ما الذي يعنيه تراجع الدولار؟

انخفضت قيمة الدولار إلى حد كبير منذ بداية العام الحالي، الأمر الذي أنهى الارتفاع الحاد الذي عقب انتخاب الرئيس الجديد دونالد ترامب مباشرة.
ولنطرح مثالا واضحا على ذلك، فإن عدد أوراق اليورو التي يمكن الحصول عليها مقابل دولار واحد قد انخفضت إلى أخفض مستوى لها في أكثر من عشر سنوات، وانخفض الدولار أيضاً مقابل الجنيه الاسترليني، والين الياباني والرنمينبي الصيني.
هل هذا خبر سيئ؟
إن سعر الصرف هو الثمن أو السعر النقدي، فعندما ينخفض سعر الحليب، يعتبر ذلك أمرا جيدا بالنسبة للأسر لكنه سيئ بالنسبة لمزارعي الألبان. وعندما تنخفض أسعار الغاز، تملأ السعادة قلوب الركاب لكنها في الوقت نفسه تجعل من شركة "إيكسون" حزينة. ومن هنا، فعندما تنخفض قيمة الدولار، هناك من يفوز ومن يخسر في المعادلة أيضا.
والخاسرون على هذا الصعيد هم المستهلكون الأميركيون الذين يدفعون مزيدا من الدولارات لشراء السلع والخدمات الأجنبية.
وبالطبع، هناك العديد من الأميركيين في كل فئة. وهم ربما يستفيدون في وظائفهم، لكنهم بلا شك يعانون في مراكز التسوق.
إذاً، لماذا يخسر الدولار قيمته؟
لقد ارتفعت قيمة الدولار عقب الإنتخابات الرئيسية لأن المستثمرين توقعوا أن يزيد ترامب، إلى جانب الجمهوريين في الكونغرس، النمو المحلي عبر الإيفاء بعهود الحملة الإنتخابية، والتي تمحورت حول تخفيض الضرائب وتيسير اللوائح التنظيمية، بين تدابير أخرى أيضا. وبواقع الحال، يعكس عدم تحقيق هذه المكاسب تضاؤل الثقة التي سيتمكن الرئيس ترامب من تحقيقها. وقد تصدر عنوان "دونالد يضعف الدولار" عناوين صحيفة "هانليسبات" الاقتصادية اليومية فعلاً قبل أسبوع من الآن. وهذا ما آلت له حالنا.
ومن المهم جدا أن نضع الانخفاض الأخير في سياق أوسع. فخلال السنوات الست الأخيرة، بقي الدولار فوق نسبة 28 %.
وبدأ ارتفاع قيمة الدولار في العام 2011 في الوقت الذي بدأ فيه الاقتصاد الأميركي بالتعافي بسرعة فاقت اقتصادات العالم المتقدم الأخرى. ورغم أن النمو المحلي كان راكدا نسبيا وفقا للمعايير التاريخية، لكن الأمور كانت أسوأ في أماكن أخرى. وفي هذا الخصوص، قال استرايجي الاقتصاد البارز في مجموعة "ليثولد"، جيم بولسن، إن الولايات المتحدة كانت "القميص الأنظف في سلة الملابس المتسخة".
كان هناك اندفاع غير مسبوق للأصول المقومة بالدولار، ففي بداية العام 2011، كما قال بولسن مؤخرا، كان سعر الفائدة على مذكرة الخزينة المعيارية لعشرة سنوات أدنى بقليل من العائد المتاح على محفظة دين أصدرته دول عظمى أخرى، بما فيها بريطانيا ألمانيا واليابان. وبحلول العام 2016، كان معدل الخزانة يساوى خمسة أضعاف المحفظة العالمية. ويبدو الآن وأن العالم يؤدي بشكل أفضل نوعا ما. وقد أوضح صندوق النقد الدولي في شهر حزيران (يونيو) الماضي أنه تراجع عن توقعاته لنمو الولايات المتحدة الأميركية، لكن النمو القوي في أماكن أخرى يمكن أن يعوض تأثير ذلك على الاقتصاد العالمي.
هل يستوجب الأمر من الولايات المتحدة خفض قيمة الدولار؟
في الحقيقة، فقد بين ترامب أنه يحبذ انخفاض قيمة الدولار. وقال لمجلة "وول-ستريت" في شهر نيسان (إبريل): "أعتقد أن قيمة دولارنا ترتفع بشكل سريع، وهذا جزئياً ذنبي أنا لأن الناس وثقت بي". ويعتقد بعض الاقتصاديون أنه على حق هنا.
يفترض بقيمة الدولار، بالنسبة إلى عملات أخرى، أن تعكس قوة الاقتصاد الأميركي، بالنسبة إلى دول أخرى. ولكن أسعار الصرف يمكن أن تتضرر بفعل المستثمرين، ما يجعلها تضر بأنماط النمو الاقتصادي. وهناك بعض الأدلة التي تقول أن سعر الدولار سيقى فوق القيمة الحقيقية، والذي ربما يؤدي إلى تشجيع الاستيراد وإضعاف التصدير. وقد بولغ بتقدير قيمة الدولار بنحو 8 % في شهر أيار(مايو)، وفقا لويليام آر كلاين من معهد "بيترسون" للاقتصادات العالمية. ورغم أن الانخفاض المستمر حذف بعض النقاط من التقييمات، ما تزال العملة نوعا ما مبالغ في تقديرها.
هل تستطيع الولايات المتحدة خفض قيمة الدولار؟
تتحدد أسعار الصرف عند افتتاح التداول في الأسواق المالية، وتشارك بعض الحكومات بفاعلية في هذه الأسواق من أجل التأثير في قيم عملاتها. وقد بقيت الولايات المتحدة، في العقود الأخيرة، على الهامش هنا.
وركزت الإدارات الأخيرة بدلا من ذلك على الضغط على الدول الأخرى حتى تبقى خارج السوق، وعلى سبيل المثال، حققت إدارتا بوش وأوباما تقدما ملحوظا في إقناع الصين بالسماح لقيمة الرنمينبي بتقدير قيمة الدولار. في حين لم تتحدث إدارة ترامب بوضوح عن سياسة مستدامة فيما يخص قضايا من هذا النوع.
كيف يتم قياس قيمة الدولار؟
يمكن تبديل الدولار بمجموعة واسعة من العملات. وفي آخر احتساب للأمر، تعترف الولايات المتحدة بحوالي 180 عملة. ويحتسب الاحتياطي الفدرالي متوسط أسعار الصرف بمعدلات الترجيح بالاستناد إلى حجم التجارة مع الولايات المتحدة، لذلك فإن سعر الدولارات في الين الياباني أكثر أهمية من الكرونور الآيسلندي.