تغريدة فرنسية .. أو قُلّ كيد النساء!

في فرنسا ما تزال «التغريدة» التي كتبتها صديقة الرئيس الفرنسي الجديد «ليس زوجته» فاليري ترير فيلر، على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» تشغل الساحة السياسية الفرنسية وخصوصاً داخل الحزب الاشتراكي الذي ينتمي اليه فرانسوا هولاند والذي أحرز نتائج طيبة في جولة الانتخابات البرلمانية الأولى والتي يأمل ان تأتي له الجولة الثانية بعد أسبوع بفوز كبير يؤهله للسيطرة على السلطتين التنفيذية والتشريعية، وبالتالي يُمكّن هولاند من تنفيذ برنامجه الذي يرى انه قادر على اخراج فرنسا من أزمتها المالية والاقتصادية المتفاقمة والناتجة في الاساس عن برنامج «الشراكة» الذي انخرط فيها سلفه ساركوزي مع المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل.

تغريدة السيدة الأولى (رغم انها ليست في وضع الزوجة) ربما كانت لتمر ككل تغريداتها كونها صحافية ونشطة اجتماعياً ووجهاً معروفاً في فرنسا وخصوصاً زيجاتها الثلاث الفاشلة قبل ان تنجح في «إقصاء» سيغولين رويال عن «قلب» هولاند الذي أقام معها علاقة سريّة فيما كان لا يزال «يساكن» رويال التي انجب منها أربعة أبناء (دون زواج) إلى أن انفصل عنها رسمياً بعد ان «رسبت» هي الأخرى في معركة التنافس على رئاسة الجمهورية في مواجهة نيكولا ساركوزي (2007)..

ليست «الزيجات» هي موضوعنا بل للحديث، عما تفعله النساء في دوائر القصر ومحيطه، فصديقة الرئيس الفرنسي التي ترافقه في زياراته الخارجية وتواصل الظهور الى جانبه في نشاطاته الداخلية، اختارت ان تدعم مرشحاً اشتراكياً لم يصل إلى المرتبة الأولى التي تسمح له - أخلاقياً وشكلانياً - بالمنافسة على جولة الاعادة، فيما سيغولين رويال (الاشتراكية هي الأخرى) تجاوزته بنسبة تزيد على 8% من الأصوات التي حصل عليها ولهذا لم ينسحب لصالحها كي يساندها في مواجهة مرشح الاتحاد من أجل الجمهورية المنافس (حزب ساركوزي) ولهذا «غرّدت» له داعمة، صديقة هولاند ضد صديقته السابقة وأم أولاده، ما أثار ردود أفعال متباينة داخل صفوف الحزب الاشتراكي وعمّا إذا كان موقفها جاء بتنسيق (أو معرفة) الرئيس هولاند أم أنه مجرد «كيد نساء» تريد من ورائه الصحافية (صديقة الرئيس) تسريع أفول نجم صديقة صديقها «السابقة» وعدم السماح لها بتجديد مستقبلها السياسي وخصوصاً أن سيغولين رويال أعلنت انها ستُرشح نفسها لرئاسة الجمعية الوطنية (البرلمان) حتى قبل أن تضمن لنفسها المقعد الذي تنافس عليه والذي بات الخطر يتهدده الآن أكثر من أي وقت مضى..

تأثير النساء في القصر وأروقته كما في الحكم ودهاليزه، ليس جديداً بل تكاد الحكايات تتجاوز حدود المعقول، إلى ما يمكن القول بغير مبالغة ان زوجات الحكام أو بناتهم او زوجات أبنائهم كن أصحاب القرار وان كانت تلك القرارات «تُمهر» بتوقيع الحاكم أيّاً كان اسمه، خذ مثلاً... تاتيانا ابنة يلتسين الكبرى هي المثال الأسطع في سنواتنا الحديثة التي أحاطت نفسها بعصابة كان اسمها «العائلة» وهي التي أوصلت روسيا إلى حافة الافلاس والتفكك.

حتى لا ننسى سوزان ثابت، وما جلبته على بطل «الضربة الجوية» في النهاية، من مهانة وإذلال فقط لأنها أرادت أن تضمن لنجلها الأصغر (جمال) كرسي الرئاسة في قصر العروبة، والنتيجة لا تزال تعرض على العالم بالصوت والصورة منذ 25 يناير 2011 حتى الآن..

ماذا عن ليلى الطرابلسي؟

حدّث ولا حرج، فالحكايات تترى والأسرار تتكشف وكل ما يكن أن يزيد من الفضائح انكشافاً آخذ في التشكّل والبروز..

لكن تبقى حكاية امرأة إسرائيلية لها تأثير من نوع خاص...

هذه المرأة اسمها سارة، وكانت تعمل مضيفة طيران على شركة «العال» الإسرائيلية، أعجب بها بنيامين نتنياهو فتزوجها، بعد أن طُلّق زوجته الأولى، وفيما كان نجم نتنياهو يسطع في فضاء السياسة الإسرائيلية، كانت سارة تهيمن على الصورة الزاهية، التي واصل زوجها «تصميمها» لنفسه، وخصوصاً انه خبير في العلاقات العامّة والمراوغة، ولم توفرها الصحافة الإسرائيلية وواصلت كشف حجم التأثير الذي تمارسه على زوجها وقراراته، وبخاصة بعد أن وصل إلى رئاسة الوزراء (الأولى) في العام 1996 وكيف انها تختار وتُعيّن المساعدين والمديرين، وكل ما يعمل في ديوانه، وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية وغيرها أن سارة هي من تحكم الدولة بل وتنكل ليس فقط بـ»الخادمة» التي تعمل لديها وهي إسرائيلية بالمناسبة، بل بكل من لا يعجبها أو حتى لا تعجبها زوجته.. أضف إلى ذلك، ما كشفته الصحف الإسرائيلية عن ولع سارة ونتنياهو بالسفر وأجنحة الفنادق الضخمة بل وحتى إجراء تعديلات في طائرة رئاسة الوزراء على نحو يسمح بوضع سرير مزدوج في الدرجة الأولى كي يناما معاً أثناء الرحلة.

آخر «اعترافات» نتنياهو عن تأثير سارة (التي تصف نفسها بسيدة إسرائيل الأولى رغم ان لا تسمية كهذه في إسرائيل)، هو (وبعد أن امتدح خصال زوجته)، تأكيده – ولأوّل مرّة – أن خضوعه لشروط حركة حماس في صفقة شاليط، جاء في الأساس نتيجة ضغوط «سارة» دون غيرها..

كيد النساء، أو ضعف الرجال، أو أي شيء تصفونه.. هذا هو المشهد وهذه بعض تجليّاته..