800 طفل ينبشون النفايات يوميا !

 

جراءة نيوز - عمان : يبدأ نهاره في السادسة صباحا، يتجه نحو حاويات القمامة، يغوص فيها باحثا عن كل ما له قيمة، وينتهي يومه في السابعة مساءً على وجبة عشاء تجمع أفراد العائلة على بقايا طعام وجدها خلال نبش النفايات.
يجلس علي (14 عاما) مع أسرته المكونة من ستة أفراد على وجبة طعام مكونة من أرز مطبوخ ولحم معلب وجد في أحد الحاويات، بدون إدراك منهم خطورة تلك الوجبة التي غالبا ما تكون فاسدة ومنتهية الصلاحية.
بلهجة تتسم بالثقة بالنفس يقول علي "الشغل مش عيب، نحن نعمل كي نعيش". ويستعرض علي (الذي يمتلك بنية جسدية صغيرة توحي بأنه أصغر من عمره الفعلي) أنواع الخردة التي يجمعها من الحاويات، التي تنقسم بشكل أساسي إلى أربع فئات "البلاستيك، الحديد، علب المشروبات الغازية والخبز الجاف الذي يباع كأعلاف للماشية".
وإلى جانب الخردوات التي تباع لاحقا لتجار الخردة بعد فرزها وفقا للنوع، فإن الحاويات قد تكون مصدرا لحاجات أخرى تصلح لاستعمال الأسرة كبقايا الطعام وألعاب بالية تشكل مصدر بهجة لأطفال العائلة.
علي واحد من 800 طفل يعملون في نبش النفايات، وفقَ تقديرات دراسة أعدَّها مركز العمل الاجتماعي حول المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والصحية لعمل الأطفال في الأردن العام 2010.
وتصنف وزارة العمل نبش النفايات ضمن أسوأ وأخطر أنواع عمالة الأطفال، في وقت يشكل الأطفال العاملون في جمع النفايات 13 % من مجموع عمالة الأطفال في الأردن المقدر عددهم بـ6120 طفلا عاملا، وفقا لذات الدراسة.
يقر أبو علي الذي التقته "الغد" في إحدى مناطق تجمع العائلات التي تعمل في مجال فرز النفايات، أن "اسلوب الحياة هذا ليس ما أتمناه لأبنائي، لكن قله الحيلة فرضت علينا أن نعيش بما لا نرضى".
ويتابع "عندما يبلغ أبنائي سن السادسة ألحقهم بالمدارس الحكومية لكنهم يواجهون برفض المعلمين والطلبة لهم، لكونهم ينتمون لأسر تعمل في جمع النفايات".
ويقول "بماذا سيفيدهم العلم، الشغل أصلح لهم من أن يكونوا محط سخرية بين الأولاد"، مقللا من المخاطر المحيطة بأبنائه جراء العمل في مهنة تصنف ضمن أسوأ أنواع عماله الأطفال، وبجملة مقتضبة ينهي الحوار "الله اللي بحمي".
دراسة أعدتها أمانة عمان الكبرى العام الماضي وشملت 116 "نابشا" و15 "وسيطا"، يعتاشون على "نبش النفايات"، كشفت أن 96 % منهم لا يعون خطورة مهنتهم، لجهة الأمراض التي يمكن أن تصيبهم، خصوصا مرض الكزاز (التيتانوس)، في حين يبقى الأطفال العاملون في هذا المجال أكثر تعرضا للمخاطر الصحية لعدم درايتهم بكيفية التعامل مع النفايات.
"الله اللي بحمي" مقولة تنطق كذلك بحال صدام وشقيقه حسن، اللذين فصلتهما ثوان معدودة عن تعرضهما للموت جراء حادث دهس من قبل جرافة مسرعة على شارع رئيسي في منطقة ياجوز.