الجيش الباكستاني ينتشر بالعاصمة بعد مواجهات مع إسلاميين
أجازت الحكومة الباكستانية للجيش نشر قوات لضمان الأمن في العاصمة اسلام اباد بعدما اندلعت أعمال عنف أمس اثناء محاولة السلطات تفريق اعتصام لاسلاميين، كما أعلنت وزارة الداخلية.
وأفادت الوزارة أن الطلب قدمته سلطات العاصمة اسلام اباد مضيفة ان الحكومة الفدرالية سمحت بنشر "ما يكفي من القوات لضبط القانون والنظام" في المدينة حتى اشعار آخر.
واشتبكت الشرطة الباكستانية في وقت سابق أمس مع متظاهرين إسلاميين متشددين معتصمين عند أحد منافذ اسلام اباد، ما أسفر عن مقتل شرطي واصابة نحو 140 شخصا، فيما امتدت رقعة الاحتجاج إلى عدة مدن.
ويحتل المحتجون الذين يبلغ عددهم نحو ألفي شخص وينتمون إلى جماعة دينية تحمل اسم "حركة لبيك يا رسول الله" منذ السادس من تشرين الثاني (نوفمبر) جسرا يربط بين اسلام اباد وروالبندي المجاورة، ما يشل حركة السير بين المدينتين ويضطر السكان للانتظار لساعات بسبب الاختناقات في حركة السير.
ويطالب المحتجون منذ اسابيع باستقالة وزير العدل زاهد حميد على اثر جدل يتعلق بتعديل تم التخلي عنه في نهاية المطاف للقسم الذي يؤديه المرشحون للانتخابات.
ويعتبر المتظاهرون هذا التعديل تجديفا -- القضية الخلافية جدا بين مسلمي باكستان -- مؤكدين ان تبسيط القسم يسمح بمشاركة الاحمديين الذي يشكلون أقلية في البلد.
وامس، وفي عملية شارك فيها نحو 8500 شرطي ورجل أمن منذ الصباح الباكر، أطلق الشرطيون الغاز المسيل للدموع والطلقات المطاطية على المتظاهرين الذين أغلقوا طرقا واضرموا النيران في سيارات للشرطة قرب موقع الاعتصام.
وذكر ناطق باسم شرطة اسلام اباد ان شرطيا قتل بعد إصابته بحجر في الرأس، فيما شاهد صحفي في وكالة فرانس برس ما يبدو أنه جثمان متظاهر مُسجى على الطريق، لكن لم يتم تأكيد وجود قتيل ثان من مصدر طبي.
وقال ناطق باسم مركز العلوم الطبية في اسلام اباد ان هذا المستشفى استقبل على الأقل 139 جريحا، موضحا ان 93 منهم من افراد قوات الأمن.
وذكر صحفيون من وكالة فرانس برس في المكان ان رجال شرطة يرتدون بزات مكافحة الشغب اطلقوا القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي باتجاه المتظاهرين الذين ردوا بشكل متقطع برشقهم بالحجارة ومقذوفات اخرى.
ومنعت سلطة تنظيم وسائل الاعلام في باكستان قنوات شبكات التلفزيون المحلية من بث صور مباشرة للمواجهات مع تصاعد العنف فيها.
ويمنع المحتجون عشرات الآلاف من الباكستانيين من التوجه إلى العاصمة كل يوم حيث يعمل كثيرون منهم، مستخدمين العنف في بعض الاحيان. ومنذ بدء تحركهم اصبحت الرحلة إلى اسلام اباد تستغرق ساعات. وقد توفي طفل في الثامنة من العمر بسبب تعذر ادخاله في الوقت المناسب الى المستشفى.
ومع بدء عملية الشرطة، اوضح مراسلو فرانس برس في الموقع ان عشرات من المحتجين وصلوا الى المكان. وقام المحتجون بقطع أشجار لاغلاق طرق وأحرقوا إطارات سيارات.
وقالت وسائل اعلام محلية ان تجمعات احتجاجية صغيرة لانصار حركة لبيك يا رسول الله نظمت في مدن اخرى بينها كراتشي ولاهور.
واغلق نحو 200 متظاهر طريقا رئيسيا في كراتشي حيث جرت اشتباكات اصيب فيها 9 أشخاص على الاقل، من بينهم 3 مصابين بطلقات نارية، ونقلوا للمستشفى، بحسب اطباء.
واغلقت المتاجر والاسواق ابوابها، فيما التزم السكان منازلهم، خصوصا مع دعوة رجال دين انصارهم للنزول للشارع.
ومع تفاقم المظاهرات، طالب قائد الجيش الباكستاني من رئيس الوزراء شهيد خاقان عباسي حل الوضع "سلميا"، حسب ما قال الناطق باسم الجيش العميد اصف غفور على تويتر.
ودعا الجنرال قمر جاويد باجوا الجانبين الى تجنب العنف "لانه ليس من المصلحة الوطنية".
وطلب القضاء الباكستاني مرات عدة من الحكومة اجلاء المتظاهرين. لكن الحكومة لم تنفذ الأمر وخاضت مفاوضات غير مثمرة خوفا من ان يكلفها هذا الاجراء ثمنا سياسيا باهظا قبل عام من الانتخابات التشريعية.
واعلن القضاء الجمعة الماضي انه سيستجوب وزير الداخلية احسان اقبال الاثنين الماضي ليوضح سبب عدم تحرك الحكومة.
ويرى المحللون ان رد الحكومة لم يكن صارما ما يمكن ان يشكل سابقة خطيرة في نظر الكثير من الجماعات المعارضة الاخرى.
وقال المحلل امتياز غول إن "المماطلة لاسباب سياسية لها كلفتها وهذا ما تدفع الحكومة ثمنه" حاليا.
واكد مسؤول كبير في شرطة اسلام اباد شارك في تنظيم العملية، انها خططت لتجنب سقوط ضحايا.
واتهم محللون الحكومة بالتساهل في ردها على الاحتجاج والسماح لقضية صغيرة بالتحول الى مشكلة كبيرة ووضع خطير.
وقال زيشان صلاح الدين من مركز الابحاث والدراسات الامنية في اسلام اباد ان الحادثة تشكل سابقة تنذر بانه "في أي وقت أي شخص يشعر بالاستياء من الحكومة يمكنه اغلاق العاصمة والحكومة ستمتثل لمطالبه".