون حياة البساطة والبراءة والقِدم، يعني مكفيين حالهم بحالهم ، الحجي بزرع الأرض وببذرها كل سنة والحجة بتطبخ وبتشتغل بالدار (بتطبخ شوية خبيزة ، أو فطيرة سبانخ أو فطيرة حُميّض إلها وللحجي بتكفيهم طول اليوم) ويوم من الأيام كانت الحجة طابخه صينية بطاطا صغيرة على قدهم ولما جَهّزوا الأكل دخل عليهم واحد من أحفادهم عمره فوق العشر سنوات بس جسمه مليان شوي (مربرب ودبدوب ، قد حجم علي وهو صغير) ... وصار الحجي والحجة يعزموا على حفيدهم يقوم يشاركهم بالأكل وعلى قول :يالله يا جده قوم أكل ، وهو بقول :والله شبعان، أسع أكلت ..وقد ما أصرّوا عليه قام وقال :بدي أوكل بسّ لقّمة ...وشو هالحفيد ما صدّق أكل الصينية من قدام جده وجدته ،وقاموا الختيارية المساكين جوعانين ...وصار كل يوم يمرق عليهم بنفس الموعد وإذا طابخين خبيزة أو سبانخ أو أي شيء يوكله من قدامهم وعلى قول بسّ لقّمة...
فهذا هو الحال مع قرارات رفع الأسعار ، حيث يبدأ بالتمهيد بأن هذا القرار لن يمس الطبقة الفقيرة ولا حتى المتوسطة ولن يتأثر أصحاب الرواتب المتدنية بقرارات الرفع ، لكن الواقع غير فأول ما يجني حصاد الرفع هم الفقراء وأصحاب الدخل المحدود... والمشكلة بالجشع والطمع الذي يمارسه بعض التجار بمجرد أن يسمعوا بقرار الرفع أو حتى نية الرفع مباشرة يقوموا برفع أسعار المواد القديمة الموجودة عندهم وبحلف مليون يمين انه اليوم اشتراها على السعر الجديد أو أنه يحتكر هذه المواد القديمة ويخفيها حتى يثبت السعر الجديد ، (ولك إحنا ما بكفينا الحكومة والنواب ضدنا)..
حتى السيجارة اللي الفقير بفشّ غله فيها من ورا غلاء الأسعار رفعوها عليه مشان حتى فشة الغل ينحرم منها الفقير...وقال شو الحفيد بحكي : بسّ لقّمة ، هاي كيف لو بده يوكل رسمي ؟..كان أكل جده وجدته!!!..