الطراونة: لا نحتاج إلى قانون ضريبة جديد
أكد رئيس مجلس النواب، المهندس عاطف الطراونة، أن الاقتصاد لا يحتاج اليوم إلى قانون ضريبة جديد بقدر ما هو بحاجة إلى مكافحة التهرب الضريبي وربط فرض الضرائب بالخدمات التي تقدمها الدولة.
ودعا الطراونة إلى الاهتمام بدراسة البنود الضريبية عند اقتراح أي تعديل وربطها بالخدمات التي يتم تقديمها للمواطنين، وخصوصا الطبقات الفقيرة، وأن يتم ربط الإيرادات بالاستثمار وتوفير فرص العمل وتوجيهها جغرافيا للوصول إلى "حقوق متساوية بين المحافظات".
وقال الطراونة، خلال ورشة عمل بعنوان: "السياسات الضريبية في الأردن: مشكلات وحلول"، يجب أن لا تكون الضريبة جباية ونسبا ضريبية فقط، بل أن تكون أداة أساسية لتوزيع الثروة داخل المجتمع".
وأكد الطراونة، في الورشة التي نظمها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، ضرورة أن يتم ربط أي ضريبة سيتم فرضها بمعالجة مشكلات حقيقية تواجه الاقتصاد من فقر وبطالة، كأن توجه مردودات الضريبة إلى المناطق الأشد فقرا، أو أن يتم ربطها بتوفير فرص عمل أو بزيادة الاستثمار في مناطق معنية.
وأضاف أنّ هناك سلعا لها ارتباط سياسي قبل ان يكون اقتصاديا، فلا يجوز أن نتحدث بالمطلق عن رفع ضرائب على سلع وخدمات دون ربطه بالقرار السياسي، مشيرا إلى أنّ هناك سلعا ليس لها أبعاد اقتصادية ويجب أن تكون متوفرة بأسعار مقبولة، حتى يستفيد منها أكبر عدد من المواطنين، وهو ما يتوافق مع فلسفة الضريبة التي تعيد توزيع الدخل بين المواطنين وهذه وظيفة المشرع.
وأكد أنّ القانون الجديد يجب أن يتزامن مع برنامج خدماتي "فالجباية من المواطنين يجب أن تترافق مع تقديم خدمات موازية لهم من تعليم وصحة ومواصلات وغيرها".
كما ركّز الطراونة على ضرورة أن يكون هناك استقرار في التشريعات الاقتصادية، خصوصا في ظل الوضع الإقليمي الذي يعيش وسطه الأردن بحيث يجذب الاستثمارات.
وأكد ضرورة أن يتم إزالة التشوهات الضريبية من خلال توسعة القاعدة الضريبية ضمن برنامج زمني معين، ومحاربة التهرب الضريبي.
وأشار إلى أن الكل يتحدث اليوم عن "رد قانون الضريبة" إلا أن "رد القانون" يعني أنك تتنازل كمجلس نواب عن حقك في التشريع وإعطائه لغرفة تشريعية أخرى هي مجلس الأعيان، "فأنت صادرت حقك في إعطاء فرص للنقاش والتغيير والتطوير".
وقال إننا لسنا بحاجة الى قوانين جديدة بل لا بدّ من محاربة التهرب الضريبي، مشيرا إلى ضرورة إعطاء الأولوية إلى تغليظ العقوبات والتشدد في تحصيل أموال الدولة وتفعيل القانون الحالي في محاربة التهرب.
وقال إنّه منذ 2007 وحتى 2017 قامت الحكومات بعدة رفعات ضريبية وصلت أحيانا الى 100 % على بعض السلع وكان الهدف زيادة المردود المالي لخزينة الدولة إلا أننا اليوم نجد أن المبلغ الذي وصل الى خزينة الدولة لم يتحرك إلا بنسب بسيطة ومتواضعة. وهذا دليل على أن الحكومات لم تكافح التهرب الضريبي رغم أنها زادت من الضرائب.
وأكد أنه لا بدّ من "تمكين الرقابة" لمكافحة التهرب الضريبي وتغليظ العقوبات وربطها بمحكمة أمن الدولة واعتبر التهرب الضريبي "خيانة عظمى" بدلا من قانون ضريبة جديد.
وقال إن هناك فجوة بين ما يتم تحصيله من المواطنين كضريبة مبيعات وبين ما يتم توريده لخزينة الدولة. وأضاف "المبالغ التي يتم تحصيلها من ضريبة المبيعات تشكل 200 % من المبالع التي يتم توريدها للخزينة، وهذا خلل كبير جدا والمطلوب رقابة مشددة من الحكومة".
وقالت إنه ليس هناك نظام ضريبي عادل في الأردن وأنّ هناك الكثير من التشوهات موجودة في هذا النظام. وأكدت أنّ ليس هناك نظام ضريبي ولكن هناك "مسؤول يفكر فقط كيف يزيد الإيرادات العامة".
وأضافت أنّ الحكومة اليوم غير قادرة عن الدفاع عن سياساتها الضريبية المشوهة منتقدة غياب وزير المالية عن الجلسة التي تناقش هذا الموضوع، قائلة إنّ "عدم حضور وزير المالية إلى الجلسة هو جواب عن عدم قدرة الحكومة عن الدفاع عن سياساتها وتقديم وجهة نظرها".
وفي حديثها عن ضريبة الدخل، قالت غنيمات إنّ "ضريبة الدخل" تعتبر بمثابة "ضريبة المواطن" وهي بأساسها أن يساهم أصحاب المداخيل المرتفعة في الإنفاق على خدمات تقدم لهم بشكل رئيسي وتقدم للشرائح الأخرى بحيث يعاد توزيع المكتسبات بطريقة عادلة، مشيرة إلى أنّ هذه الضريبة لا بدّ أن تكون أداة الدولة لخلق شعور المواطنة والانتماء لدى مواطنيها من خلال تحقيق العدالة الضريبية وإيصال شعور للمواطن بأنه يتم تقديم خدمات له مقابل ما يدفعه من ضرائب.
وبينت أنّ تبعات فرض ضرائب جديدة سواء دخل أو مبيعات ستكون بشكل أساسي على الطبقة الوسطى، خصوصا إذا ما عرفنا أن هذه الطبقة تعاني من فجوة بين دخلها وإنفاقها، مضيفة أنّ هذا يأتي في الوقت الذي نجد فيه أن 48 % من الأسر الأردنية دخلهم أقل من 358 دينارا شهريا وفق أرقام دائرة الاحصاءات العامة.
وأشارت إلى أنّ "الطبقة الوسطى اليوم تدرس وتطبب أولادها في القطاع الخاص لأن الدولة عاجزة عن تقديم خدمات نوعية لها أي أنها تشعر بأنها تدفع ضرائب دون مقابل، وهذا ما ينعكس على المواطنة والانتماء".
وحول ضريبة المبيعات، أشارت غنيمات إلى أن ضريبة المبيعات لها علاقة بتحقيق إيرادات للخزينة وفيها تشوهات كثيرة.
وأكدت غنيمات أنّ الحكومات لا تمتلك نظاما ضريبيا يحقق الهدف الأساسي من فرضها وهو إعادة توزيع مكتسبات التنمية بعدالة وحماية الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل والوسطى، بل على العكس فإن النظام الضريبي في الأردن يقوم على مبدأ واحد وهو مبدأ الجباية فيما تقفل التبعات الاخرى لهذا النظام ويساهم في تهميش واضعاف شرائح اقتصادية في الأردن لا سيما الفقيرة والمتوسطة ومحدودة الدخل.
وأضافت "اذا كان النظام الضريبي جزءا رئيسيا من السياسة الاقتصادية العامة للدولة، فهل هناك سياسة اقتصادية في الأردن هل هناك نموذج اقتصادي قدمته وتبنته الحكومات المتعاقبة؟".
وأشارت إلى أن الحكومات المتعاقبة كانت دائما تتحدث عن خصخصة الاقتصاد وترشيق القطاع العام وتقليص الانفاق لنتفاجأ من 2005 وحتى اليوم بأن حجم الموازنة تضاعف وكانت الحكومات المتعاقبة تمضي في سياساتها التوسعية وتزيد قيمة إنفاقها.
وذكرت أن السياسات الاقتصادية المطبقة نجم عنها اليوم أن يكون حجم الانفاق العام في الموازنة حوالي 10 مليارات دينار بين موازنة الخزينة والمؤسسات المستقلة فيما حجم الإيرادات المحلية حوالي 7 مليارات ليكون هناك عجز في الموازنة كبير، وهذا يعني أنّ الدولة "لديها تشوه جوهري في سياستها الاقتصادية".
وقالت "الآن وصلنا إلى وضع صعب وكارثي كل حكومة تقول أنها ورثت الوضع الاقتصادي، فمتى سنبدأ بالإصلاح الحقيقي؟"
واستذكرت غنيمات قرارات قامت بها الحكومة السابقة متعلقة بتحرير المحروقات؛ حيث أشارت الحكومة حينها انها ستوفر 800 مليون دينار، والسؤال اليوم هل ظهرت نتائج هذه القرارات الصعبة في أرقام الموازنة العامة هل انخفض الانفاق؟ والجواب هو لا".
وقالت السؤال الذي لا بد أن تجيب عليه كل الحكومات "أين نتائج القرارات الصعبة؟، وهل القرارات الجديدة تم حساب أثرها بشكل فعلي؟".
وأشارت إلى أن تعديل القانون الحالي لن يحمي الطبقة الوسطى بل سيضعفها ويدفعها للانزلاق إلى الطبقات الأفقر، ولا بد من أن تركز الحكومة على أن يكون القانون ليس قانونا ماليا فقط يحقق إيرادا بل قانون يحمي الاستقرار الاجتماعي، مشيرة إلى أنّ معدل نمو المداخيل خلال الاعوام الثلاثة الأخيرة كان 3 دنانير فكيف سيقوى المواطن على استيعاب القرارات الصعبة، في حين أنّ الحكومة لم تقم بتحقيق نمو اقتصادي ينعكس على دخله.
ودعت غنيمات إلى ضرورة أن يتم مراجعة النموذج الاقتصادي كاملا وإعادة هيكلة الاقتصاد بحيث "تحدد هوية واضحة للاقتصاد الأردني" ومن ثمّ يتم الحديث عن قانون الضريبة والنظام الضريبي بحيث يكون نظاما عادلا بالضرورة.
وقالت إن الإيراد من ضريبة الدخل قليل، ولكن ليس لأنّ عدد الذين يدفعون الضريبة قليل كما تدعي الحكومات، بل لأن الحكومات تثقل المواطن بضرائب أخرى.
وأشارت إلى أنّ نسبة الإعفاءات في ضريبة الدخل عالية (12 ألف دينار للفرد و24 ألفا للأسرة) انما هذه الشريحة هي التي تحتوي الطبقة الوسطى، والتي يجب أن أحافظ عليها كدولة لأنها أساس تطوير المجتمعات، وهي التي ستساعد بإنقاذ الشرائح الفقيرة.
وأكدت أنه يجب "ترك هذه الشريحة بسلام" إلى أن تعالج التشوهات في بند ضريبة المبيعات وهي نسبة عالية جدا، وأن تعالج التهرب الضريبي في جانب ضريبة الدخل.
وقالت إنّ الحكومات ليس لديها الأدوات وأحيانا الرغبة في معالجة التهرب الضريبي، مشيرة إلى أنّ الحكومات تتحدث منذ أكثر من 10 سنوات عن "الفوترة"، ومحاربة الفساد في حين لم يكن هناك أي تقدم في هذا المجال.
وقالت آن الأوان أن يكون لدى الحكومات خطة اقتصادية وسياسات تركز على النمو الاقتصادي وليس على الجباية حتى يشعر المواطن ببداية الأمل، مشيرة إلى أنّه حتى الحكومة الحالية ليس لديها خطة اقتصادية.
وأشارت إلى أنّ الدولة لم تحقق أي انعكاس إيجابي لنموها الاقتصادي على المواطن، خصوصا مع معدلات النمو السكاني العالية.
وبينت أنّ الحكومات المتعاقبة لم تكن قادرة على إدارة الملف المالي والاقتصادي خلال السنوات الأخيرة الماضية.
وكان رئيس مجلس أمناء مركز الفينيق، الدكتور مصطفى شنيكات، أكد في افتتاح الورشة أن تطوير السياسات الاقتصادية يجب أن يراعي حقوق الإنسان والحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وقال إن السياسات الضريبية في الأردن تعاني من العديد من الاختلالات سواء من ناحية نسبة ضريبة الدخل إلى الناتج المحلي الإجمالي وقلة عدد الشرائح التي تطبق عليها الضريبة التصاعدية، مقابل ارتفاع ايرادات ضريبة المبيعات، يرافقها ارتفاع في مستوى التهرب الضريبي.