منح بالملايين وأعباء بالمليارات والاقتصاد الوطني يجابه وحيدا

في الوقت الذي تجهد فيه الحكومات على مدار 6 سنوات، هو عمر الأزمة السورية، لمواجهة أعباء اللجوء السوري بتدفق قرابة 1.4 مليون نسمة ورغم المحاولات المكثفة لجذب المنح في مجالي الصحة والتعليم إلا أن المنح والمساعدات ما تزال دون حجم الضرر الذي وقع على الاقتصاد الوطني.

وعاني الاقتصاد الأردني جراء "الربيع العربي" وأزمات المنطقة وانقطاع إمدادات الغاز المصري، إلى جانب الصراع في سورية وتوقف صادرات المملكة إلى العراق، في ظل تدفق اللاجئين السوريين للمملكة، حيث أن الموازنة العامة في الفترة (2011 - 2017) تظهر عجزا متراكما خلال تلك الفترة قدره 7.8 مليار دينار، فيما تلقت الموازنة منحا مباشرة من الدول الخليجية والولايات المتحدة قيمتها 5.8 مليار دينار بتلك الفترة.

يأتي ذلك في ظل عدم إيفاء العديد من الدول المانحة بتعهداتها للمملكة، الأمر الذي دعا المسؤولين إلى توجيه نداءات متكررة لتلك الدول لكن دون أن تلقى الصدى اللازم، كما أن صندوق النقد الدولي وجه العديد من النداءات للدول المانحة لمساعدة المملكة وتقديم الدعم لها، لكن دون جدوى حقيقية، مما انعكس سلبا على ارتفاع المديونية لمستوى يقارب 95 % من الناتج المحلي الإجمالي.

وأقرت الحكومة والمجتمع الدولي خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية 2017 - 2019 بحجم 7.6 مليار دولار، بمعدل حوالي 2.5 مليار دولار سنويا، منها 2.9 مليار لدعم الموازنة و4.6 مليار لدعم متطلبات الاستجابة الأخرى خارج الموازنة.
وعلى ضوء الخطة، فإن من المفترض أن تتلقى الخزينة كدعم 2.05 مليار دينار، بموجب ما أعلن عنه سابقا لخطة الاستجابة السورية إلا أن الأرقام الرسمية التي تقوم عليها بنيت على أساسها الموازنة افترضت ورود منح كدعم للموازنة المركزية بمقدار 777 مليون دينار قرابة نصفها من الولايات المتحدة.

وزادت المساعدات المقدمة للمملكة من الولايات المتحدة الأميركية حوالي 212 مليون دولار عن القيمة التأشيرية للمساعدات الاقتصادية الواردة في مذكرة التفاهم التي تحكم المساعدات الأميركية للمملكة خلال الفترة 2015 - 2017، والتي تم توقيعها بين الجانبين في شهر شباط (فبراير) من العام الماضي. وتتوزع المبالغ الإجمالي والبالغة حوالي 812 مليون دولار، ما بين 470 مليون دولار قيمة المنحة النقدية الأميركية المخصصة لدعم الموازنة العامة.

وفي الثاني من كانون الثاني (يناير) الماضي أعلن وزير التخطيط والتعاون الدولي عماد الفاخوري أن حجم التمويل الإجمالي المقدم من المجتمع الدولي لخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية 2016 – 2018 ارتفع إلى ما يعادل 54.05 % من إجمالي الاحتياجات المطلوبة توزعت على دعم المجتمعات المستضيفة 482.1 مليون دولار ودعم اللاجئين 568.1 مليون دولار ودعم الخزينة 385.9 مليون دولار منذ مؤتمر لندن لدعم سورية والإقليم الذي عقد في الرابع من شباط (فبراير) الماضي 2016، وذلك مقارنة مع الدعم المقدم خلال السنوات الماضية والذي لم يتجاوز ثلثي كلفة الخطة.

وبلغت المنح الخارجية خلال النصف الأول من العام الحالي ما مقداره 118.2 مليون دينار مقابل 240.7 مليون دينار خلال نفس الفترة من العام 2016، أي بانخفاض بلغ حوالي 122.5 مليون دينار أو ما نسبته 50.9 % مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
غير أن وزارة المالية بررت هبوط المنح بأنها ستلسم الى الخزينة وغالبيتها في الربع الأخير من العام الحالي.

وعلى الرغم من دخول اتفاقية تبسيط قواعد المنشأ بين المملكة والاتحاد الأوروبي عامها الثاني، ومع ذلك لم تتمكن سوى شركتين أردنيتين فقط من التصدير إلى السوق الأوروبية، من أصل 8 شركات استطاعت أن تستثمر متطلبات وشروط التصدير عبر الاتفاق الجديد، علما بأن اتفاق تبسيط قواعد المنشأ في تموز (يوليو) الماضي.
ووقع الأردن والأوروبيون اتفاقية تحت عنوان "تبسيط قواعد المنشأ"، التي كانت ضمن مخرجات مؤتمر لندن ودخلت حيز التنفيذ من يوليو (تموز) 2016 وحتى العام 2026. وشمل الاتفاق 18 منطقة ومدينة تنموية وصناعية في كافة أنحاء المملكة، تستطيع أن تصدر حوالي 3 آلاف سلعة للسوق الأوروبية، باستثناء الزراعية والصناعات الغذائية.

وتشمل التسهيلات المصانع القائمة؛ إذ يتم التصدير من خلال تحقيق الشرط المتضمن توظيف حوالي 15 % لأول عامين من العمالة السورية من اجمالي العمالة بالمصنع على أن ترتفع إلى 25 % كحد أقصى بعد العامين وأن تشكل العمالة الأردنية 75 %. كما تشمل التسهيلات ما يعادل تخفيض القيمة المضافة إلى 30 % بدلا من 50 إلى 65 % كما كان سابقا.

وانخفضت قيمة الصادرات الوطنية إلى دول الاتحاد الأوروبي العام الماضي بما نسبته 4 % لتصل إلى 116.8 مليون دينار مقارنة بنفس الفترة من العام 2015 التي وصلت فيه إلى 121.6 مليون دينار.

وبدأت الحكومة بالسعي للوصول إلى إصدار 200 ألف وظيفة للسوريين، وذلك من خلال التركيز على أن هناك عمالة سورية في سوق العمل الأردني، وتعمل بشكل غير قانوني، ولا بد أن تتحول إلى العمل بصورة قانونية، فقامت الحكومة لتشجيع السوريين بإعفائهم من رسوم تصاريح العمل، ثمّ قامت بإعفاء أي عامل سوري عنده مخالفات للعام الماضي، في إطار اتفاقه مع الاتحاد الأوروبي من أجل تنسيط قواعد المنشأ.

وكان وزير الصناعة والتجارة والتمويل يعرب القضاة، قال في تصريحات صحفية سابقة، إن بين التحديات التي تواجه الحكومة في تحقيق رقم الـ200 ألف، هو عدم إقبال العامل السوري على إخراج تصريح عمل إما لأنه يرغب في أن يبقى تعريفه "لاجئا"، بحيث يضمن استمرارية الحصول على المساعدات من قبل الأمم المتحدة والجهات المانحة والتي تقدر أحيانا بين 250 إلى 280 دولارا شهريا، كما أنه يتخوف من أن فقدان هذه الصفة تقلل من فرص لجوئه إلى أوروبا والولايات المتحدة مستقبلا.

ومع التباطؤ الاقتصادي وضغط اللجوء ارتفعت معدلات البطالة في الربع الأول من العام 2017 إلى 18.2 %، وبلغ معدل البطالة للذكور 13.9 % خلال الربع الأول من العام الحالي مقابل 33.0 % للإناث لنفس الفترة.

وتعد اليابان شريكا للمملكة من ناحية تقديمها المساعدات والقروض كالعديد من الدول الصديقة؛ حيث أعلنت بالأمس عن توقيع اتفاقية منح بقيمة 12.6 مليون دولار لتمويل المرحلة الثانية من مشروع إعادة تأهيل وتوسعة شبكة مياه البلقاء، ضمن برنامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة.