تعليمات ممارسة المهن من المنازل.. جباية أم فرصة؟!
تباينت ردود فعل فعاليات وخبراء إزاء قرار أمانة عمان الأخير بتفعيل تعليمات "ترخيص ممارسة المهن من داخل المنزل"، والذي حدد 59 مهنة يمكن مزاولتها في البيوت بعد استصدار تصاريح ممارسة مهن.
ويرى البعض أن التعليمات من شأنها تنظيم المهن ووضعها تحت المراقبة وحفظ حقوق الآخرين، وخصوصا الجوار، فيما يرى آخرون عكس ذلك لجهة الاضرار بالجوار في حال لم تلتزم الأمانة بمتابعة تطبيق الشروط، وإضافة تكاليف جديدة للمشاريع الصغيرة بل واعتبارها "جباية".
وكانت الأمانة أعلنت مؤخرا أنها ستفعل تعليمات ترخيص ممارسة المهن من داخل المنزل لسنة 2012 بعد أن عدلت بعض موادها.
وتتيح التعليمات الجديدة ممارسة عشرات المهن داخل المنازل والشقق، إلا أنها وضعت لكل حزمة من تلك المهن شروطا خاصة لممارستها داخل تلك الأماكن.
وتؤكد أمانة عمان أن القرار يهدف الى تنظيم عمل بعض المهن وتمكين العاملين بصفة غير رسمية من العمل بصفة قانونية، وتمكين المبتدئين بالأعمال من البدء بمشاريعهم بكلف وأعباء مالية قليلة، مشيرة إلى أن هذه التعليمات فيها من الشروط التي تحفظ حقوق الجوار ولا تؤثر عليهم، كما أنها لا تفرض رسوما عالية لهذه التراخيص، بل تسهل اجراءات استصدارها.
مشروع جباية
منال العبيدي (أم نضال) وهي سيدة لديها مشروع تصنيع أجبان والبان أعربت عن رفضها لهذا القرار الذي سيشكل "عبئا ماليا إضافيا على مشروعها الصغير"، واصفة تلك التعليمات بأنها "جباية"، "فالحكومة لا تعرف مدى التعب والجهد المتواصل الذي بذلته حتى يكون لها ولعائلتها دخل مستمر"، وفقا لها.
وتقول أم نضال أنّ تطبيق هذا القرار يعني لها "الغاء المشروع"، مضيفة بأن هذا القرار سيتبعه قرارات أخرى تتعلق بالضرائب والرسوم وهذا سيكون عبئا كبيرا على مشروعها.
وتتفق أمل راشد مع أم نضال التي تتشارك معها في مشروع "اكسسوارات"، فهي ترى بأنّ استصدار رخصا مهنية وفق التعليمات الجديدة يعني كلفا مالية أكبر بالنسبة لها، وتضيف: "الله أعلم كيف الواحد بيشتغل حتى يحسن دخله"، لتتساءل: ماذا سنستفيد من استصدار الرخصة؟، لترى بأن القرار ليس أكثر من تكاليف اضافية على مشروعها.
تساعد في الحصول على تمويل
مدير شبكة مؤسسات التمويل الأصغر "تنمية" سليم النمّري أشار إلى أن هذا القرار يسهّل على المشاريع الصغيرة الانتقال من مشاريع منزلية "غير رسمية" الى اطارها القانوني والرسمي، ما سيساعد وييسر على هذه المشاريع الحصول على تمويل لأنه سيعطيها الثقة بالنسبة لمؤسسات التمويل.
أما رئيس جمعية الشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة فتحي الجغبير فقد أكد أن القرار سيساهم في ضبط عمليات التصنيع ويجعلها خاضعة للرقابة وهذا يحفظ حقوق الآخرين.
وأشار الى أنه من حق الدولة أن تراقب هذه الصناعات، خصوصا أن هناك طرفا ثالثا سيتأثر بهذه الصناعات، نافيا أن تشكل الرسوم السنوية المفروضة عبئا كبيرا على مثل هذه الصناعات.
الخبير الاقتصادي زيان زوانة اعتبر هذه التعليمات "خطأ" من شأنه أن "يفتح الباب أمام اغتصاب حقوق الناس والاساءة إلى ممتلكاتهم"، موضحا أن المواطن الأردني حين يشتري شقة عادة ما تكون استثماره الوحيد والأهم، وأن مثل هذا القرار سيخرب على المواطن ويقلق راحته وعلى حلمه الأهم وسيؤثر على قيمة العقار الذي يملكه.
وبين أن السماح لهذه المهن بالعمل في المنازل سيضر بالجوار، خصوصا في حال لم يتم الالتزام بالشروط كما يحصل في تراخيص الكوفي شوبات التي باتت تخالف القوانين والتعليمات وتضر بالمنازل المحيطة بها.
ويستثني زوانة من حديثه المهن المتعلقة بالعمل الفكري والدراسات، حيث يرى بأنها لن تؤثر على الجوار أو تقلق راحته.
استاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك الدكتور قاسم الحموري يرى بأنّ تنظيم هذه المهن أمر جيد ومطلوب، إلا أنه رفض فرض رسوم عليها، خصوصا أنّ الدولة لا بدّ ان تشجع مثل هذه المهن التي تخفف من مشكلتي البطالة والفقر في المجتمع.
وأكد ضرورة دعم هذه المشاريع الصغيرة لما لها دور في تحسين الوضع الاجتماعي للأسر، مطالبا الامانة أن تقوم أيضا بدعم الأسر من خلال مساعدتها على تسويق منتجاتها وتأمينهم بمدخلات انتاج بأقل التكاليف.
رسوم رمزية
مدير دائرة المهن والإعلانات في أمانة عمان المهندس علي الحديدي أكد أن الأمانة التي أصدرت العام 2012 "تعليمات ترخيص ممارسة المهن من داخل المنازل" ثم عدلتها مؤخرا لتشمل 59 مهنة أن الهدف من هذه التعليمات هو تنظيم عمل بعض المهن وتمكين العاملين بصفة غير رسمية من العمل بصفة قانونية، ولتمكين المبتدئين بالأعمال من البدء بمشاريعهم بكلف وأعباء مالية أقل.
وأشار إلى أن الهدف من اصدار هذه التعليمات "تنظيمي بحت" وليس "جبائي"، موضحا أن الرسوم التي فرضت على هذه المهن "رمزية" وتتراوح ما بين 20 دينار إلى 70 دينارا سنويا تحدد بحسب الغاية، فيما تم اعفاؤها من رسوم النفايات والإعلان.
ويبين الحديدي أنّه لو كان الهدف تحصيلي جبائي من هذه التعليمات لما قامت الأمانة بتقليل رسوم التراخيص من 20 الى 70، حيث حددت بـ200 دينار في تعليمات 2012، كما ان اصحاب هذه المهن كانوا غير معفيين من رسوم النفايات والاعلان.
وأكد الحديدي أنّ اجراءات استصدار الرخص بسيطة وسهلة ولن تتجاوز استصدارها الـ3 ايام، ويتم استصدارها بموافقة مدير المنطقة فقط مع متطلبات لأوراق واثباتات بسيطة أهمها موافقة صاحب العقار.
وأشار إلى أنّ كثيرا من هذه المهن لا تدخل ضمن حسابات الناتج المحلي الاجمالي وتعمل تحت ما يسمى بـ"اقتصاد الظل"، وهذا يستوجب تحديدها وتنظيم عملها بصورة تحفظ حقوق العامل ضمن هذه المهنة والمتلقي (الزبون) وجيران المنزل الذي يتم ممارسة المهنة فيه.
وأكد أنّ الشروط كانت واضحة وحازمة فيما يتعلّق بضرر الجيران لأي منزل، مشيرا الى أنّ المادة 12 من التعليمات تتضمن أنه في حال وجود أي شكوى سيتم التحقق منها والغاء الرخصة في حال كان هناك أي ضرر على الجار.
وجاء في المادة 12 الفقرة (د) أنّه سيتم الغاء الرخصة "إذا تبين أن هناك مخالفة أي من أحكام التعليمات وعلى وجه الخصوص المعايير ولاشروط والمتطلبات أو ارتكاب أي من الأفعال المحظورة أو التأثير على الصحة والسلامة العامة أو التسبب بتلوث البيئة أو اقلاق الجوار".
التعليمات المعدلة
وتلزم تعليمات أمانة عمان في هذا المجال المواطنين عند طلب الترخيص بألا تزيد المساحة المستغلة من المنزل لأغراض العمل على 15 % من مساحته الاجمالية، وبما لا يزيد على 25 مترا مربعا أيهما أقل وعدم إحداث أي تغيير في شكل البناء الخارجي، أو على طبيعة المنزل بحيث يغير من طبيعة الاستخدام، ومنعت بيع أو عرض منتجات في المنزل أو استخدام لافتة إعلانية.
كما منعت المادة 4 في هذه التعليمات أي مهنة تقدم خدمة من شأنها إحداث ضجيج أو اهتزاز أو وهج أو دخان أو غبار أو رائحة أو تأثير كهربائي أو مغناطيسي، وأن لا يكون لها تأثير سلبي على الجوار.
كما اشترطت أن لا تستخدم أو تنتج مواد خطرة مثل المواد القابلة للاشتعال والمواد المتفجرة والمواد السريعة الاشتعال والمواد المشعة والسامة، وأن لا يكون لها تأثير سلبي على الصحة والسلامة العامة كتلك التي تتعلق بانتاج وتصنيع أو تحضير او معالجة أو تعبئة وتغليف أو تجهيز أو نقل أو حيازة أو توزيع أو عرض أو بيع أو تقديم المواد الدوائية أو المستلزمات الطبية.
كما اشترطت أن لا تستخدم أو تنتج أو تطلب استخدام معدات او عملية تصنيع من شانها استهلاك الخدمات أو البنية التحيتة للمنطقة السكنية بما في ذلك المياه والكهرباء والصرف الصحي بشكل يتجاوز الحدود المألوفة للاستهلاك في المناطق السكنية.
وتطلبت التعليمات موافقة مالك العقار في حال كان مستأجرا، والتوقيع على تعهد بالسماح لموظفي الأمانة بعملية التفتيش عند منح الرخصة او التجديد والتحقق من شكوى ضمن الإجراءات المتبعة في الأمانة.
وقسمت التعليمات المهن الواجب حصولها على تصاريح الى 4 مجموعات: الأولى وتضم المهن الفكرية وتشمل الخدمات الاستشارية ادارية وتسويقية وغذائية، وخدمات التصاميم الجرافيكي والتصميم الداخلي وتحرير وتخطيط استراتيجي وترجمة وتصميم الحدائق والمجوهرات والأزياء وتصميمات متحركة ثلالثية الابعاد والوسائط المتعددة وسكرتارية وطباعة وعلاقات عامة (كتابة أخبار صحافية) وتصميم مواد تسويقية واستشارات موارد بشرية ورسم معماري ومحاسبة باستثناء التدقيق على الحسابات واستشارات اقتصادية وضريبية ودراسات الجدوى الاقتصادية ودراسة السوق وأعمال محاسبية وتكنولوجيا المعلومات (تطوير تصميم برامج وتصميم مواقع إلكترونية وبيع وتسويق من خلال الانترنت ودراسات واستشارات.
كما تشمل الاستشارات بكافة أنواعها وادارة برامج علمية وفكرية وأعمال طباعة وتدقيق حسابات وتصميم رسومات وتصميم مواد دعائية ودراسات علوم إنسانية ودراسات الجينات الوراثية (بحوث) والبيع والتسويق عبر الإنترنت (ما عدا المهن لامحظور بيعها وتسويقها عبر الإنترنت).
اما المجموعة الثانية فهي تشمل الحياكة والتطريز وأعمال الخزف واغراض الزينة وتصنيع الشموع والصابون، وأشغال يوية جلدية ورسام.
أما المجموعة الثالثة فهي تصنيع الأغذية كالمربيات والمخبوزات المنزلية، والكبيس بانواعه إضافة لتحضير الخضار والاعشاب والبقوليات.
وتشمل المجموعة الرابعة خدمات المنازل بالمهن (وهي تتطلب أن يذهب صاحب المهنة الى منزل الزبون) وتشمل تصليح كهرباء لمنازل وصيانة منزلية وخدمات تمريض ومواسرجي وخدمات تنظيف المنازل وخدمات منزلية.
ويشار هنا إلى أنّ هناك توجها لتعميم " تعليمات ترخيص ممارسة المهن داخل المنازل" على جميع محافظات المملكة، حيث أنّ هناك مسودة تعليمات خاصة بمحافظات المملكة.