اللون الأصفر

في كل شيء حكمة ، لمن يدركها ، و لمن أراد أن يعي ، فبالألوان حكمة و غاية جليلة و فائدة عظمى ، و بها جزيل العبر ، فهنيئاً لمن اتعض ، بما أودع الخالق من أسرار بما خلق .

في حديث للرسول محمد - صلى الله عليه وسلم – اجتنبوا صفر الوجوه من غير علة ، بياناً ناصعاً أن الوجوه الصفراء هي مرآة عاكسة للحقد المخبوء بالنفوس ، الكارهة لغير الذات ، اللاعنة لكل شيئ حسن ، المانعة للخير لمن سواها ، فهذه حقيقة من حقائق اللون الاصفر ، لنتجنب صفر الوجوه و الحذر من التعامل معهم .

يوصف بطن الأفاعي باللون الأصفر ، و هذا مدعاة للنفور من هذا اللون ، و عدم الإرتياح لرؤياه ، لانه يحتوي في حناياه سموم قاتلة ، و أنياب مجوفة مفرغة ، ينفث من داخلها سم زعاف ، لا يبرأ جسد غمس به، فالإبتعاد عن اللون الاصفر به منجاة و هدوء و راحة و اطمئنان .

الصحافة الهابطة ، التي لا ترقى للذوق السليم ، سميت بالصحافة الصفراء ، لأنها تكتب على ورق أصفر ، رخيص الثمن ، سريع التلف و كذلك كتب التأليف ذات الورق الأصفر ، التي لا تحتوي على مضامين مادة ذات قيمة أو فائدة ، و تكثر من الشعوذة ، والكلام الفاسد الذي يضر ولا ينفع ، أقرب للخرافات و أبعد عن الحكمة .

الفقراء و الجياع و المعوزون ، و جوههم صفراء من سوء التغذية ، حين يأكل الحيتان و الأغنياء و المترفون حقوقهم ، و حين تنأى عنهم العدالة ، التي آل تنفيذها الى أيدٍ ضعيفة، ترتجف من الخوف ، مهزومة غير قادرة على القبض بسيف الحق . هؤلاء هم الذين يكمن بهم الخطر ، لأن الجوع كافر ، و لأن طلب الحاجة مذلة ، فيثأر الإنسان بشراسة لنيــل رزقه و رزق عياله ، و إن كان دونهما الهلاك .

المريض أيضاً حين يستفحل به المرض ولا يجد العلاج ، يصفر وجهه و يذبل ، إنذار لذويه بدون الأجل ، فإن لم يؤتى له بالعلاج ، استنفر ذويه لأجله و دخلوا في دائرة خلق الشر و الشرور . لا نريد مدلول اللون الاصفر ، حتى و إن قدسته بعض شعوب الأرض كالهندوس ، و إن رأت به الصين رمز إمبراطوريتها ، و رأى به الشباب الغيرة و الاندفاع و الحماس . حمى الله الاردن و شعبه و مليكه