أزمة حكومة نتنياهو مع المتدينين تتفاعل وتهدد مستقبلها

تفاعلت أمس، الأزمة بين حكومة بنيامين نتنياهو، وكتلتي المتدينين المتزمتين "الحريديم"، الشريكتين في الحكومة، على خلفية التطبيق الصارم لقوانين السبت اليهودي، الذي يحظر العمل والمواصلات. فبعد أن قدم وزير الصحة يعقوب ليتسمان استقالته فلا أمس، بسبب عمل صيانة في شبكة القطارات أيام السبت. طالب وزير الداخلية آرييه جرعي، بسن قانون جديد، يمنع البلديات من سن قوانين خاصة بها تجيز فتح الحوانيت أيام السبت.
ومنذ عدة أشهر، يتصاعد الخلاف، بين كتلتي المتدينين المتزمتين "الحريديم"، وباقي أطراف الحكومة، بشأن خرق قوانين السبت اليهودي. والقضية الساخنة حاليا، هي قيام شبكة القطارات بأعمال صيانة أيام السبت العبري، من غير الممكن اجراؤها في أيام الاسبوع العادية، كي لا تتعطل حركة المواصلات. إلا أن كتلتي "الحريديم"، اعترضتا على أعمال الصيانة هذه، وبشكل خاص كتلة "يهدوت هتوراة"، التي تمثل "الحريديم" الأشكناز (الغربيين)، وهي التيار الأكثر تزمتا. وتعد قضية السبت اليهودي والقوانين المتعلقة بها، واحدة من القضايا الخلافية الحارقة بين جمهوري العلمانيين والمتدينين في إسرائيل، ومنذ عشرات السنين لم يتوقف الجدل في إسرائيل حول المسموح والممنوع دينيا في أيام السبت. إذ بسحب الأنظمة، فيحظر فتح الحوانيت في المناطق السكنية اليهودية، كما تحظر المواصلات العامة، ولا يسقط هذا الموضوع عن جدول أعمال أي حكومة من حكومات إسرائيل على مدى العقود السبعة.
وعلى أثر هذا الخلاف، استقال وزير الصحة يعقوف ليتسمان، أيضا بأمر مكن كبار حاخامات التيار التابع له، ولكن على أن تبقى كتلة "يهدوت هتوراة"، ضمن الائتلاف الحاكم، ما يبعد أزمة فورية في حكومة نتنياهو.
وفي المقابل، فإن كتلة "شاس" للحريديم الشرقيين، التي لها وزيران في الحكومة، بقيت داخل الحكومة، ولكن زعيمها، وزير الداخلية آرييه درعي، فجّر من جديدة، مسألة قوانين بلدية في عدد من المدن والبلدات، التي تجيز فتحا جزئيا لبعض المتاجر. وهذه القضية القائمة منذ سنوات، تفجرت بشكل أكبر في الحكومة الحالية قبل أقل من شهرين، حينما أقرت المحكمة العليا، بشرعية "قانون بلدي خاص" أقرته بلدية تل أبيب، ويسمح لعدد كبير من المحلات التجارية الغذائية فتح أبوابها أيام السبت.
وقضية المحال الغذائية، بالذات، هي العقبة الأكبر في تحرير الحركة العامة من قيود السبت اليهودي، فحسب شرائع الحلال اليهودية، فإن المحل التجاري الذي يبيع يوم السبت، يُسقط فيه تلقائيا شهادة الحلال عن جميع المنتوجات التي في المحل، حتى وإن كانت مواصفتها مطابقة للشريعة اليهودية. وقد صدر ذلك قرار المحكمة، بعد 40 يوما، على قرار للمحكمة ذاتها، يلغي قانون يعفي الشبان المتدينين المتزمتين "الحريديم" من الخدمة العسكرية. وستكون الحكومة ملزمة بتقديم أجوبة، إلا أنه على وقع موازين القوى القائمة، فإن أي قرار ستصدره الحكومة، سيصطدم مع موقف جهة أو أكثر.
ويحاول نتنياهو تدارك الأمور في حكومته، إذ ذكرت مصادر في محيطه، أن سيسعى الى دفع قوانين جديدة، من شأنها أن تشدد قوانين السبت، ما يعني زيادة منسوب الاكراه الديني، رغم أن هذا سيثير ضجة كبرى في الشارع الإسرائيلي، وبشكل خاص لدى العلمانيين، الذين يتخوفون أكثر من ذي قبل، من سطوة المتدينين من مختلف التيارات، على الحكم كليا، مستقبلا، على ضوء تنامي أعدادهم بفعل التكاثر الطبيعي، وهو من الأعلى عالميا، 3,8 %.
وبموجب الوضع القائم، فإن حكومة نتنياهو لن تشهد سقوطا، إذ سيحافظ الائتلاف على أغلبيته القائمة على 66 نائبا من أصل 120 نائبا. إلا أنه من المتوقع أن تتسبب الأزمة الحالية، بزيادة عمليات شد الحبل بين العلمانيين والمتدينين داخل حكومة نتنياهو، الذي يدخل الائتلاف في حالة صراع داخلي، يجعل من الصعب على حكومة نتنياهو أن تواصل عملها بشكل منسجم، ما يفسح المجال أمام نتنياهو لحل حكومته والتوجه الى انتخابات برلمانية مبكرة. إذ نتنياهو يبحث عن مهرب نحو الانتخابات المبكرة، من أجل التهرب من عمليات التحقيق الجارية معه في عدة قضايا فساد.