أحد ضحايا الفساد ينتظر "موته" ... "المنسي" منسي من الدنيا ولا يعرف سوى الفتات
جراءة نيوز - عمان - فايز الشبيكات : مع الإيمان بأن الأعمار بيد الله إلا أن رموز الفساد رغم الحصانة التي يتمتعون بها سوف يتحملون المسئولية الجنائية وكامل وزر وآثام هلاك منذر المنسي لمعاناته من ظهور العلامات الكبرى لاقتراب الموت بسبب فتكهم به ،وحرمانه من مقومات الحياة ،ولسوف تواجه الرؤوس الكبرى ليس تهم التسبب بالوفاة والتجويع المفضي إلى الموت وحسب وإنما تهم القتل مع سبق الإصرار أيضا ..وسيضاف إليهم رموز النظام والبطانة الأمارة بالسوء إذا ما توفي الرجل لا قدر الله …وليعلم هؤلاء وأولئك ممن زين لهم سؤ عملهم فرأوه حسنا أنهم طغوا وأمعنوا في التنكيل بعباد الله ،وان الأيام دول ،وأنهم بمصير الأنظمة الزائلة لاحقون ،ولن يكون هناك من هو معفى من كل تبعة ومسئولية بعد فشل العروض الشكلية الهشة لمحاسبة اللصوص وإخفاقها في استرداد المال الشعبي المسروق … ولقد أخذ الشارع برفع العصا الغليظة إيذانا بخوض المعركة الحاسمة ضد صناع الفساد …وإلى ذلك بدأ يفور.
يعاني المنسي المقيم وحيدا في النهاية الجنوبية للشارع الأسفل بجبل الأمير فيصل من استشراء مرض هشاشة العظام ،ويتقاضى شهريا مبلغ ثمانية وثلاثين دينارا كمساعدة من التنمية الاجتماعية لا تكفي لسداد أجرة البيت البالغة أربعين دينارا ،ويعاني من سوء التغذية ويكاد يخلوا بيته تقريبا من الطعام ،ويتضور صامتا من الجوع طيلة الوقت ،وكان يرتجف خلال فصل الشتاء من البرد ،ويئن أنينا موصولا من شدة تناوب الآم الليل وأوجاع النهار التي لا تغادر جسمه النحيل المتهالك لحظة .
ورغم انه لا زال في بحر الثلاثين من العمر إلا انه شبه مقعد ،ودخل فعليا مرحلة موت تدريجي وقد لا يحس احد باختفائه إذا بقي على هذا الحال إلا بعد أيام ،فليس عنده منقذ إذا داهمه خطر وليس لديه مغيث او معين ،والحقيقة ان جسده آخذ بالتضاؤل وأعضائه بالضمور ويحتبس الآن صوته ،واخذ ظهره فيما يبدو بالتقوس وكتفيه بالاستدارة ،وخلت عظامه من الكالسيوم ،فما ان يمشي خطوة حتى يحس بخوار قواه ،وهو مهدد بالكسور لمجرد السعال ،وفوق هذا فأنه عرضه للسقوط عند اضطراره للصعود والهبوط لاجتياز أكثر من ثلاثين درجة إسمنتية متهرئة وشديدة الانحدار تصل منزله البائس بالشارع العام ،وستكون نهايته الوشيكة هنالك ما أن يسقط لا سمح الله.
مع اختلاف التفاصيل فان حال المنسي هي حال مئات الآلاف من الأردنيين المظلومين الذين يعانون من البؤس المتجدد والشقاء لأسباب داخلية حرمتهم من كل شيء دون ان يكون لها صلة بالمؤامرات الخارجية ومخططات الأعداء ،وأصاب اغلب الناس الفقر والفاقة منذ اندلاع الفساد في المملكة الأردنية الهاشمية مع بداية القرن او قبل ذلك بعام على وجه ألدقة والتحديد، ولم يسجل بسببه خلال هذه الفترة انجازا وطنيا واحدا يستحق الذكر، وتوقفت عجلة التقدم وتعطلت برامج الإصلاح، وتوفرت خلال هذه الفترة الفرصة الذهبية للفاسدين للسطو على مستحقات المنسي ،وإفراغ الخزنة الوطنية أولا بأول ،ودفعونا للانحناء المذل أمام أبواب دول الجوار للتسول والاستجداء مع ان الأردن غني وموارده تكفينا وقد تزيد.
لا بد للنظام المتردد من ربط المقدمات بالنتائج وان يقر له قرار ،ويدرك الحقائق المروعة حتى يتمكن من إنقاذ نفسه والاستفادة من القليل المتبقي من الوقت بالمنطق السليم والتخلي عن المراوغة ،وعلية الإذعان الفوري لمطالب الشعب.
اختبار التحدي الحقيقي للنظام يكمن بالمبادرة لاستعادة مئات الملايين بل ومليارات الدنانير التي نهبها وليد الكردي ومن هم بمستواه من أبناء الأكرمين ممن تسببوا بالكارثة المالية وتقاسموا حقوق المنسي وكل ضحايا الفساد من البؤساء ،وعليه ان يستخلص منهم حقوق الضعفاء والفقراء والمساكين وإلا فانه سيواجه مصير السخط الذي آلت إليه الأنظمة العنيدة في النهاية الشائنة لمرحلة الزوال.