السعودية: محمد بن نايف ينضم لقائمة الحسابات المجمدة

جمدت سلطات مكافحة الفساد السعودية الحسابات البنكية للأمير محمد بن نايف، وهو من بين أرفع الأفراد مقاما في أسرة آل سعود الحاكمة، وحسابات عدد من أفراد أسرته المقربين، وليبلغ بذلك عدد الحسابات الجمدة إلى 1700 حساب قابلة للارتفاع، بعدما كان عددها 1200 حساب وفق المعلن يوم الثلاثاء، وفق ما قالت مصادر مصرفية مطلعة لـ"رويترز".
وأعفي الأمير محمد بن نايف من ولاية العهد في حزيران (يونيو) عندما استبدله الملك سلمان بابنه محمد بن سلمان الذي كان يشغل منصب ولي ولي العهد آنذاك وهو المسؤول الآن عن حملة مكافحة الفساد.
قالت المصادر إن السلطات السعودية قامت بعمليات توقيف جديدة في إطار حملة لمكافحة الفساد طالت النخبة السياسية ورموز عالم الأعمال بالمملكة.
وقال مصرفي في بنك إقليمي، رفض الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث لوسائل الإعلام، إنه منذ يوم الأحد يوسع البنك المركزي كل ساعة تقريبا قائمة الحسابات التي يطالب البنوك بتجميدها.
وتحتجز السلطات بالفعل عشرات من أفراد العائلة الحاكمة والمسؤولين ورجال الأعمال ضمن حملة التطهير التي أُعلن عنها يوم السبت. ويواجه الموقوفون اتهامات تشمل غسل الأموال وتقديم رشا والابتزاز واستغلال النفوذ لتحقيق مصالح شخصية.
لكن المصادر قالت أمس إنه تم احتجاز عدد آخر من المشتبه في ارتكابهم تجاوزات مع استمرار الحملة.
وأضافت المصادر أن عددا من الذين طالتهم أحدث عمليات توقيف بينهم أشخاص تربطهم صلات بأسرة ولي العهد ووزير الدفاع الراحل الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي توفي العام 2011.
وقال أحد المصادر إنه يبدو أن حملة التوقيف شملت أيضا آخرين من المدراء والمسؤولين من مستويات أقل.
ومن بين رجال الأعمال الموقوفين في التحقيق إلى الآن الملياردير الأمير الوليد بن طلال رئيس شركة المملكة القابضة للاستثمار وناصر بن عقيل الطيار مؤسس مجموعة الطيار للسفر وعمرو الدباغ رئيس مجلس إدارة شركة البحر الأحمر العالمية التي تعمل في مجال التشييد.
ورحب كثير من السعوديين بحملة التطهير معتبرين أنها حملة على نهب الأثرياء لأموال الدولة، وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الموقوفين في الحملة كانوا "يستنزفون بلدهم لسنوات".
لكن بعض المسؤولين الغربيين أبدوا قلقهم من رد الفعل المحتمل في عالم السياسة الغامض في الرياض بتشعباته على مستوى القبائل والأسرة الحاكمة.
وواصلت سوق الأسهم السعودية الانخفاض في التعاملات المبكرة أمس بسبب المخاوف من التأثير الاقتصادي الناجم عن حملة مكافحة الفساد في المملكة.
ونزل المؤشر السعودي 1 % بعد نصف ساعة من بدء التداول. واستمرت أسهم الشركات المرتبطة بالموقوفين في إطار تحقيق الفساد في النزول.
يأتي ذلك في وقت تحاول فيه السلطات السعودية طمأنة المستثمرين عبر تأكيدها ان حملة التطهير في إطار مكافحة الفساد لن تؤثر على أعمال الشركات بما يشمل تلك التي لها علاقات مع مشتبه بهم موقوفين.
وأثارت هذه الحملة قلقا لدى المستثمرين الذين يخشى أن يسارعوا إلى سحب رؤوس الأموال ما قد يؤدي ايضا الى إبطاء الإصلاحات بحسب الخبراء، فيما تسعى المملكة إلى جذب الاستثمارات التي تحتاجها بشدة لتنويع مصادرها مع تدهور أسعار النفط.
وجمدت السلطات حسابات مصرفية للموقوفين. وقالت وزارة الإعلام عبر "مركز التواصل الدولي" المخول التواصل مع وسائل الإعلام الاجنبية، ان المبالغ التي يتضح أنها مرتبطة بقضايا فساد ستتم اعادتها إلى الخزينة العامة للدولة السعودية.
وصـرحت مؤسسة النقد السعودي (ساما) أن تعليق الحسابات المصرفية للموقوفين على ذمة قضايا تتعلق بالفساد لن تشمل شركاتهم، لافتة إلى أن التجميد يتعلق بالحسابات الشخصية، بدلا من الأعمال التجارية للشركات، مشيرة إلى استمرار التحويلات النقدية القانونية عبر القنوات المصرفية.
وقال محافظ المؤسسة أحمد عبدالكريم الخليفي في بيان صدر الثلاثاء الماضي "إن الإجراء الذي اتخذته المؤسسة كان استجابة لطلب النائب العام، وذلك إلى حين صدور أحكام قضائية نهائية بحقهم".
وأضافت المؤسسة في البيان "ما تزال شركاتهم التجارية غير متأثرة، ومن بينها الأعمال المعتادة لكل من البنوك والشركات".
وسعت الهيئة العامة للاستثمار السعودية، والتي ذكرت تقارير ان محافظها السابق عمرو الدباغ من بين الموقوفين، لحشد التأييد لحملة مكافحة الفساد وقالت انها ستخلق بيئة "عادلة ومتساوية لجميع المستثمرين".
وقالت الهيئة "هذا مؤشر واضح على أن المملكة جاهزة لحماية ... الاستثمارات من التصرفات المشكوك فيها قانونيا".
من جانب آخر، أعلن وزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد القصبي ان الشركات بما يشمل تلك المملوكة من الشخصيات الموقوفة، ستستفيد من "الحماية الكاملة" بموجب القانون.
وأكد إن الإجراءات والتحقيقات التي تقوم بها لجنة مكافحة الفساد بحق عدد من الموقوفين لن تؤثر في الأعمال والمشاريع الجارية.
جاءت الحملة بعد أسبوعين على قمة استثمارية في الرياض، وعد فيها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بقيادة مملكة "معتدلة" وعرض فيها اصلاحاته الجريئة.
وتسري إشاعات بأن المكان الذي عقدت فيه القمة، فندق "ريتز كارلتون" الرياض، بات حاليا مكان احتجاز العديد من أفراد النخبة الموقوفين. وتحيط سيارات الشرطة بالمجمع الفخم الذي أغلقت بواباته الخارجية.
ومنعت القوات السعودية اقلاع طائرات خاصة من المطارات، ربما لمنع الشخصيات من مغادرة المملكة، بحسب ما قال مسؤول ملاحي، مما أثار المخاوف من توسيع حملة الملاحقات.
وتأتي حملة مكافحة الفساد بعد تسجيل المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم، عجزا في الميزانية بأكثر من 200 مليار دولار بسبب تراجع أسعار النفط. ويبدو انها تتجه لتسجيل عام رابع من العجز.
ولتمويل مبالغ العجز تلك، سحبت المملكة نحو 250 مليار دولار من احتياطها منذ نهاية 2014 واستدانت نحو 100 مليار دولار من اسواق محلية ودولية.
وقال ام.آر. راجو مدير الابحاث في مركز الكويت المالي "إن حملة مكافحة الفساد ستكون مؤلمة لفترة قصيرة لكنها يمكن ان تؤمن ربحا لفترة طويلة".
وأضاف راجو لوكالة فرانس برس ان الحملة "ستثير قلق المستثمرين الاجانب لكن البعض قد يعتبرها خطوة ايجابية يمكن ان ترفع مرتبة المملكة فيما يتعلق بسهولة ممارسة الاعمال".
وكان الأمير محمد، مهندس الخطة الاقتصادية الشاملة المسماة رؤية 2030، قد أعلن عن عدد من المشاريع الضخمة ومنها منطقة اقتصادية ضخمة، بروبوتات ناطقة وسيارات ذاتية القيادة، تتطلب استثمارات بمئات مليارات الدولارات.
وحجر الاساس لإصلاحات المملكة الاقتصادية هو طرح نحو 5 بالمائة من اسهم شركة النفط الوطنية ارامكو للاكتتاب العام لمقبل.
وقال راجو "في المدى القصير (الحملة) ستزيد علاوة المخاطر، وتخفض السيولة وتخلق حالة من الارتباك. لكن إذا أدى ذلك إلى تراجع الفساد سيعود على الاقتصاد بشكل ايجابي بدرجة كبيرة".
ورأى محللون ان ولي العهد طوى صفحة في ممارسة الحكم تعود إلى عقود خلت تبناها اسلافه عبر قيامه بحملة تطهير غير مسبوقة استهدفت امراء ووزراء يعتبرها محللون استعراض قوة جريئا لكنه محفوف بالمخاطر.