خبراء يؤكدون أهمية الحد من التهرب الضريبي خصوصا بين المهنيين

أكد خبراء مختصون في مجال الضريبة، أهمية وضع إجراءات جديدة تحد من التهرب الضريبي، من الدخل والمبيعات، خصوصا من المهنيين، وتحقق العدالة بين القطاعات، وتزيد في المقابل من دخل الخزينة بدون تحميل المواطن والأفراد أي أعباء جديدة، وذلك حماية للطبقات المتوسطة ومتدنية الدخل.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني، أكد  أهمية خطة الإصلاح المالي "في الوصول إلى اقتصاد قوي ومنيع، إلى جانب ما نقوم به من إصلاح مالي يرتكز على ضبط الإنفاق الجاري، والتصدي للتهرب الضريبي".
وشدد الخبراء على أهمية تفعيل التحصيل الضريبي من المهنيين في مقدمتهم أطباء الاختصاص والأطباء العامون والمحامون والمكاتب الهندسية والاستشارية، بدون الحاجة إلى تعديل القانون الحالي، مع وضع حد للتعديلات المتلاحقة في التعليمات التي تربك المكلفين، على حد تعبيرهم.
وكان منتدى الاستراتيجيات الأردني أصدر ورقة سياسات، عرضها أمام رئيس الوزراء، بين فيها انخفاض الإيرادات الضريبية من المهنيين والشركات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة "بسبب التهرب الضريبي وضعف التحصيل"؛ حيث بلغ مجموع الإيرادات الضريبية من حوالي 150 ألفا من المهنيين والشركات الصغيرة والمتوسطة في العام 2016 إلى حوالي 75 مليون دينار، "وهو رقم متواضع جدا؛ أي بواقع 400-450 دينارا سنويا لكل شركة، وهو رقم صغير جدا بالنسبة لهذه الشركات والمشاريع".
وأوصى المنتدى بأن تتم زيادة إيرادات ضريبة الدخل من خلال الحد من التهرب الضريبي وإجراء مراجعة شاملة وعادلة للنظام الضريبي في الأردن.
وأكد الخبراء أهمية جمع المعلومات عن المكلفين بدفع الضريبة، سواء الدخل أم المبيعات وبشكل محكم كون ذلك يساعد على بناء نظام ضريبي ويسهم في الحد من التهرب الذي تمارسه بعض القطاعات.
كما أكدوا أهمية تحقيق العدالة بين القطاعات فيما يتعلق بالنسبة الضريبية وتخفيف العبء عن الأفراد وإصدار قانون يلزم إصدار فاتورة عند تقديم الخدمة أو بيع السلع، وإجراء مسح شامل لتحديد الشركات التي تلتزم بمسك سجلات مالية وتقديم كشف التقدير الذاتي من تلك التي لا تلتزم ومراقبة عملها لشمولها ضمن النظام الضريبي والحد من التهرب.
وقال المستشار الضريبي ونائب رئيس جمعية خبراء ضريبة الدخل والمبيعات، إبراهيم حرب "إن التهريب متأصل، القوانين تعدلت 3 مرات منذ العام 2009، لكن التعديل للتعليمات غير متوفق، وباب الاجتهادات مفتوح حسب المزاج العام للموظفين، وهذا سبب رئيس في نفور المكلفين من التعامل الضريبي".
وأضاف أن القوانين معرضة للاجتهادات الشخصية، وهذا يؤدي إلى التجنب والتهرب الضريبي، تدعمها وجهة نظر لدى المكلفين غير الملتزمين بأن الدولة لا تغطي احتياجات المواطنين الأساسية، وأن الضريبة المدفوعة لا تعود على دافعيها بالنفع والمردود على كفاءة البنية التحتية.
وأشار حرب الى أنه لا يوجد أمان اجتماعي لدافع الضرائب في الأردن كونه لا يحس بالعائد، داعيا إلى مد جسور الثقة بين المكلف والدولة من جهة، وبين المكلف والجهة المكلفة بتنفيذ قانون ضريبة الدخل من جهة أخرى.
وبين حرب أن الثقة بين المكلف والمقدر الضريبي منعدمة؛ إذ لا يتم قبول كشف التقدير الذاتي كما هو حسب أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال، تشكل كشوف التقدير الذاتي التي يتم تعديلها حولي 90 % من إجمالي كشوف التقدير، التي تم تخفيضها أخيرا بعد توصية من صندوق النقد الدولي.
وحول تهرب المهنيين، خصوصا الأطباء وأطباء الاختصاص، أكد أن المستشفيات هي التي تتستر على تهرب الأطباء خوفا من تضارب المصالح وتحويل الطبيب مرضاه إلى مستشفى آخر، إذا هم أبلغوا عن دخله الحقيقي من حالات الإدخال التي يحولونها.
وقال المستشار الضريبي "إن الحل يكمن في إلزامية إصدار الفاتورة"، داعيا إلى سن قانون رادع لحالات عدم إصدار الفاتورة أو عدم طلبها من قبل المستفيد، لافتا إلى أن بعض الدول تراقب مداخل المحال التجارية لتتأكد من وجود فاتورة تعكس المشتريات ومن اقتطاع الضريبة حسب الأصول.
ومن جانبه، دعا المحامي المختص في القضايا الضريبية، عبد الرحيم الحياري، إلى الابتعاد عن الأسلوب الجزافي في التقدير على المكلفين، وإعادة النظر في نسبة الغرامة المفروضة (4 بالألف) وتحويلها إلى نسبة الفائدة القانونية 9 % والتي لا تزيد بالنهاية على 50 % من أصل المبلغ.
وقال الحياري "نحتاج إلى تخفيف العبء الضريبي على المكلفين وتوسيع قاعدة الشمول بالضريبة واتباع أساليب علمية حديثة في تحصيل الضريبة من الأفراد والمؤسسات".
وفيما يتصل بالتعديلات المقترحة على قانون ضريبة الدخل، قال المحامي "إن تعديل القانون يجب أن يراعي مقدرة المكلف على الدفع وحاجة الدولة للمال"، مشددا على ضرورة إجراء مسح ميداني للمنشآت المسجلة لدى وزارة الصناعة والتجارة والتموين لتحديد الشركات التي تلتزم بتقديم إقرار ضريبي من عدمه ومتابعتها من قبل أجهزة الضريبة.
وحول تهرب المهنيين من دفع ضريبة الدخل، أكد أن المهنيين، خصوصا الأطباء، يعالجون بدون فواتير ويتقاضون أجورهم نقدا وعبر تفاهمات خارج نطاق المستشفيات التي يجرون فيها العمليات والمعالجات وبالتالي لا تدخل في حساب ضريبة الدخل، داعيا إلى فرض مزيد من الرقابة على الأطباء، خصوصا الاختصاص، وتعزيز "نظام الفوترة" وزيادة الإعفاءات للمبالغ التي يتم تقديم فواتير أصولية فيها.
ومن جهته، دعا تاجر سيارات إلى تشديد الرقابة على بطاقة المستورد التي يتم منحها بشروط ميسرة بدون التحقق من سجل المستورد؛ حيث يترتب على المستوردين عائدات ضريبية تتجاوز عشرات الآلاف، بينما قسيمة الكفالة لا تتجاوز 10 آلاف دينار، ما يجعل أمر مصادرة الكفالة أوفر على المستورد ببطاقة من دفع الضريبة المستحقة.
وأكد أن غالبية مستوردي السيارات والوكلاء، يستوردون السيارة ويصدرون البيان الجمركي باسم المشتري حتى لا يتراكم لديهم مستوى الدخل ويدفعون الضريبة لخزينة الدولة.
وبين حرب أن الثقة بين المكلف والمقدر الضريبي منعدمة؛ إذ لا يتم قبول كشف التقدير الذاتي كما هو حسب أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال، تشكل كشوف التقدير الذاتي التي يتم تعديلها حولي 90 % من إجمالي كشوف التقدير، التي تم تخفيضها أخيرا بعد توصية من صندوق النقد الدولي.