الكهرباء أخيرا من الصخر الزيتي
حديث الطاقة وتكاليفها الباهظة يشغل الاردنيين منذ مدة طويلة الا انه تكثف خلال الاونة الاخيرة ليصبح هما مقلقا بعد ان بدأت الحكومة في إلقاء اعبائها الثقيلة على المواطنين والقطاعات المختلفة، خاصة بعد الرفع المتتالي لاسعار بعض المشتقات النفطية وفاتورة الاستهلاك الكهربائي بما ينذر بموجة من الاختلالات المتوقعة على الاسواق واجور الخدمات المحلية لا يمكن التكهن بمداها، في ضوء عدم القدرة على السيطرة عليها كما ثبت من كل التجارب السابقة في هذا الشأن لان القوانين النافذة تلتزم حرية الأسواق التي لا قيود فاعلة عليها.
ما يعمق من ازمة الطاقة وارتفاع المستوردات منها الى مليارات الدولارات التي تتزايد عاما بعد آخر لانها تشكل 98% من الاحتياجات الضرورية التي لا بد منها، ان الاردن لم ينجح حتى الان في التوجه نحو الطاقة البديلة واستثمار ثرواته الطبيعية من شمس ورياح ومخزونات ذات طبيعة نفطية في التخفيف من النفقات الهائلة التي يتكبدها في هذا المجال، وبقيت خياراته محدودة تماما وخاضعة لتطورات الاسعار العالمية وما يطرأ من مشكلات عارضة تفرض نفسها ولا قبل له بها كما هو الحال مع الانقطاعات المتواصلة في خط الغاز المصري الذي ساهم في وصول تكاليف توليد الطاقة الكهربائية الاردنية الى مستويات قياسية.
في غمرة ذلك كله جاءت الاتفاقية التي توافق عليها الاردن قبل ايام مع ائتلاف شركات اردنية واستونية وماليزية لإنتاج الطاقة من الصخر الزيتي بمثابة اول ضوء حقيقي في نهاية النفق الشديد الظلام، لانها تستهدف بناء اول محطة من نوعها في المنطقة العربية لتوليد الكهرباء بقدرة اربعمئة وستين ميجاواط بحلول عام 2016م، عن طريق إنتاج ما يصل الى حوالي اربعين الف برميل يوميا من هذا الوقود الحيوي المتوفر باحتياطات هائلة في الاراضي الاردنية تقدر بما يزيد على الاربعين مليار طن ! .
ما يعطي لهذه الاتفاقية اهميتها رغم انها لم تحظ بالاهتمام الاعلامي اللازم، انها تأتي في هذه الايام التي تسيطر فيها هموم الطاقة على اذهان الاردنيين شعبا وحكومة، بعد ان وصلت الامور الى حد اليأس في اوساط الرأي العام من القدرة على استثمار الثروات الوطنية ومن تبديد الكثير منها في صفقات بيع اصول القطاع العام، حتى ان وزارة الطاقة اعتبرت ان اعتماد الصخر الزيتي كمصدر للطاقة لاول مرة في الاردن، يمثل خطوة مهمة واساسية على طريق تأمين وتوفير الاكتفاء الذاتي من الطاقة اعتمادا على مصادر محلية وثروات طبيعية، وان المحطة الكهربائية الجديدة ستلعب دورا مهما في دفع عجلة الاقتصاد الوطني من خلال تخفيض نفقات استيراد الطاقة بما يزيد على ثلاثمئة وخمسين مليون دينار وربما يصل الى نصف المليار سنويا ! .
إذا ما كانت هذه الاتفاقية في غاية الاهمية فان الاهم منها يبقى هو طبيعة الشروط التعاقدية بين الطرف الاردني والاطراف الاجنبية الاخرى فيها وهو ما يستلزم توضيح البنود التي تم التوافق عليها بما يعطي للاردن حقوقه الكاملة من استغلال احتياطاته من الصخر الزيتي في توليد الطاقة الكهربائية، خاصة أن التفاعلات ما زالت قائمة حول مصادقة مجلس النواب مؤخرا على اتفاقية استغلال الغاز من حقل الريشة النفطي مع شركة بريتش بتروليوم .. لان الشفافية واظهار الحقائق هو ما يكفل النجاح لاي مشروع في استثمار الطاقة او غيرها ! .