تعطيل دولاب عربة الوطن

في كل مرة ومناسبة ولقاء يجتمع فيها سيد البلاد بالمسؤولين من وزراء وأعيان ونواب وممثلين رسميين وغير رسميين يعيد جلالة الملك التأكيد على أن هناك من يضع العصا في دولاب المسيرة ويقف أمام الانجاز وينحاز لذاته، معطلا للعمل والنهضة والمسيرة، غير آبه أو مكترث لما يسببه من تدمير وخراب للوطن وأبناءه وبناته، ولم يكن يوما ليتكرر حديث الملك الصادر من وجع وألم على من أقسم على تحمل المسؤولية واذ به يرمي بها وراء ظهره، ويدير البوصلة الأهم باتجاه ذاته ومصالحه الضيقة التي تفتك وتنخر بالوطن شيئا فشيئا.
حديث قائد الوطن الأخير كان واضحا وصريحا وأبلجا، يفهمه الصغير قبل الكبير، ويعي معناه كل خائف ومنتمي، ويدرك خطورة النأي عنه كل مواطن شريف وهم كثر في هذا الوطن العزيز، حديثا لن يكون الأخير في ظل تنامي ابتعاد الكثير من المسؤولين عن واجباتهم الوطنية وحق الوطن عليهم، فالأوراق النقاشية التي جاءت بطريقة ديموقراطية تشاركية بين القائد وشعبه، لم تطبق على خطط وتوجهات الوطن الحقيقية والصحيحة، ولعل كون الأمر جاء بهذه الطريقة الراقية جديدة المنهج، لاتروق للبعض ممن يرون أن ادارة شؤون الوطن هي ادارة أشخاص لايهمهم الا مصالحهم الشخصية، التي يسعون لنيلها عبر كل متاح في ضوء النهار أو في عتمة ليل الوطن وليل الوطن ليس له الا أن يكون مشرقا منيرا بقمر هاشمي متسامح كريم.
فلو أن الاوراق النقاشية كانت بطريقة الزامية لهرول الكثير ممن لايزنون غثاء السيل لتطبيقها ليس احتراما أو خوفا، بل حماية لبقائهم على كراسي المنفعة والنفع غير الشريف أو النظيف، ولكن نهج الهاشميين في هذا الوطن ومنذ تشرف الوطن باعتلائهم لعرشه المجيد، وهم من الناس وللناس وبالناس، ولعل هذا النهج طارئء أو غير مستاغ من قبل من يرون أن الوطن بقرة حلوب، يمتصون من ضروعها ليلا ونهارا لبنا سائغا نقيا طاهرا كطهر تراب الوطن وابناءه وقيادته.
من يمسكون عصا العناد أو الفساد في وطن يئن ويتألم من ضغوط هددت في لحظة من اللحظات وجوده وبقاءه، لايرون أن للصبر حدودا وأن لكل بداية نهاية، وكم هم غائبون أو مغيبوا العقل والضمير، عندما يعتقدون أنهم سيبقون على نهج اسمع وارمي خلف ظهري، فكما أنتم على نهج أعوج وغير مستقيم، فالوطن وابناؤه وبناته يسيرون على خط ثابت غير ذي عوج، خطه ورسمه قائد الوطن معهم وتعاهدوا عليه فطرة وانتماءا.
عربة الوطن والملك ستسير في اتجاهها الذي أراده سيد البلاد بخطى ثابتة بوصلتها مصلحة الوطن وبقاؤه، واتجاهها محدد المعالم وواضح الطريق والرؤية، وهدفها مشرق ومشعَ ووصوله أكيد ومؤكد، ولهؤلاء العابرون على صفحات الوطن وتاريخه المجيد أن يختاروا وكما قال الملك في لقاءاته العمل برشد أو الرحيل، فلا مكان لمن لا يتحمل مسؤولياته بكل أمانة وانتماء ووطنية.
كلمات الملك ليست مجرد حديث ولقاء، بل هي نهج وخطة عمل، والحديث المكرر من سيد البلاد عن ذات المواضيع وشخوصها وتعطَل الآليات والخطط، يشير الى أن المواطن اليوم عليه أن يمارس دوره الوطني الحقيقي بالانتماء والمواطنة الحقَة، بدءا من بناء نفسه وأسرته بناءا نموذجيا، عين على ذاته وأسرته وأخرى على وطنه وترابه الطهور، وانتهاءا بصدق خياراته واختياراته في من يمثله أو ينوب عنه، فكم تتحدد معالم الطريق الصحيح والواضح عندما يتحمل كل مسؤولياته، ولنرح سيد البلاد ونخفف عنه ما يتحمله من عبء أقل مايمكن أن يقال فيه، انه ثقيل ومتعب.