آفاق اقتصادية للعام 2018

التوقعات الاقتصادية العالمية تشير إلى أن العام 2018 هو استمرار للتحوُّل نحو حلقة النمو الاقتصادي على المستوى العالمي، فجميع المؤشرات الكلية للاقتصاد العالمي تشير إلى تحقيق معدلات نمو إيجابية. خبراء مجموعة جولدمن ساكس العالمية Goldman Sachs يتوقعون أن يحقق الاقتصاد العالمي ككل نموا اقتصاديا حقيقيا يصل إلى 4 % في العام 2018، ما يعني استمرار حلقة النمو الاقتصادي الإيجابي الذي بدأ في نهاية العام 2015 واستمر بشكل جيد في العام 2017 ومن المتوقَّع أن يتعزز في العام المقبل. والمهم أن الخبراء يتوقعون نموا حقيقيا في الإنتاجية وانخفاضا في معدلات البطالة العالمية، ليس فقط على مستوى الدول المتقدمة، بل وعلى مستوى الاقتصادات الناشئة وخاصة الصين والهند والبرازيل وكوريا الجنوبية.
بيد أن المتوقع ألا تصل معدلات التضخم إلى المستوى المستهدف من البنوك المركزية، ما يعني أنَّ سمات التباطؤ الاقتصادية ما زالت قائمة، وإن كانت بشكل أقل بكثير مِمَّا هو متوقع أو ممَّا حدث سابقاً.
على صعيد آخر فإنَّ توقعات صندوق النقد الدولي لآفاق العام المقبل تتفق تماما مع التحليل السابق، مع تفاؤل أقل فيما يتعلق بنسب النمو، حيث تشير توقعات الصندوق إلى أنَّ النمو الاقتصادي الكلي الحقيقي العالمي قد يصل إلى 3.7 % مقابل 3.6 % للعام 2017. وعلى الرغم من أن نسبة النمو أقل مما سبق الإشارة إليه في توقعات خبراء ساكس، بيد أن الإشارة هنا إلى أن الاقتصاد العالمي عاد إلى وتيرة النمو المستمر.
الشاهد من هذا كله هو أن الاقتصاد العالمي يتوجه نحو استمرار زخم النمو، وإن كان بشكل بطيء نسبيا، وأن الدورة الاقتصادية بدأت تتحول من محور التباطؤ والركود إلى محور النمو والانتعاش.
إن استمرار ذلك سيعني بالضرورة أننا سندخل العشرية الثالثة من هذا القرن بدورة اقتصادية انتعاشية توسعية.
وبالعودة إلى آفاق العام 2018، فإنَّ توقعات صندوق النقد الدولي تشير إلى أنَّ النمو سيصل إلى نحو 5.1% في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي نسبة متفائلة إذا ما قيست بالنسبة المتوقعة للعام 2017 والبالغة 2.6 % فقط، ما يعني أنَّ من المتوقع للمنطقة تحقيق معدلات نمو حقيقية متميزة تفوق المتوسط العالمي العام.
ولعل ما يعزز ذلك هو تحسُّن أسعار النفط من جهة، ولكن الأهم هو الأسباب المرتبطة بتنويع القاعدة الإنتاجية في المنطقة وخاصة في دول الخليج، وجذب المزيد من الاستثمارات المتنوعة إليها، وتحسُّن الوضع الاقتصادي في منطقة الخليج والعراق وفي كلٍّ من مصر ومنطقة المغرب العربي، التي يُتوقَّع لها أن تحقق نتائج اقتصادية متميزة تساعد على عودة زخم النمو الى المنطقة بعد طول انتظار تخللته الأزمة المالية العالمية وارهاصات ما سُمِّي بالربيع العربي. ولعل التطورات الإيجابية التي تشهدها الأزمتان؛ السورية والعراقية على أرض الواقع هي بمثابة محفزات أخرى لتحقيق نمو أفضل في منطقة الجوار الأردني.
ومن هنا، فإنَّ التوقُّعات والدلائل القائمة تشير إلى أن الاقتصاد الأردني مقبل على أوضاع اقتصادية إيجابية، ما يجعل من تحقيق نسبة النمو التي فرضتها الموازنة العامة للعام 2018 والبالغة 3 % قابلة للتحقيق، بل ويمكن تجاوزها إذا ما استمرت الحكومة في سياساتها الحالية الإيجابية مع القطاع الخاص وتواصلها الإيجابي مع الشركاء الرئيسين للأردن على مستوى المنطقة والعالم.
مؤشرات الواقع والتوقعات تدعو إلى تفاؤل مدروس فيما سيواجهه الاقتصاد الأردني، والأمل أن نستغل الفرص المتاحة، وخاصة في دول الجوار، لتحقيق معدلات نمو تتجاوز المتوقَّع عبر قنوات تُوَسِّعُ القائم من الاستثمارات، وتجذب الجديد منها وفق سياسة انفتاحية تستمر في التعامل مع المعوقات التي تشير إليها تقارير التنافسية الدولية وتقرير سهولة البدء بالأعمال.
البيئة الاقتصادية الأردنية واعدة، والتوقعات القادمة من المنطقة والعالم إيجابية، وجميعها يشير إلى أننا أمام بداية انطلاقة جديدة للاقتصاد الأردني بإذن الله، وكل عام وأنتم بخير بحلول العام 2018.