آمال ضعيفة بتقدم المحادثات السورية في جنيف
بوصول وفد الحكومة السورية أمس إلى جنيف للمشاركة في مفاوضات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة، بعدما أرجأ قدومه يوما واحدا احتجاجا على تمسك وفد المعارضة "بشروط مسبقة"، في إشارة إلى مطلب تنحي الرئيس بشار الأسد، تبدو مهمة المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا تبدو أكثر صعوبة في هذه الجولة مع تبادل طرفي النزاع الاتهامات بمحاولة عرقلة الجهود السياسية لعملية السلام.
وتأتي جولة المفاوضات الراهنة بعد سلسلة انتصارات سياسية وميدانية حققتها القوات الحكومية بدعم مباشر من حليفتها روسيا التي تقود دبلوماسية نشطة لتسوية النزاع المستمر منذ أكثر من ست سنوات.
واستهل الموفد الدولي الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا الجولة أول من أمس بلقاء المعارضة السورية التي تشارك للمرة الأولى بوفد موحد يضم مختلف أطيافها.
وتصطدم جولة المفاوضات الحالية على غرار الجولات الماضية بمصير الرئيس السوري، مع تأكيد رئيس وفد المعارضة نصر الحريري فور وصوله الاثنين الماضي إلى جنيف أن "الانتقال السياسي الذي يحقق رحيل الأسد في بداية المرحلة الانتقالية هو هدفنا".
إثر ذلك، أبلغ الوفد الحكومي دي ميستورا قراره بإرجاء موعد وصوله، قبل أن تثمر اتصالات أجرتها الأمم المتحدة وروسيا مع دمشق تحديد موعد وصوله الأربعاء إلى جنيف.
وأوضح مصدر سوري مطلع أن قرار المجيء إلى جنيف جاء بعدما تعهد دي ميستورا للوفد الحكومي "الا تتضمن هذه الجولة أي لقاء مباشر مع وفد الرياض (أي المعارضة)، وعدم التطرق بأي شكل من الأشكال إلى بيان الرياض والشروط التي تضمنها".
وعقدت قوى المعارضة السورية الأسبوع الماضي اجتماعا في الرياض شكلت خلاله وفدا موحدا إلى المفاوضات، وأكدت في بيان ختامي على مطلبها برحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة قبل المضي قدما في أي مرحلة انتقال سياسي.
ويسعى دي ميستورا إلى تحضير مبكر للجلسات المقبلة بدأها مع وفد المعارضة وختمها أمس مع الوفد الحكومي في مقر اقامته في جنيف، تمهيدا لبدء اللقاءات الرسمية في مقر الأمم المتحدة.
وتبدو مهمة دي ميستورا الذي كان يأمل بإمكانية تحقيق تقدم حقيقي في هذه الجولة أكثر صعوبة مع تبادل طرفي النزاع الاتهامات بمحاولة عرقلة الجهود السياسية لوقف الحرب السورية.
وتتوقع مصادر دبلوماسية في جنيف أن تخفض المعارضة السورية سقف شروطها لاعطاء دفع للمحادثات الهادفة إلى ايجاد حل سياسي للنزاع الذي أودى بحياة أكثر من 340 ألف شخص منذ العام 2011.
وقال مصدر دبلوماسي أوروبي لصحفيين أول من أمس "ننتظر أن يكونوا (المعارضة) واقعيين ومرنين". وسبق لدي ميستورا أن دعا المعارضة السورية في أيلول (سبتمبر) إلى التحلي "بالواقعية" وإلى أن تدرك أنها "لم تربح الحرب".
وينفي قياديون في وفد المعارضة تعرضهم لأي ضغوط، رغم إعلان شخصيات قدمت استقالتها من الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لاطياف واسعة من المعارضة في الأسبوعين الأخيرين، عن ضغوط دولية.
وقال قيادي في وفد المعارضة أمس "الكلام عن ضغوط للتخلي عن رحيل الأسد ليس صحيحا على الإطلاق ومناقشاتنا مع دي ميستورا تناولت تحديدا عملية صياغة دستور جديد واجراء انتخابات" نيابية. وتتهم المعارضة السورية موسكو الداعمة لدمشق بمحاولة "الالتفاف على مسار جنيف" وممارسة الضغوط للتوصل إلى تسوية تستثني مصير الأسد. وقال المصدر الدبلوماسي الأوروبي "أعتقد أن لديهم (الروس) فعلا بعض الأوراق القوية، لكنهم لا يمسكون بجميع الأوراق".
وأضاف "لهذا السبب أعتقد أن عملية جنيف مهمة للغاية كونها الوحيدة التي تحظى بشرعية وقادرة على أن تجمع معا كل هذه المكونات.. وعلى أن تفتح الطريق أمام المساعدات الدولية الضخمة اللازمة لتمكين سورية من الوقوف مجددا على قدميها".
وتنشط قوى غربية عدة لإعادة الزخم إلى مسار التفاوض في جنيف، بعدما نجحت موسكو مع طهران حليفة دمشق وأنقرة الداعمة للمعارضة، في تنظيم سبع جولات من المحادثات في استانا أثمرت التوصل إلى اتفاق على إقامة أربع مناطق خفض توتر تراجعت فيها وتيرة القتال إلى حد كبير.
وأعلن دي ميستورا أمس أن الحكومة السورية وافقت على إعلان وقف لاطلاق النار في الغوطة الشرقية، آخر معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق والمشمولة باتفاق خفض التوتر. وقال إثر لقاء مع وفد المعارضة السورية إنه تبلغ بهذه الموافقة من موسكو.
وكان الجيش السوري يقصف بانتظام وبعنف الغوطة الشرقية على الرغم من شمولها في اتفاق خفض التوتر، لا سيما منذ منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي، فيما تعاني المنطقة من حصار منذ سنوات ومن نقص فادح في الأدوية والمواد الغذائية.
واتفق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اثر قمة عقدت قبل اسبوع في سوتشي مع نظيريه الايراني حسن روحاني والتركي رجب اردوغان، على عقد مؤتمر للحكومة والمعارضة السوريتين في روسيا.
وتحدث عن "فرصة حقيقية" لانهاء النزاع، في مبادرة أثارت شكوكا حيال توقيتها وخشية غربية من أن تطيح بعملية جنيف. ولم يعلن عن أي موعد رسمي لهذا المؤتمر الذي رفضت المعارضة المشاركة فيه.