دعوات للاعتماد على النفس والبحث عن تحالفات جديدة لمواجهة تهديدات ترامب
أكد اقتصاديون أن الأردن سيكون في مواجهة مرحلة تزيد الأوضاع الاقتصادية سوءا في حال نفذ الرئيس الأميركي تهديده بوقف المساعدات عن الدول التي صوتت ضد بلاده على قرار يدين اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي خصوصا أن الولايات المتحدة تعتبر المانح الأكبر للمملكة.
وشدد هؤلاء على ضرورة أن يجد الأردن بدائل يستند إليها، كايجاد آليات تنفيذية لادارة اقتصاده، وتحسين العلاقات مع دول الإقليم.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب وجه الأربعاء الماضي تحذيرا شديد اللهجة إلى الدول التي ستصوت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يدين اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي ، متوعدا بوقف التمويل الأميركي لها. وقال "إننا نراقب هذا التصويت"، منددا بـ"كل تلك الدول التي تأخذ مالنا ثم تصوت ضدنا في مجلس الأمن".
وكان الأردن من بين الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي صوتت ضد قرار الترامب الأخير.
وخلال الأعوام الثلاثة الاخيرة التزمت الولايات المتحدة مع الأردن بتقديم مساعدات سنوية بحجم مليار دولار (اقتصادية وعسكرية) ضمن مذكرة تفاهم بدأت في 2015 وتنتهي العام الحالي، فيما كانت تقدم مساعدات إضافية بلغت العام 2015 حوالي 273 مليون دولار وفي العام 2016 قدرت بـ 250 مليون دولار.
وخلال العام الحالي قدمت الولايات المتحدة مساعدات اقتصادية (غير عسكرية) بحجم 812 مليون دولار وذلك بزيادة تبلغ حوالي 212 مليون دولار عن القيمة التأشيرية للمساعدات الاقتصادية الواردة في مذكرة التفاهم فيما كان من المفترض أن يكون هناك مبلغ محدد لم يتم الإعلان عنه حتى الآن لتغطية تكاليف ضمانات قروض.
فيما كان من المفترض أن يتم في الفترة المقبلة التوقيع على مذكرة تفاهم جديدة لخمس سنوات مقبلة، تقدم من خلالها الولايات المتحدة مساعدات سنوية تقدر بحوالي 1.2 مليار دولار تتوزع على مساعدات اقتصادية وعسكرية.
الخبير الاقتصادي مفلح عقل قال إن "ترامب وضع الدول العربية ومنها الأردن في موقف صعب لأنها لاتستطيع إلا أن تدعم القرار وفي الوقت ذاته هي عرضة لوقف المساعدات".
ورأى أن قرار ترامب لن يكون جديا وفي حال تطبيقه فإنه سيطبق على دول علاقاتها هامشية مع الولايات المتحدة وليس من تربطها بها علاقات استراتيجية طويلة الأمد.
خلافا لذلك؛ قال عقل إن "الأردن سيكون في مأزق اقتصادي لأن ذلك سيحدث زيادة في عجز الموازنة وتوقف وتأجيل لمشاريع نتيجة لنقص في تمويلها على اعتبار أن الحجم الأكبر من المساعدات المتدفقة إلى موازنة الحكومة هي أميركية".
وأقرت الحكومة الشهر الماضي مشروع موازنتها للعام المقبل بحجم اجمالي مصنف تحت بند النفقات العامة يصل إلى 9 مليارات و39 مليون دينار موزعة على 7.88 مليار دينار نفقات جارية و1.1 مليار دينار نفقات رأسمالية.
وقدرت الموازنة العامة أن تحصل الخزينة خلال السنة المالية المقبلة على 8.49 مليار دينار منها 7.9 مليارات دينار إيرادات محلية، فيما تتوقع أن يصل حجم المنح الخارجية 700 مليون دينار وعلى ضوء تلك المعطيات، فإن العجز المقدر للعام المقبل سيصل الى 543.3 مليون دينار
وزير تطوير القطاع العام الأسبق ماهر مدادحة اتفق مع عقل بقوله أن ما يتحدث عنه ترامب هو تلويح لا أكثر لان علاقة الأردن مع الولايات المتحدة استراتيجية وليست مبنية على موقف معين.
وقال مدادحة " في حال وصل الأمر إلى ما يهدد به الرئيس الأميركي فإن ذلك يعتبر "طلاقا سياسيا" يفشل علاقة استراتيجية قديمة، يرتب تبعات اقتصادية كبيرة على الأردن حيث تعد الولايات المتحدة من أكبر المانحين للأردن".
وبين أن الأثر المباشر سيكون بزيادة العجز وتراجع في تنفيذ المشاريع لأن هذه المساعدات منها ما يذهب إلى تمويل مشاريع إلى جانب ما يذهب منها مباشرة إلى دعم الموازنة.
أما عن البدائل المتاحة أمام الأردن في حال واجه قرارا بقطع المساعدات الأميركية عنه، فإنه سيكون مضطرا للبحث عن إيرادات تعوض هذه المساعدات غالبا ستكون من خلال ضرائب جديدة إلى جانب مصادر تمويل خارجية أخرى رغم صعوبة التوصل إلى ممول يمد الأردن بحجم المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة، ما سيزيد الوضع الاقتصادي للمملكة تعقيدا.
من جهته قال الخبير الاقتصادي زيان زوانة إنه "على الأردن الاعتماد على ذاته في إدارة أموره الاقتصادية في ظل الانقلاب في العلاقات الاقليمية التي تمر بها المنطقة والعالم حاليا، وتغير العلاقات التي كان الأردن يراهن عليها".
وبين أن هذا الشعار يحتاج إلى آليات عمل تنفيذية قادرة عل التغلب على تبعات انقطاع أو حتى تراجع المساعدات الخارجية ، مؤكدا أن لدى الأردن المنعة الكافية التي تمكنه من الحفاظ على مصالح الاستراتيجية التي لا يتنازل عنها "مقابل حفنة دولارات"
كما دعا زوانة إلى الحفاظ على العلاقات الايجابية مع كل دول الإقليم حيث لاتوجد عداوة مستحكمة مع اي منها وان شاب العلاقة مع بعضها توترات نتيجة ظروف المنطقة.
ويشار هنا الى أنّ الولايات المتحدة التزمت مع الأردن لمدة 5 سنوات بين 2009 إلى 2014 قدمت خلالها 660 مليون دولار سنويا. كما كانت قد قدمت للأردن ضمانات قروض وصلت إلى حوالي 3.75 مليار دولار منها العام 2013 (أثناء رئاسة أوباما) حيث تم تقديم 120 مليون دولار لضمان 1.250 مليار دولار، وفي العام 2014 قدمت 72 مليونا لضمان 1 مليار، وفي 2015 قدمت 221 مليونا لضمان 1.5 مليار دولار.