موازنات 2009-2018: الإنفاق الحكومي يرتفع 50 %
قفز بند الإنفاق الحكومي في الموازنة المركزية خلال عقد من الزمان بنسبة 50 %، لتصل إلى 9.035 مليار دينار في 2018 مقارنة بـ 6 مليارات دينار للعام 2009.
وعلى ضوء تتبع مسار الإنفاق خلال السنوات العشر الماضية نجد أن الحكومات المتعاقبة رفعت من نفقاتها بمقدار 300 مليون دينار سنويا بالمتوسط خلال تلك المدة.
وخلال فترة الدراسة التجميعية للفترة (2009-2018)، تزامنا مع رفع الحكومة موازنة العام المقبل فإن المسار تصاعدي للإنفاق الحكومي وجلّه في النفقات الجارية بشكل رئيسي والتي تتجسد ببنود الرواتب والنفقات التقاعدية وخدمة الدين المتوقع أيضا أن تستمر خلال السنوات المقبلة، حيث يلاحظ أن الأوضاع السياسية في المنطقة خصوصا بعد اندلاع "الربيع العربي" وأعباء اللجوء قد أثرت على مسار النمو ودفعت الحكومة لإنهاء برنامج الاستعداد الائتماني ومدته ثلاث سنوات واتبعتها ببرنامج ثان يتم تطبيقه حاليا للعام الثاني مع دخول موازنة 2018.
غير أن غالبية التوجهات في البرنامجين نحو زيادة الانفاق صبت مع محاولة المحافظة على زخم نمو حكومي بالانفاق رغم التراجع الذي أصاب الاقتصاد الوطني وتأثيرات البرامج على جانب الطلب المحلي للمستهلكين جراء القرارات الحكومية بزيادة الضرائب والرسوم لتنمية الإيرادات رافقها تأثيرات سلبية من اغلاق الحدود مع العراق وسورية وتوقف عجلة الانتاج مما صعب من مهمة زيادة الناتج المحلي بالارقام المستهدفة منذ العام 2011 والذي تزامن مع بدء تطبيبق البرنامج الإصلاحي الأول لكنها أي الحكومات استطاعت المحافظة على الاستقرار المالي والنقدي كركيزة أساسية.
ومنذ العام 2009 ، كان اجمالي الإنفاق 6 مليارات دينار، لكن رغم الظروف من ناحية النمو الاقتصادي حافظت على وتيرة الصعود بالنفقات العامة حيث ارتفعت منذ تطبيق البرنامج الأول إلى 7.6 مليار دينار حيث عملت الحكومة حينها على تخفيض الدعم للمحروقات بشكل رئيسي للتخلص حينها من دعم قدر بنحو 800 مليون دينار واعتمدت سياسة دعم المواطن بدلا من السلعة لكنها عادت عن تلك السياسة بعد انخفاض أسعار النفط وتوقفت عن دفع الدعم النقدي، وفرضت الضرائب والرسوم.
وكان أبرز الإجراءات الحكومية بالنسبة للمحروقات في شباط (فبراير) 2017 بفرض ضريبة مقطوعة على كل ليتر بنزين (90 أوكتان) مقدارها 3 قروش (أضافت لها لاحقا قرشين اثنين و7 قروش عن كل ليتر بنزين 95). يضاف الى ذلك النسب المئوية المتغيرة على كل ليتر من بنزين أوكتان (90) ما نسبته 22 % و 40 % على بنزين 95 % و 6 % على كل ليتر ديزل وكاز.
وتقوم لجنة التسعير في وزارة الطاقة والثروة المعدنية، استنادا إلى نشرة بلاتس، بتحديد أسعار جديدة للمشتقات النفطية نهاية كل شهر بناء على مراجعة الأسعار العالمية، بمقدار معدل كل من السعر العالمي لكل مادة من المشتقات النفطية لفترة 30 يوما تسبق تاريخ يوم الإعلان عن الأسعار، مضافا إليه كافة التكاليف لإيصال المنتج من السوق العالمي إلى المستهلك بما فيها الضريبة الخاصة بمقدار 6 % ورسوم الطوابع بمقدار ستة بالألف.
وعلى ضوء تلك المعطيات فإن المحروقات باتت مصدرا رئيسا من مصادر توليد الإيرادات للخزينة بعد أن أنهت الحكومة الدعم وباتت أسعارها محررة.
واتخذت الحكومة العديد من الإجراءات الرامية لمعالجة اوضاع المالية العامة والتماشي مع مؤشرات الاداء المستهدفة بهدف زيادة الإيرادات المحلية.
وشرعت الحكومة بوضع خريطة طريق لمصادر الإيرادات التي تعتزم "جلبها" للوصول إلى موازنة بلا عجز في نهاية عمر برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي في الفترة (2016-2019)، والمتمثل بتسليط الضوء على حجم الإعفاءات الممنوحة والتي قدرت بنحو 3 مليارات دينار.
وسبق لوزير المالية عمر ملحس أن أشار صراحة، في تصريحات صحفية سابقة، إلى أن الإعفاءات الممنوحة تقارب 3 مليارات دينار في 2015، مشكلة ما نسبته 11.6 % من الناتج المحلي الإجمالي. وهو ما يفسر تنمية وزارة المالية لايراداتها بأكثر من 500 مليون دينار في هذا البند وحده ضمن مشروع قانون الموازنة العامة لسنة المالية 2018.
ويلاحظ من ارقام المالية العامة خلال 10 سنوات بأن الانفاق الجاري يستأثر به إلى جانب بند الرواتب كل من التعويضات التقاعدية إضافة الى فاتورة خدمة الدين؛ حيث قفزت الى 2.3 مليار دينار في 2018 لكل من التقاعد والعام وحدهما.
لذلك نجد أن مسار الارقام بدأ في الانفاق الجاري بحجم 4.58 مليار دينار وفي العام 2011 وصل الى 5.73 مليار دينار بزيادة نسبتها 25 % وكانت المملكة حينها لا تخضع لأي برامج اصلاحية وفاتورة الدعم كانت تشكل البند الأكبر في مستحقات المالية حينها
ويلاحظ أن الحكومة ركزت في موازنتها على أن تحافظ على انفاق رأسمالي يفوق المليار دينار وكان أعلى في الفترة (2009-2018) في العام 2009 حيث بلغ الانفاق الرأسمالي الفعلي 1.4 مليار دينار .
ومنذ العام 2011، بدأت الحكومة بالاستفادة من منحة مجلس التعاون الخليجي في العام 2011 حيث قدم منحة لتمويل المشاريع التنموية ذات الأولوية في المملكة، وقد التزمت كل (المملكة العربية السعودية، دولة الكويت، ودولة الإمارات العربية المتحدة) بتنفيذ القرار أعلاه؛ حيث أسهمت كل منها بمبلغ (1.25) مليار دولار وبقيمة إجمالية بلغت (3.75) مليار دولار، وتم تخصيص هذه المبالغ لتمويل مشاريع تنموية وحيوية وذات أولوية ومردود اقتصادي واجتماعي وفي قطاعات مختلفة (الطاقة والثروة المعدنية، التعليم والتعليم العالي، الصحة، البلديات، الطرق، المياه والصرف الصحي، التنمية المحلية، الاستثمار، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات).
وقامت الحكومة بتضمين المشاريع الممولة كافة من خلال هذه المنحة ضمن قانون الموازنة العامة للسنوات (2012-2018)؛ حيث مرت هذه المشاريع وأقرت عبر القنوات الدستورية وتخضع للدورة المستندية المحاسبية بكل مراحله.
وبلغ مجموع ما تم تحويله ودفعه من الدول الثلاث على المشاريع المنفذة والقائمة من خلال هذه المنح لغاية تاريخه حوالي 2.66 مليار دولار، وعليه فإن نسبة ما تم تحويله من مجموع الاتفاقيات الموقعة يبلغ حوالي 71 %.
أما العجز بعد المساعدات والمنح فكان أعلاه في العام 2012 ببلوغه مستوى 1.8 مليار دينار والذي تزامن مع بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي وتداعيات الظروف السياسية على المنطقة وموجات اللجوء مع اغلاق الحدود وتوقف امدادات الغاز المصري مما دفع الحكومة للبدء بالبرنامج مع النقد الدولي، ومن ثم انخفض بنحو 500 مليون دينار في 2013 مع زيادة الإجراءات الحكومية في اطار زيادة الإيرادات وتطبيق برامجها الإصلاحية لمعالجة الاختلالات في المالية علما بأن الحكومة تستهدف عجزا قدره 543 مليون دينار في العام المقبل.