استبعاد انخفاض نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي العام المقبل

اعتبر خبراء ماليون بأن الحكومة متفائلة جدا في توقعاتها بشأن انخفاض نسبة المديونية من الناتج المحلي الإجمالي للعام المقبل وسط ظروف صعبة قد ينتج عنها انكماش اقتصادي.
واستبعد الخبراء أن تتحقق نسبة النمو 2.5 % التي تتوقعها الحكومة للعام المقبل وسط حديث عن قرارات بتخفيض الاعفاءات في ضريبة المبيعات ورفع الدعم عن الخبز والتي بدورها سوف تضغط على الطلب العام. ورأوا أن الحكومة سوف تلجأ للمديونية لمعالجة العجز في الموازنة والذي من المتوقع أن يرتفع في ظل زيادة الإنفاق وعدم تحقق الإيرادات المرجوة للعام المقبل.
وتوقع وزير المالية عمر ملحس في خطاب الموازنة العامة للعام المقبل وصول الدين العام لنسبة 93.6 % من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل لينخفض إلى 90.3 % و86.2 % للعامين التاليين. وحول معدل النمو في الاقتصاد الوطني في العام المقبل، توقع وزير المالية أن ينمو الناتج بنسبة 2.5 % للعام المقبل 2018 و2.7 % و2.9 % للعامين التاليين.
الخبير المالي مفلح عقل قال إن الحكومة وضعت فرضيات لموازنة العام المقبل متفائلة من حيث قيمة الإيرادات المتوقعة ونسبة النمو في الناتج المحلي الإجمالي. وتوقع عقل أن قيمة العجز في الموازنة سوف تكون أكبر من التي تتوقعها الحكومة وذلك مع زيادة التوسع في الإنفاق ومخاوف من عدم تحقق الارتفاع في الإيرادات. وقال إن "جميع المؤشرات ترجح تراجع النمو الاقتصادي وسط تقليص للاعفاءات وازالة للدعم وبالتالي فإن المديونية سوف تزداد ونسبتها للنمو سترتفع أيضا". ولفت عقل إلى أن الإيرادات المتوقعة للعام المقبل كان من المفروض أن تكون أكثر واقعية وخاصة مع خسائر وتراجع في الأرباح تشهده العديد من الشركات في جميع القطاعات.
ومع التخفيض التدريجي للإعفاءات من ضريبة المبيعات على السلع والخدمات، رجح وزير المالية عمر ملحس أن تسفر الإجراءات الإصلاحية التي ستتخذها الحكومة من ضبط النفقات والتخفيض التدريجي للإعفاءات من ضريبة المبيعات الى زيادة الإيرادات بنحو 540 مليون دينار في العام المقبل.
وفيما يتعلق بالإيرادات المحلية لعام 2018، قال الوزير ملحس، إن الإيرادات تقدر بنحو 8496 مليون دينار مقـارنة مــع 7715 مليون دينار معاد تقديرها لعام 2017، يقابلها نفقات جارية بمقدار 7886 مليون دينار ونفقات رأسمالية 1153 مليون دينار. بدوره، قال الخبير المالي محمد البشير إنه "كالعادة لابد أن يكون خطاب الموازنة متفائلا وبعيدا عن الواقع، والدليل أنه عند اعادة تقدير الموازنة تكون الإيرادات أقل من المتوقع كما حدث في موازنة العام الحالي".
ورأى البشير أن الإنكماش مستمر في ظل ظروف اقتصادية صعبة ومزيدا من الضغط على جيوب الأفراد، وبالتالي فإن الذهاب لمزيد من المديونية لمعالجة العجز هو المرجح أن يحدث.
وقال إن عدم تحقق الإيرادات المتوقعة وسط توسع في الإنفاق سيزيد العجز وبالتالي مزيد من المديونية لمعالجته. وأضاف البشير أن "القراءة متفائلة وسط سياسات ستؤدي إلى انكماش اقتصادي".
وتتوقع الحكومة أن يبلغ عجز الموازنة بعد المنح الخارجية في العام 2018 نحو 543 مليون دينار أو ما نسبته 1.8 % من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 2.6 % من الناتج فـي عام 2017، مسجلا بذلك تراجعا مقداره 209 ملايين دينار عن مستواه المعاد تقديره للعام 2017.
ويتوقع أن يـواصل هذا العجز انخفاضه ليصل إلى نحو 133 مليون دينار أو ما نسبته 0.4 % من الناتج في العام 2019، وصولا إلى تحقيق وفر في الموازنة بقيمة 96 مليون دينار أو ما نسبته 0.3 % من الناتج في العام 2020.
أما العجز قبل المنح، فيتوقع أن ينخفض إلى ما نسبته 4.1 % من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع ما نسبته 5.5 % من الناتج في العام 2017، ويتوقع أن يواصل هذا العجز انخفاضه لتصل نسبته للناتج إلى 2.0 % في العام 2019 و1.1 % في العام 2020. من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور قاسم الحموري إن الفرضيات التي بنت الحكومة عليها موازنة العام المقبل هي فرضيات بعيدة عن الواقع وتكلفة اجرائها عالية. وبين الحموري أن زيادة الضرائب على الأفراد سيؤثر على الطلب العام، وبالتالي تعميق الركود الاقتصادي ما سيؤدي إلى حدوث تباطؤ. ورأى أن تصويب عجز الموازنة في حال عدم تحقق الإيرادات وانخفاض النمو، فإن الحكومة سوف تلجأ للدين الداخلي والخارجي، وبالتالي لن نشهد انخفاضا في نسبة المديونية.