استشراء الفساد في المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة

تعيش المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة هذه الأيام وسط الاتهامات والشكوك بالفساد وتلقي الرشاوى، ما يشكك بمصداقيتها ويؤثر سلبيا على قدرتها على ممارسة عملها.
وبالسياق، شرعت وحدة التحقيقات الخاصة في الشرطة الإسرائيلية، بالتحقيق في شبهات الفساد ضد رئيس الائتلاف الحاكم، دافيد بيطان، عضو الكنيست الأقرب في هذه المرحلة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي برز في الآونة الأخيرة كمن يجند قواعد جماهيرية لمناصرة نتنياهو، المتورط بسلسلة قضايا فساد.
وبحسب ما نشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن بيطان متورط بتلقي رشاوى، وبقضايا غش وخداع، حينما كان يتولى منصب نائب رئيس بلدية ريشون لتسيون، إحدى المدن الكبرى المجاورة لتل أبيب.
وتجري الشرطة تحقيقات واسعة مع كبار المسؤولين في بلدية ريشون لتسيون، وكما يبدو أن الخيوط قد وصلت إليه، وقدمت الشرطة أدلة وإفادات للمدعي العام، والمستشار القضائي للحكومة، طالبة التحقيق مع بيطان.
وبينت التقارير الصحفية والإعلامية الإسرائيلية، أن محور التحقيق ضد بيطان يتركز حول العلاقات المتبادلة على ما يبدو بينه وبين رجال الأعمال، جعلته صاحب نفوذ قوي في المدينة والبلدية.
وظهرت هذه القضية، بعد أقل من شهر، من قيام بيطان، الذي يتحول الى رجل قوي في حزب "الليكود"، بتنظيم اجتماعات واسعة لأعضاء الحزب ومناصريه، دعما لنتنياهو، الذي يواجه عدة قضايا فساد. وتحولت هذه الاجتماعات الى مهرجانات تحريض من نتنياهو على الشرطة ووسائل الإعلام، واصفا نفسه بأنه مستهدف.
ويذكر أن بيطان من أبرز النواب الذين يقودون مشاريع قوانين عنصرية وداعمة للاحتلال والاستيطان، ويصعد خطابه العنصري المتطرف، وهذه ظاهرة لدى العديد من الساسة الإسرائيليين، الذين يتضح لاحقا أنهم متورطون بقضايا فساد.
وفي الأيام الأخيرة، تم التهديد بحل الائتلاف الحاكم، إذا لم يصادق شركاء الليكود على مشروع قانون يقدمه أحد نواب الليكود، يحظر التحقيق مع رئيس الوزراء في قضايا فساد وغيرها، طالما هو في منصبه. وهذا قانون جرى نسخه من كتاب القوانين الفرنسي.
وبحسب تقارير إخبارية وإعلامية إسرائيلية نشرت هذا الأسبوع، فإن مشروع القانون هذا، قد دفن في المهد، لأن غالبية الأحزاب في الائتلاف الحاكم تعارضه، كما أن المستشار القضائي للحكومة يعارضه.
وثارت ضجة في اليومين الماضيين، بعد أن اتضح أن نتنياهو يرفض تعيين مواعيد لطاقم التحقيق في الشرطة، لإجراء أربع جلسات تحقيق، تم الإعلان عنها في مطلع الشهر الحالي. وحتى أمس، لم يتم تعيين مواعيد كهذه، ما يعني أن نتنياهو يماطل في التحقيقات ضده، من أجل كسب الوقت.
وتجري الشرطة في هذه المرحلة، تحقيقات ضد نتنياهو وضد وزيرين في قضايا أخرى، وهما وزير الداخلية، آرييه درعي، زعيم حزب "شاس" الديني، الذي قبع في السجن سابقا على خلفية فساد، ووزير الرفاه حاييم كاتس من حزب الليكود.
كما تجري الشرطة تحقيقات ضد رئيس الائتلاف الحاكم بيطان، وضد رئيس لجنة القانون والدستور البرلمانية، نيسان سلوميانسكي، من تحالف أحزاب المستوطنين، وهو مشبوه بقضايا اعتداءات جنسية.
كما قررت النيابة الإسرائيلية تقديم لائحة اتهام ضد نائبة وزير الداخلية السابقة فانيا كيرشينباوم، في قضايا تلقي رشاوى.
وفي سياق متصل، تواصل الساحة الإسرائيلية انشغالها، بخطاب الرئيس الإسرائيلي رؤوفين رفلين، في افتتاح الدورة الشتوية للكنيست مساء الاثنين الماضي، إذ كان واضحا خط الصدام بينه وبين نتنياهو. فقد حذر رفلين من الهجوم على جهاز القضاء، وعلى وسائل الإعلام، معتبرا أن هذين الجهازين من المقومات الأساسية للديمقراطية، وحذر من سطوة الجهاز السياسي على الإعلام والقضاء.
وكانت هذه انتقادات واضحة من رفلين لنهج نتنياهو. لذلك هاجم عدد من الوزراء من حزب الليكود الرئيس رفلين، ومن بينهم، الوزيران أوفير أكونيس وميري ريغيف، اللذان اعتبرا أن رفلين خرج عن صف اليمين، وأنه "نسي أنه جاء من حزب "الليكود".
وبالسياق، قالت مصادر في حزب الليكود، للإذاعة الإسرائيلية العامة، إن رفلين ينتقم من نتنياهو الذي عارض قبل 4 سنوات انتخابه رئيسا لإسرائيل.
ووصلت نقمة اليمين المتطرف على رفلين، إلى الشارع، إذ تم فجر أمس كتابة شعارات على جدران مدرسة ابتدائية في مدينة بني براك، المحاذية لتل أبيب، ضد رفلين، وإلصاق صورة له، بزي النازية. وقال رفلين في بيان لوسائل الإعلام، إن "حمل لقب خادم جمهور ليس بسيطا أحيانا، فإن ذلك يضعك على خط المواجهة". وصدرت بيانات استنكار من نتنياهو ذاته، ورئيس الكنيست يولي ادلشتاين، وغيرهما لهذه الشعارات.