الانتخابات البلدية والمحافظات: فجوة بين إدراك المواطنين وأهداف الحكومة
في محل تجاري بمنطقة صويلح وفي حوار حول الانتخابات البلدية بدا كل من مراد عبد الرحمن (صاحب محل) وسعد ابو رمان (زبون) غير مقتنعين بالعملية الانتخابية لمجالس البلديات والمحافظات اللامركزية برمتها.
يؤكد كلاهما أنّ هذه الانتخابات لن يكون لها أي تأثير على حياتهما سواء من الجانب الاقتصادي أو الخدماتي، وهي لن تكون أكثر من عبء مالي واقتصادي على موازنة الدولة، وبالتالي على المواطنين، فيما يريان أنه لن يكون هناك مجالس تخدم المواطنين كما يجب.
يقول سعد إنّ الانتخابات "حكي فاضي وما في حدا بيخدم"، ويزيد أنّ "المجالس البلدية الماضية لم تخدم بل ساعدت في زيادة الضرائب والرسوم"، أما مراد الذي أكد أنه "لن يذهب لانتخاب أي مرشح" فقد قال بأنّ الانتخابات ليس سوى شعارات لمرشحين سيستفيدون من المنصب.
سارة محمد (طالبة جامعية) التي وقفت تحت لوحة تظهر صورة لأحد المرشحين أكدت أنها لا تعرف ما الفرق بين انتخاب مجالس بلدية والمحافظات، وهي "غير مهتمة أصلا بها" ولا تعنيها.
أما صاحب معرش بطيخ في منطقة خلدا، فقدت بدت على وجهه ابتسامة ساخرة عندما سئل عن الانتخابات المقبلة، مؤكدا أنه لن ينتخب قائلا "شو الفائدة؟ هل سيتحسن وضعي؟"
ويقترع الأردنيون في 15 آب (أغسطس) المقبل لانتخابات رؤساء واعضاء المجالس البلدية ومجالس المحافظات في كافة الدوائر الانتخابية في المملكة، وذلك استناداً لأحكام الفقرة (أ) من المادة (34) من قانون البلديات رقم (41) لسنة 2015، واستناداً لأحكام الفقرة (أ) من المادة (12) من قانون اللامركزية رقم (49) لسنة 2015.
خبراء ومراقبون أكدوا أنّ هناك مشكلة في ايصال مفهوم دور المجالس البلدية والمحافظات في المجتمع، ومشكلة في عدم شرح القانون والهدف منه، فيما أشار آخرون إلى وجود شعور بـ"إحباط عام" لدى المواطنين بسبب التجارب السابقة للمواطن في الانتخابات والتي سببت بعدم وجود ثقة في من يتم انتخابهم.
سبب آخر ذكره هؤلاء هو أنّ الانتخابات البلدية وللمحافظات ستجرى في نفس اليوم ما خلق حالة من "التشويش" وعدم الفهم والتمييز فيما بينها.
وزير تطوير القطاع العام سابقا، الدكتور ماهر المدادحة، أشار إلى أنّ هناك فجوة في فهم القانون وفحواه والهدف منه، وهذا سببه "غياب المعلومة" وغياب الشرح من الجهات الحكومية المعنية عن دور وأهمية المجالس البلدية والمحافظات وعلاقتها مع شرح العلاقة فيما بينها وعلاقتها مع الحكومة المركزية.
ويذهب المدادحة إلى أنّ هناك مرشحين لا يعون فحوى هذا القانون ودوره في المجتمع، وهذا بسبب "غياب المعلومة والتوضيح من الجهات المعنية.
ويذكر المدادحة سببا آخر لهذه الفجوة هو شعور الناس "بالاحباط" بشكل عام من العمليات الانتخابية، وهو ناجم عن "التجارب السابقة " سواء للبلديات أو النواب التي ساهمت في فقدان ثقة الناخب بالمرشحين وفي قدرة هذه المجالس على احداث أي تغيير في صالح المواطن.
مدير مركز نزاهة لمراقبة الانتخابات، محمد الحسيني، قال إنّ هناك نوعين من الدعاية التوعوية التي طبقت جزء منها كان من مسؤولية الهيئة المستقلة للانتخاب وهو المتعلق بالإجراءات والآليات، أما الجزء الثاني من الدعاية فقد كان من مسؤولية وزارة الشؤون السياسية والمجتمع المدني والذي بقي جهدهما غير واضح أو "غير مؤثر".
سببا آخر لعدم فهم الناس ذكره الحسيني هو اجراء الانتخابات البلدية والمحافظات بنفس اليوم، ما خلق نوعا من "التشويش" عند المواطنين، مضيفا أنّ هناك جزء من المرشحين أنفسهم ساهموا بخلق هذا التشويش، خصوصا أنّهم يجهلون دور هذه المجالس في المجتمع والهدف منها.
ويرى الحسيني ضرورة بذل جهد أكبر والتركيز على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكبر وبطريقة أكثر ذكاء لايصال الهدف من هذه الانتخابات وتوعية المواطنين.
الهيئة المستقلة للانتخاب أكدت على لسان ناطقها الإعلامي جهاد المومني أنّ الهيئة لم تترك وسيلة إلا واستخدمتها للوصول إلى المواطنين وتوعيتهم بالعملية الانتخابية. على أنّ المومني أشار إلى أنه لا بدّ من التفريق بين التوعية بالقانون وهي من اختصاص وزارة الشؤون السياسية، والتوعية الاجرائية التي كانت من اختصاص الهيئة.
وبين أنّ الهيئة "لا تبرر القانون ولا تفسره ولا تعلل مواده رغم أنها شريك في هذا، لكنّها تركز على التوعية الإجرائية المتعلقة في كيفية وآليات عرض الجداول والاعتراض عليها واجراءات الترشيح وما يواكبها وآليات الاقتراع كما وردت في القانون".
وذكر أنّ الهيئة قامت وما تزال بحملات توعوية وتستخدم كافة وسائل الاعلام المرئي والمسموع وغيرها لشرح تفاصيل العملية الانتخابية، كما تمّ نشر فيديوهات وبوسترات وبروشورات وحتى مسرحيات لشرح هذه العملية.
وذكر المومني أن الهيئة قامت باستخدام كافة الوسائل للوصول إلى المواطن بما في ذلك الوسائل المبتكرة من مسرحيات وإطلاق حملة واسعة شارك فيها 20 ألف متطوع وهي "حملة اطرق الباب" لتقديم المعلومات التي يحتاجها الناخب وحثه على المشاركة.
وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية أكدت على لسان مستشار الوزير السياسي، الدكتور علي الخوالدة، أنّ الوزارة وهي الجهة المعنية بالتوعية والتثقيف باللامركزية بدأت منذ تشرين ثاني (نوفمبر) 2016 باعداد خطة توعوية وتثقيفية لقانون اللامركزية وتحفيز المواطنين على المشاركة في الإنتخاب.
وقال إنّ الخطة هدفت إلى التعريف بقانون اللامركزية وأهميته وشرح أدوار المجالس (المجلس التنفيذي، مجلس المحافظة المجلس المحلي، المجلس البلدي وتحفيز المواطنين على المشاركة في الانتخابات والتعريف بإيجابيات اللامركزية وأثارها على المجتمعات المحلية. وتشجيع الشباب والنساء على المشاركة في العملية الانتخابية (للامركزية) ترشيحاً واقتراعاً.
وذكر الخوالدة بأن الوزارة طبقت برنامج "الوصول إلى 100 بلدية"؛ حيث تم تنفيذ ورش عمل للمواطنين في هذه البلديات موزعة على كافة أنحاء المملكة، كما نفذت برنامج موجه لشباب الجامعات ونفذت برنامج آخر مع وزارة الشباب في 194 مركزا للشباب.
وأضاف أنه تمّ عقد ورشات عمل للمرأة في المحافظات جميعها بالتعاون مع اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة وتجمع لجان المرأة وجمعيات نسائية، إضافة إلى ورشات مختلفة أخرى منها ما استهدف الأحزاب السياسية، مشيرا إلى أنّ عدد الورشات واللقاءات الذي تم خلال هذه الفترة وحتى اليوم وصل الى حوالي 280 لقاء وورشة في كافة المحافظات.
كما تمّ، وفق الخوالدة، طباعة 20 ألف نسخة من قانون اللامركزية و"بروشورات" وتوزيع "بوسترات" في الشوارع لتشجييع المشاركة، وتمّ اللجوء إلى الاعلام والاعلان في الصحف والاذاعات والتلفاز وانشاء صفحة رسمية على شبكة التواصل الاجتماعي – الأكثر شعبية- "الفيس بوك" تعرض فيديوهات وشرح لقانون ودور المجالس ومكوناتها وقد استطاعت أن تستقطب 300 ألف متابع، مؤكدا أنّ هذه الحملة ستكثف خلال الأسابيع المقبلة في كافة المحافظات.