كيف تعرف أنك مسحور...!!
يتَّفِقُ العُلَماءُ على وُجودِ السِّحرِ كأَثرٍ يَتعرَّضُ لهُ الآدميُّ في حياتِهِ وفي تيسيرِ أمورهِ حتى إنَّهُ قد يَنصَرِف عن أمورٍ مُحبَّبةٍ لهُ كزوجَتِهِ بلا تَدبيرٍ منه ولا تفسيرٍ، فهو بسبب السحر مَسلوب الإرادَةِ، عَديمُ المسؤوليَّةِ، ضَعيفُ التَّركيزِ لِما وَقَعَ عليهِ من أثرِ السِّحر. يُجمِعُ العلمُ ويتَّفِقُ على واقعيَّةِ الأثرِ وصِدقه، ويَنقَسِمُ العُلَماءُ في تأييدِ فكرةِ السِّحرِ كحقيقةٍ عِلميَّةٍ تُكتَسبُ بالتَّعلُّمِ والخبرةِ بينَ مؤيدٍ موضِّحٍ ومُعارضٍ مُبرِّرٍ؛ فَيستَشهِدُ الفَريقُ الأوَّلُ بحادِثةِ سحرِ الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وبآياتِ السِّحر المذكورَةِ لفظاً وحقاً في غيرِ موضِعٍ من القرآن الكريمِ وفي سورةِ البَقرةِ على وجهِ الخُصوص، فيما يرى المُعارضونَ بأنَّ السِّحرَ لا يَتعدَّى حالةً من التَّشويشِ والتأثيرِ والخِفَّةِ دونَ تغيير الحقيقةِ أو المادَّة.[١] تَبرُزُ حُجَّةُ المؤيّدين لفكرة السحر في الآتي: الاستشهاد في الآيةِ القرآنيَّة: (وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ)[٢] والتي أُنزِلَت لِتبرِّئ نبيَّ اللهِ سُليمانَ عليهِ السَّلامُ من الكُفر المُتمثِّلِ في السِّحر، ذلك لأنَّ اليَهودَ أرادوا أن يَنالوا من رَسولِ الله مُحمَّد عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لمَّا ذَكَرَ سُليمانَ فيمن ذَكرَ من الأنبياءِ والمُرسلينَ عليهم الصَّلاة والسَّلامُ فقال اليَهودُ: انظروا إلى مُـحمَّد يَخـلطُ الـحقّ بـالبـاطِل، يَذكُر سُلـيـمانَ مع الأَنبـياء، وإنـَّما كانَ ساحراً يَركبُ الرِّيح، فأنزَلَ الله الآيةَ تبرِئةً لِنبيِّهِ سُليمانَ عليهِ الصَّلاة والسَّلامُ وتِبياناً للحقِّ؛ والحقيقَةُ أنَّ الشياطينَ زَمَنَ سُليمانَ كانت تَستَمِعُ الوَحيَ من السَّماءِ فَتَزيدُ فيهِ أضعافاً مِن كَذِبِهم حتَّى تشرَّبها النَّاسُ وجَعلوها في قراطيسَ يتعلَّمونها، فاطَّلَعَ على ذلكَ سليمانُ فجمَع القراطيسَ وأخفاها تحتَ كُرسيِّه، فلمَّا ماتَ استخرجتها الشياطينُ بأيدي النَّاس زاعمينَ أنَّها كنوزُ سُليمانَ التي ظَهرَ فيها وما كانت قوَّتهُ بِسواها وإنَّهُ كانَ يُخفيها حسداً أن لا يَرِثها أحدٌ بعده، فجاءَت الآيةُ الكَريمةُ مُبيِّنةً للحقِّ كاشِفةً زورَ اليهودِ ومَكرَ الشَّياطين.[٣][٤][٥] الاستشهاد بالحديثِ النَّبويِّ المشهور بحديث السِّحر؛ إذ سَحرَ الرَّسولَ عليه الصَّلاةُ والسَّلام يهوديٌّ من يهودِ بني زُريقٍ اسمه لبيدُ ابن الأعصَم، فأعمَلَ السِّحرُ في رَسولِ اللهِ حتى جاءَهُ مَلَكانِ أحدُهُما عندَ رأسِهِ والآخرُ عند رِجليهِ فأفتَياهُ في حالِهِ وفي مَكانِ سِحرِه، فاستخرَجهُ نَفرٌ من الصَّحابةِ فكانَ فيهِ شِفاءُ الرَّسولِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام.[١][٦]