الأردن أول دولة عربية تطلق استراتيجية للاشتمال المالي

أعلن محافظ البنك المركزي الدكتور زياد فريز، عن إطلاق استراتيجية الاشتمال المالي، والتي تعد خريطة طريق نحو تنفيذ سياسات وبرامج ومبادرات وطنية شاملة ومعززة للنمو الاقتصاد، مؤكدا أن الأردن أول دولة عربية تطلق الاستراتيجية الوطنية للاشتمال المالي.
جاء ذلك خلال الحفل الذي أقيم بحضور رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي، مندوب جلالة الملك عبدالله الثاني، والذي أكد فيه فريز أن إطلاق استراتيجية الاشتمال المالي تمثل أعلى درجات الالتزام من مؤسسات الدولة ومن الحكومة لخلق بيئة تشريعية وتقنية تمكن الأفراد والمؤسسات من الادخار والاستثمار للحصول على القروض اللازمة بحسب حجم المؤسسة.
وبين المحافظ أن الاستراتيجية توفر استخدام خدمات التحويلات المالية الآمنة من خلال القنوات الرسمية، وغيرها من الخدمات المالية التي ستنعكس إيجاباً على رفع مستويات الدخل وتحسين المستوى المعيشي، ما يمكن الأفراد والعائلات الأردنية من الخروج من حالات الفقر، وبناء أصول مالية بمخاطر أقل، وبالتالي بناء مستقبل أكثر إشراقاً.
وأشار فريز إلى أن الحكومة جادة وملتزمة بتطبيق سياسات وبرامج طموحة تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وتنمية اقتصادية واجتماعية شاملة تستهدف كافة القطاعات وجميع شرائح المجتمع، مبينا أن تعزيز وتعميق الاشتمال المالي يعتبر احد ممكنات النمو الاقتصادي، لما يتيح للأفراد وقطاع الأعمال الوصول إلى الخدمات والمنتجات المالية بحسب احتياجاتهم من خلال مؤسسات مالية رسمية تقدم هذه الخدمات بأعلى درجات المسؤولية.
وأكد فريز أن الاشتمال المالي يعزز النمو المستدام، والذي يمكّن الجميع من المشاركة في عوائد التنمية والاستفادة منها، وتعزيز المشاركة الاقتصادية والاجتماعية social cohesion، ويقلل من مستويات الفقر والبطالة والتفاوت الكبير في الدخول وتحسين المستوى المعيشي ما ينعكس ايجاباً على جميع محاور التنمية المختلفة كالتعليم والصحة.
وأضاف "يساهم الاشتمال المالي في رأب الهوة الجندرية، وتمكين الشباب من بناء مستقبل زاهر، ويأتي ذلك بالتوافق مع الأجندة الوطنية والرؤى الملكية السامية. وهناك يكمن السبب الرئيس خلف تكاتف الجهود، والعمل المشترك لكافة مؤسسات الدولة في القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني في رسم السياسات، والبرامج، وفي تصميم هذه الاستراتيجية".
وبين المحافظ فريز أن الدراسات الدولية أشارت عامي 2014 و 2015 الى تدني نسب الاشتمال المالي للبالغين في الأردن وقد جاءت أقل من 25 %، علاوة على استمرار ارتفاع نسب البطالة والفقر بين فئات المجتمع الأردني، ناهيك عن التحديات الاقتصادية والامنية جراء حالة عدم الاستقرار في الدول المجاورة، مشيرا إلى عمل البنك المركزي للتصدي لمشكلة الاقصاء المالي، ووضع أهداف وسياسات الاشتمال المالي ضمن اطار وطني لما يتمتع به الجهاز المالي والمصرفي من المتانة والقوة والسيولة، وببنية تحتية الكترونية شاملة تمكن من تزويد الافراد والشركات والحكومة بالخدمات المالية الرقمية، وبيئة تشريعية شاملة تتميز بالمرونة والمتانة للتعامل مع التطورات والابتكارات في الخدمات المالية التكنولوجية.
وشدد فريز على أن استراتيجية الاشتمال المالي تستهدف الشرائح غير المخدومة او المخدومة بمحدودية، وبشكل خاص الشباب عماد ومستقبل الوطن، والنساء لتمكينهن مالياً وتعزيز مشاركتهن الاقتصادية وسد الفجوة الجندرية، واللاجئين وضيوف الوطن.
وقال " يشاركنا عدد من الهيئات الدولية والمانحين هذا الاهتمام، حيث تم مؤخراً الموافقة على منح البنك المركزي الأردني منحة من مؤسسة بيل آند ميليندا غيتس بقيمة (3 ملايين دولار اميركي) لدعم الوصول المالي الرقمي للفئات الاكثر فقراً وللاجئين Mobil Money for Resilience MM4R الاول من نوعه لمؤسسة غيتس في العالم، والاول للمؤسسة في الاردن، ونطمح لتحقيق قصة نجاح عالمية في هذا الخصوص لتمكين دول العالم الاخرى من انتهاج نفس البرامج والمبادرات لمعالجة الاقصاء المالي للفقراء والاستجابة للاحتياجات الانسانية الطارئة. كما تشمل الاستراتيجية الوطنية قطاعات متنوعة، من قطاع التمويل الأصغر، إلى قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs)، وكافة الخدمات المالية الرقمية، علاوة على ذلك، وللتأكيد على حفظ وضمان حقوق المستهلك المالي، فقد عنيت الاستراتيجية باضافة محور حماية المستهلك لوضع الضوابط والسياسات اللازمة لضمان حقوق جميع الاطراف والتأكيد على ضرورة تطوير وعي المستهلك المالي، وتوضيح الحقوق والواجبات لجميع الاطراف، بحسب ما ذكر فريز.
وحول مراحل العمل على استراتيجية الاشتمال المالي، قال "خلال العامين السابقين عملنا على المعززات والممكنات ابتداء من البيئة التشريعية، الى تنفيذ برامج التثقيف المالي في المدارس وبرامج رفع الوعي المالي، وتطوير قوانين خاصة بحماية المستهلك المالي ومأسسة عمله، وبناء قاعدة بيانات شاملة تزودنا بالقدرة على المتابعة الحثيثة ومراقبة التطورات وأية انحرافات عن القيم المستهدفة ورسم سياسات مبنية على حقائق وأدلة، كما اطلقنا برنامج الثقافة المالية في المدارس قبل عامين".
وأشار فريز الى أنه تم اطلاق مبادرة وطنية لتطوير الابداعات والابتكارات التكنولوجية المالية بما يدعم ويعزز من مكانة الاردن كمركز اقلمي وعالمي في الابتكار والابداع وفي نوعية الخدمات المالية التكنولوجية، مبينا أن المركزي سيطلق قريبا بالتعاون مع البنك الدولي الاطار الناظم للمختبر بهدف ايجاد بيئة حاضنة لرواد الاعمال والمطورين للتطبيقات المالية الرقمية تتيح لهم فحص ابتكاراتهم في بيئة آمنة ومضبوطة بمساعدة وارشاد وتوجيه البنك المركزي الاردني واللجنة الوطنية لدعم التكنولوجيا المالية.
وتابع فريز قائلا "ولتحفيز الرياديين والمبدعين ايضاً، تم انشاء الصندوق الاردني للريادة بقيمة 98 مليون دولار، تم وضع الاساس لهذا الصندوق وتحديد اعضاء مجلس ادارته، وسوف يتم قريباً البدء بالاستثمار في رؤوس أموال مشاريع ابتكارية ناشئة".
وحول نتائج الجهود التي بذلها المركزي الاردني في تعزيز الاشتمال المالي، قال إن شركة استشارات سويسرية قامت بها في خلال عام 2017 وتظهر النتائج ارتفاعاً بنسبة 2.6 % سنوياً لتصل نسبة الاشتمال المالي الى 33.1 % مقارنة بنسبة 24.6 % عام 2015، كما اظهرت نتائج الدراسة تحسناً في نسبة الاشتمال المالي للمرأة وتقليل الفجوة الجندرية.
وسوف تبدأ رسمياً رحلة التنفيذ والتطبيق والمتابعة الحثيثة بالاستناد الى الاستراتيجية الوطنية للاشتمال المالي واهدافها الطموحة اليوم بمشاركة شركائنا الرئيسيين الذين عملوا معنا خلال العامين السابقين وهم: (وزارة المالية، وزارة التخطيط والتعاون الدولي، وزارة العمل، وزارة التربية والتعليم، جمعية البنوك).
وثمن فريز الدعم الفني الذي قدمته "الوكالة الالمانية للتعاون الدولي (GIZ) نيابة عن الوزارة الألمانية الفدرالية للتعاون الاقتصادي والتنمية (BMZ، والاتحاد الاوروبي الذي يمول هذا المشروع الهام، وتحالف الاشتمال المالي الذي يدعم كافة الدول لتحسين مستويات الاشتمال المالي على مستوى العالم).
وأشار المحافظ فريز إلى المبادرة العربية الاقليمية للاشتمال المالي والتي تبناها صندوق النقد العربي بدعم من مجلس محافظي البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية، مشيرا الى أنه تم الاعلان عنها العام الماضي في البحر الميت.
من جهته، أكد سفير الاتحاد الأوروبي لدى المملكة اندريا فونتانا ان هذا اليوم علامة فارقة في تعزيز التنمية الشاملة في الأردن، مبديا ترحيبه بكل الجهود التي يبذلها البنك المركزي الأردني لتطوير واطلاق هذه الاستراتيجية.
وقال ان التنمية الاقتصادية المستدامة هي حجر الزاوية لمستقبل الاردن وازدهاره، مضيفا أن هذا الامر يقع في لب الشراكة بين الاتحاد الاوروبي والاردن، مؤكدا دعم الاتحاد لتعزيز دور القطاع الخاص في الاردن في التنمية الشاملة والفرص الاقتصادية، لافتا إلى أن الاتحاد الاوروبي استثمر اكثر من 150 مليون يورو في مجال تنمية دور القطاع الخاص.
وقال نحن نؤمن انه لا يمكن تحقيق النمو الشامل بدون الاشتمال المالي وهو مهم ايضا لتنمية القطاع الخاص وفرص التشغيل، لافتا إلى ان الاتحاد الأوروبي دعم وسيدعم الحكومة الأردنية في جهودها لتعزيز عملية الاشتمال المالي.
واشار الى ان حجم المساعدات التي يقدمها الاتحاد الاوروبي للحكومة الاردنية لتعزيز الاشتمال المالي من خلال تحسين الحوكمة وفرص الوصول الى التمويل متناهي الصغر في الاردن يبلغ 35 مليون يورو.
من جهته، أكد القائم بأعمال السفارة الألمانية في الاردن رالف شوير، أن الحكومة الالمانية من خلال الوكالة الالمانية تتعاون مع الحكومة الاردنية ومع حكومات فلسطين ومصر وتونس والمغرب حول العديد من القضايا المالية بما فيها دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمرأة واللاجئين.
كما اكد ان الحكومة ومن خلال هذه المشاريع تهدف الى تحسين شروط الحصول على الخدمات المالية للشباب والمرأة واللاجئين ومحدودي الدخل في هذه الدول.
وقال ان المانيا تقدم دعما فنيا على عدة اصعدة في الاردن ومنها تطبيق استراتيجية الاشتمال المالي وتحقيق الاهداف الوطنية التي تم تحديدها مثل خطة النمو الاقتصادي ورؤية الاردن 2025.
ولفت الى ان الهدف الذي يسعى البنك المركزي الى تحقيقه هو رفع نسبة الاشتمال المالي بين الاردنيين من 25 % في عام 2014 الى نحو 6ر36 % في العام 2020 متقدما بالتهنئة للبنك المركزي الاردني على اطلاق هذه الاستراتيجية المهمة .
من جهته، أكد المدير العام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي الأهمية الكبيرة لسياسات الاشتمال المالي لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية، مشيرا الى الدور الكبير للمصارف المركزية في دفع وتشجيع سياسات تعزيز الاشتمال المالي كجهات اشرافية ورقابية على القطاع المالي والمصرفي.
وتابع الحميدي قائلا ان الاستراتيجية الاردنية للاشتمال المالي "تسعى لتحقيق قفزة في مؤشرات الاشتمال المالي من حيث وصول المرأة والشباب للخدمات المالية والتأكيد على قضايا التثقيف والتوعية المالية وحماية المستهلك، إضافة لما أولته الاستراتيجية من اهتمام ملحوظ بالتقنيات المالية والاستفادة منها بما يخدم تعزيز مفاهيم وتطبيقات الاقتصاد الرقمي".
وشدد الحميدي على أهمية البناء عليها لتمثل تتويجاً لجهود كبيرة بذلها البنك المركزي الاردني خلال السنوات القليلة الماضية. فقد اقدم البنك على توفير منظومة تشريعية وقانونية متكاملة وداعمة تغطي كافة الجوانب مثل حماية مستهلكي الخدمات المالية، والعمليات المالية الرقمية، والمؤسسات المالية غير المصرفية، والثقافة المالية، وتطوير نظم وخدمات الدفع والتسوية وغيرها، فقد قام البنك المركزي الأردني وبزمن قياسي ببناء منظومة متكاملة للدفع الالكتروني وبنية تحتية شاملة تمكن الدولة من الانتقال الى اقتصاد رقمي والتحول من الدفع الورقي الى الدفع الالكتروني، وبشكل خاص تطوير نظام للدفع بالهاتف النقال (JoMoPay)، الذي يعتبر وفقاً لشهادات مؤسسات دولية، واحداً من النظم الاشمل والأكثر تميزاً على مستوى العالم، حيث يحقق مستوى عاليا من التوافقية (interoperable) مع نظم الدفع الاخرى، الامر الذي يخدم اغراض الاشتمال المالي وايصال الخدمات للمستفيدين بغض النظر عن اماكن تواجدهم.
واشاد الحميدي بالمشاركة والتمثيل الفعال للبنك المركزي الأردني في المحافل العربية والدولية، ومساعي البنك في جعل الاردن مركز للتقنيات المالية (FinTEch Hbub).
وبين الحميدي أن مؤشرات الاشتمال المالي في الاردن أظهرت تحسنا في السنوات الاخيرة كدليل على جهود البنك المركزي الأردني في هذا المجال.
وأكد الحميدي ان الصندوق العربي يحرص على تكثيف فرص التشاور وتبادل التجارب والخبرات وبناء القدرات في مجالات الاشتمال المالي، فقد نظم الصندوق في السنوات الأخيرة العديد من المؤتمرات وورش العمل والدورات التدريبية بالتعاون مع المؤسسات المالية الاقليمية والدولية المعنية.
واشار الحميدي الى أنه سيتم اليوم الثلاثاء دورة تدريبية في عمان بالتعاون مع الشركاء حول اعداد وتنفيذ استراتيجيات الاشتمال المالي، تمثل حرص الصندوق على المساهمة في توفير المعرفة والخبرة لمساعدة الدول العربية على تحقيق اهداف الاشتمال المالي.
من جانب آخر قال الحميدي إن الصندوق العربي أطلق خلال هذا العام المبادرة الاقليمية لتعزيز الاشتمال المالي في الدول العربية بالشراكة مع الوكالة الالمانية للتنمية والتحالف العالمي للاشتمال المالي، وبالتعاون مع البنك الدولي، تحت مظلة مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية.
وأضاف "تهدف المبادرة الى الارتقاء بمؤشرات الوصول للتمويل لجميع القطاعات الاقتصادية والفئات الاجتماعية في الدول العربية، خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بما يساهم في دعم فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة".
وتم خلال المنتدى التوقيع على مذكرة تفاهم بين صندوق النقد العربي والوكالة الألمانية للتنمية بالنيابة عن الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية.
وتهدف مذكرة التفاهم التي تمثل تجديدا للمذكرة السابقة الموقعة في عام 2015، إلى تعزيز التعاون القائم والشراكة بين المؤسستين في تقديم المشورة الفنية وبناء القدرات في الدول العربية في مجال تطوير القطاع المالي والمصرفي بصورة عامة والاشتمال المالي بصورة خاصة.
وقع الاتفاقية من جانب الصندوق الدكتور عبد الرحمن بن عبدالله الحميدي، مدير عام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، فيما وقع من جانب الوكالة الألمانية للتنمية السيدة المدير العام لدائرة اوروبا والشرق الأوسط ووسط آسيا لدى الوكالة يوتي كلاميرت.