ملك العرب في مواجهة ملك الصهاينة
منذ الإرهاصات الأولى لقرار الرئيس الأمريكي الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني بدأ الملك عبدالله الثاني زيارة للولايات المتحدة، وأعقبها بزيارة لتركيا بعد تأكده من القرار الأمريكي، وبعد الإعلان بدأت وسائل الإعلام الأردنية ببث مباشر لبيان وشرح خطورة القرار الأمريكي، وانتفضت الهيئات الدبلوماسية الإردنية بطلب دعوة الانعقاد لمجلس الأمن ومجلس وزراء خارجية الدول العربية وقمة مجلس التعاون الإسلامي ، بالإضافة للاتصالات الهاتفية مع عدد من الزعماء العرب والمسلمين وغيرهم، وقبل ذلك الرفض الواضح للإعلان الأمريكي، كما وخرجت مظاهرات الاحتجاج والرفض في كل مناطق الأردن وبطلب رسمي وحماية أمنية، وتخصيص جلسات مجلس النواب لذلك ...ألخ.
إن الاستهداف والتحرش الإسرائيلي للأردن لم يكن حديثاً ؛ فهنالك الكثير من الانتهاكات للاتفاقيات الموقعة بين البلدين؛ ومنها استشهاد القاضي زعيتر ، واستهداف الوصاية الهاشمية للمقدسات ، وجريمة حارس السفارة الإسرائيلية في عمان، واستضافة ورعاية مؤتمر ما يسمى بالتحالف الأردني المعارض، وغيرها العديد .
ما يقوم به الأردن حالياً موقف أصيل ينبع من روحه العربية والإسلامية والعلاقات التاريخية ووشائج النسب والقربى والمصالح المشتركة ما بين الشعبين الفلسطيني والأردني، واستناداً إلى الأردث التاريخي للدور الهاشمي ، والتضحيات الأردنية على ثرى فلسطين ،وقد عبر عن هذا التلاحم والدعم المؤسسات الشعبية والحزبية في الأردن على اختلاف مسمياتها.
إن المواجهة الحالية الأردنية والصهيونية سيكون لها الكثير من الآثار والتبعات على جميع الأصعدة ، والأردن في هذه المواجهة إنما يمثل رأس حربة لعمقه العربي والإسلامي ؛ وإزاء ذلك ينبغي فعل ما يلي داخلياً :
1. الدعم الشعبي الداخلي الصريح والواضح للموقف الأردني، والذي يمثله الملك عبدالله الثاني .
2. إعادة تدريس مادة القضية الفلسطينية للصف الثاني الثانوي في كافة فروعة .
3. إعادة تفعيل قانون خدمة العلم، ولكن الاقتصار على مدة تدريبية أي ثلاثة أشهر فقط.
4. تفعيل عقيدة أن الدولة الصهيونية هي العدو الأول للدولة الأردنية وذلك في كافة المؤسسات الرسمية _ المدنية والعسكرية _ ، وكل في اختصاصه، ومراعاة ذلك في الخطط ، ثم إعادة النظر في كل الاتفاقيات الموقعة مع الدولة الصهيونية.
ولعل المواجهة الحالية وما سينتج عنها من أخطر المواقف الوجودية على الأردن والقضية الفلسطينية ، وستحشد الصهيونية العالمية كل أدواتها للظفر والنصر، ولكن نسأل الله أن يهزم الجمع ويولون الدبر.
وإن كان التاريخ يعيد نفسه ، فهل ستكون المواجهة الحالية شبيهة بما كان في زمن صلاح الدين الأيوبي من نقض أرناط حاكم الكرك الصليبي العهود والمواثيق، وإغارته على القوافل، وأسر الحرائر، ثم عقده العزم والنية التوجه للمدينة المنورة لنبش قبر الرسول _صلى الله عليه وسلم _؟ فما كان من الأقاليم الإسلامية _ اليمن ومصر والعراق والشام والكرد والترك والمغاربة _ إلا حشد المجاهدين ثم المواجهة المسلحة، والتي أعقبها الفوز والظفر. وما أشبه اليوم بالبارحة ؟ وما ذلك على الله بعزيز، وإن عيون الأمة الآن شاخصة على قمة اسطنبول، فلعلها تكن بداية الخير.