الراحل نايف بن عبدالعزيز.. فقيدنا أيضاً!

للأمير الراحل تاريخ طويل وممتد من الحرص على العلاقات بين بلدينا الاردن والمملكة العربية السعودية، وتربطه بالكثير من رجالاتنا على مستويات المسؤولية علاقات ستظل تذكر في مجالات الأمن وغيره وفي مجال تعليم هذا النشاط والأداء والمهنة التي ظلت جامعة الامير نايف ترعاها..
ادركت عمق صلة الاردنيين بالمملكة العربية السعودية واهتمامهم بالراحل الكبير من احتشاد الآلاف من الاردنيين والشخصيات المميزة في بيت المملكة العربية السعودية (السفارة) فقد أمّت الجموع لتعزي وقد قدمت من كل انحاء المملكة مدنها وقراها وريفها وبواديها ومخيماتها تترحم على الراحل وتذكر له الكثير من الفضل..
اذكر اننا التقينا الراحل بعد احداث الحرم المكي حين تجاوز بعض الايرانيين مناسك الحج وأساوا اليها.. كان ذلك في الثمانينيات وقد اصيب البعض مما احدثه الحجاج الايرانيون ومن اندس بينهم من فوضى.. يومها جلسنا نستمع للامير نايف بن عبد العزيز وقد كان وزيراًُ للداخلية.. كان جواري الزميل احمد شاكر والراحل حسن التل الذي كان شجاعا في طرح سؤاله وقد تلقاه الامير بابتسامة وصدر رحب واستمهل الاستاذ حسن التل ليعرض شريط فيديو نهاية المؤتمر الصحفي ليدرك الحاضرون الحقيقة وكان أن فعل..
اليوم نحس بمصاب الشقيقة المملكة العربية السعودية التي فقدت علماً من اعلامها وقائداً من قادتها ظل مسؤولاً عن الأمن في أصعب الأوقات والمراحل حين عصفت بالمنطقة عواصف وتبدلات وصراعات واستقطابات وتقاطعات شرقية وغربية محلية واقليمية ودولية فقد واجه الأمير الراحل وجهازه وادارته تحديات افرازات الحرب الباردة وتوترات ما بعد حرب اكتوبر حيث جاء الى الداخلية في منتصف السبعينات وحروب الخليج كافة وتداعياتها العربية والاقليمية والدولية وما افرزته من آثار واحتقانات والحرب في أفغانستان ضد السوفييت واندحارهم ومجيء الاميركيين واحتلالهم..
كان للمملكة العربية السعودية رؤية كان موقف الأمير الراحل احد عناوينها فقد كان بنى علاقات خاصة وعميقة مع الباكستان ودول اسلامية أخرى ولم يكن يفصل بين السياسة والأمن بل كان يعتبرهما متكاملين ولذا ظل ينظر الى ما يحدث من تحديات داخل المملكة العربية السعودية وخارجها وما يدبر ضدها كجزء من عمل سياسي جرى التعبير عنه بوسائل امنية وعنيفة وغير أمنية..
لم يكن من السهل استفزاز الامير نايف أو دفعه لقرارات خاطئة ولم يكن العنف الذي استهدف المملكة العربية السعودية في عمليات ارهابية معروفة ليثنيه عن اصراره وشجاعته في الخروج الى المواقع ومعاينتها وتوجيه القيادات التي تعمل في امرته لمزيد من العمل المثمر والتغيير..
كان يجعل الطرق سالكة حتى امام من ضلوا أو أخطأوا ليجعل لهم منفذاً للتوبة والتراجع لأنه كان يدرك أن اليأس يحصد الأمل وان الخطأ جسم ينمو وان الوقاية خير من العلاج وأن التنمية والوعي هما دواء الانحراف والخروج على النظام..
الأردنيون يتحدثون عن الراحل بتقدير ومحبة واعتراف له بالفضل فقد تلاقت الأجهزة الأمنية السعودية مع الأجهزة العربية وقامت خطط استراتيجية وتصورات جرى تنفيذ الكثير منها لتعزيز الامن القومي العربي والأمن الاقليمي حين كان الأمير نايف ولسنوات طوال يوحد هذا الجهد ويرأسه ويموله ويثريه ويحرص عليه..فكانت الداخليات العربيات كوزارات أكثر ترابطاً وانسجاماً من أي وزارات أخرى وكانت خططها هي الأنجح والأكثر امكانية للتطبيق..
كان عدواً ومقاتلاً شرساً في وجه المخدرات وتلويث عقول الناشئة السعودية والعربية وكان لا يبخل في هذا المجال بأي ميزانيات لمؤسساته ولكل المؤسات العربية التي تعمل في هذا المجال..
سيبقى الأردنيون وشخصيات عديدة منهم عرفته وتعاملت معه يقدرون دوره وجهده وعطاءه التي يستحق عليها الدعاء له بالرحمة والمغفرة..