الرويشد: الأول في الفقر وتدخلات حكومية غير مجدية

بالنسبة لزائر الرويشد من خارجها، فإن مشاعر الدخول الى "منطقة معزولة"، ترافقه قبل الوصول إليها بكثير.
فالبلدة تقع على بعد 270 كلم من العاصمة، ثم يحتاج الزائر إلى أكثر من 25 كلم أخرى لكي يصل الى قرية "صالحية النعيم" التابعة لها، كما يحتاج الى مسافات أخرى لكي يصل الى مواقع تجمعات البدو الذين يعدون جزءاً أساسياً من سكانها، والذين ينتشرون في شتى الاتجاهات في عمق الصحراء.
يختصر سكان الرويشد هذا البعد وتلك العزلة، من خلال اللغة المستخدمة في وصفهم من باقي أنحاء وطنهم الأردن، إنهم يسمون كل ما عدا الرويشد "مْغَرّب"، ويشتقون من هذه الكلمة مفردة أخرى مهمة هي "أهل مْغرّب" للإشارة إلى شركائهم في الوطن القاطنين إلى الغرب منهم، وحتى عندما يزور أحدهم أقرب المدن، وهي المفرق، مركز المحافظة (200 كلم عن الرويشد) يقولون: إنه "غرّب" أو "راح مْغرّب". ويتبع ذلك انتشار أفكار مثل "عيشة أهل مغرّب" أو "ظلم أهل مغرّب"... وهكذا.
نمت بلدة الرويشد وازدهرت كنقطة تجارية على خط التجارة غير الرسمي بين أطراف البادية في كل من الأردن والعراق وسورية والسعودية، والى زمن قريب (أواخر الثمانينيات) ظلت عملية الانتقال بين هذه الدول تتم بسهولة بالنسبة للبدو وللتجار معاً.
ومحلياً كانت جماعات البدو تحضر الى الرويشد لكي تبيع منتجاتها وتشتري احتياجاتها.
كانت حرب الخليج العام 1991 نقطة تحول رئيسية في حياة المنطقة وسكانها، لقد بدأت عمليات ضبط الحدود من قبل الدول الأربع، وهو ما حدّ من عمليات انتقال البدو مع مواشيهم للرعي أو للتجارة، كما حدّ من عمليات التهريب التي كانت تشكل قطاعاً مهماً. ولكن النصف الثاني من التسعينيات شهد بداية معضلتين مهمتين بالنسبة للبدو: الأولى تمثلت في سنوات المحل المتتالية، والثانية تمثلت في شروع الحكومات الأردنية بتطبيق سياسة رفع الدعم عن أسعار الأعلاف، وهما المشكلتان اللتان شكلتا ضربة كبيرة لقطاع تربية المواشي الذي يشكل أساس الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبدو.
وفي هذه السنوات بدأت عملية الاستقرار النهائي "القسري" ومغادرة العمل في تربية الحلال، لقد بدأ البدو يفقدون نمطهم وقطاعهم الإنتاجي ومصدر رزقهم الاعتيادي.
ويمكن اعتبار هذه السنوات بداية لانتشار ظاهرة الفقر في المنطقة.
أما فيما يتعلق بالسكان من غير البدو (مؤسسي القطاع التجاري فيها)، فقد أدت المستجدات السياسية الى تراجع مكانة الرويشد التجارية، وهو بدوره ما أدى الى عمليات تفريغ كبرى وملحوظة للبلدة/ المدينة، فبالتدريج كان التجار "يستسلمون" للواقع الجديد الصعب، ويغادرون الرويشد نحو مناطقهم الأصلية التي قدموا منها.
الى الجنوب والشرق والغرب، انتشرت البيوت المتباعدة التي أقامها البدو من عشائر الغياث أساساً إضافة الى مجموعات من عشائر أخرى مثل الخوالد والشروفات والرويلي والعنزة وغيرهم.
لقد أقام البدو بيوتهم بشكل متباعد وفق نمط السكن البدوي أصلاً، وأغلب هذه البيوت بدأت كبيوت شعر (خيم)، ثم بدأ بناء بيوت الطوب.
الظاهرة الأبرز منذ مطلع القرن الحالي تتمثل بالهجرة الجماعية للبدو المستقرين نحو المفرق وقراها، يقدر كثير من المتحدثين من عشيرة "الغياث" أن ما لا يقل عن ثلث عائلات العشيرة هاجروا نحو قرى مختلفة من أبرزها "زملة الأمير غازي" والحلابات والأزرق، وذلك للعمل في المزارع المقامة في تلك المناطق كعمال زراعيين بالأجرة (5 دنانير يومياً).
أما قرية صالحية النعيم الواقعة الى الشرق من الرويشد والتي تقطنها عشيرة النعيم فقد هجرها أكثر من 80 % من سكانها.
التدخلات الحكومية لمكافحة الفقر في الرويشد
لغاية العام 2005، كان منطق التعامل مع موضوع الفقر في الأردن مختلفاً عما هو عليه حالياً.
في تلك السنة، أعلنت نتائج دراسة للبنك الدولي تم من خلالها ولأول مرة اعتماد مفهوم "جيوب الفقر"، وذلك باحتساب نسب الفقر على مستوى الأقضية، وجرى اعتبار القضاء أو اللواء الذي تزيد فيه نسبة الفقر على 25 % من السكان "جيب فقر"، بالنتيجة أعلن حينها عن وجود 21 جيب فقر، وكانت المرة الأولى التي يشار فيها الى منطقة الرويشد على أنها المنطقة الأفقر بنسبة فقر بلغت 73 % وحافظت في الدراسات اللاحقة على موقع "متقدم".
في مطلع العام 2005، أصدرت وزارة التخطيط أول دراسة لجيوب الفقر وحددت معالم برامجها الخاصة لمكافحة الفقر في هذه الجيوب، وبدأت علاقة الرويشد بتلك البرامج.
في الواقع، هناك أكثر من جهة حكومية تعاملت مع عنوان الفقر والتنمية في الرويشد، منها إضافة الى وزارة التخطيط؛ وزارة التنمية الاجتماعية ووزارتا الزراعة والبيئة من خلال مشروع تعويضات الأمم المتحدة عن أضرار حرب الخليج، إضافة الى مشاريع الصندوق الهاشمي لتنمية البادية.
وفيما يلي عرض مختصر لحالة عدد من مشاريع التنمية ومكافحة الفقر في منطقة الرويشد:
مشروع المزرعة (أبقار ثم دواجن ثم أغنام): الى الجنوب الشرقي من الرويشد وعلى بعد حوالي 3 كلم جنوباً، أقيمت في البداية مزرعتا أبقار ودواجن بتكلفة بلغت 400 ألف دينار (وفق أوراق وزارة التخطيط)، بتنفيذ "جمعية مراكز الإنماء الاجتماعي".
ولم تعمل أي من المزرعتين ولا مصنع الألبان الذي أقيم الى جانبهما إطلاقاً، بالطبع أقيمت المباني والحظائر وخزانات حفظ الحليب، ولكن لم يتم إحضار الأبقار ولا الدواجن، ووفق المتحدثين فإن المسؤولين اكتشفوا أن الأبقار والدواجن لا تناسب بيئة وخبرة المنطقة! ولكن بعد تنفيذ المشروع. وقد استخدم في المشروع شخص واحد بمهنة حارس.
في أواخر العام 2012 اتخذ قرار باستثمار المساحة بين مباني مزرعة الأبقار والدواجن، ولكن هذه المرة في مشروع لتربية الأغنام.
وتم بالفعل تزويد المزرعة بـ200 رأس من الأغنام.
المشروع لم يعمل نهائياً، وما تزال معدات العمل بحالتها الأولى وقد علاها الغبار، توجد حظائر مخصصة لمبيت الأبقار وحلبها، وأدوات الحليب وبراد تجميع الحليب، كلها لم تعمل إطلاقاً.
الى جانب مباني مشروع الأبقار يوجد مستودعان "هنجران"، بنيا ليكونا مزرعة دواجن، وهي الأخرى لم تعمل وهذا واضح للعين.
الحارس مقيم في بيت شعر بجانب المشروع هو وأسرته، ويقومون برعاية الأغنام.
وقد أجبر ابنه على ترك المدرسة كي يبقى الى جانبه في رعاية الأغنام.
مشروع منشار الحجر: (الكلفة 277 ألف دينار)، وهو قائم ومنجز وجاهز للعمل منذ العام 2011، ولا يوجد في المنطقة سوى منشار آخر واحد تابع للقطاع الخاص وهو أصغر حجماً وسعة وأقل حداثة من "منشار البلدية"، كما يسميه السكان، ولكن هذا المنشار لم يعمل ولا ليوم واحد، وهو متوقف تماماً منذ إقامته، بل إن البلدية توظف لخدمته أربعة حراس يتناوبون على مدار الساعة وتدفع رواتبهم، ومعنى ذلك أن للمشروع نفقات جارية.
من الناحية الشكلية يعود سبب فشل المشروع الى أن أحداً لم يتقدم لضمانه وتشغيله كما تقتضي خطة العمل، وطرحت أفكار تتعلق بشروط الضمان والتأجير الحكومية التي لا تتناسب مع متطلبات المتقدمين، ولكن الأهم أن مشروع المنشار متربط بمشروع آخر في المجال ذاته (مجال الحجر)، ولكنه أكثر أهمية وأكثر كلفة من المنشار، هو مشروع مقلع الحجر.
قمت وبرفقة الحارس المناوب بزيارة المنشار، فهو يقع على مسافة بضع مئات من الأمتار من مبنى البلدية، وبالفعل لاحظت أن الصدأ بدأ يطال جسم المعدات، وتعلو غرفتي التحكم الكهربائي (ماكنات لوحات المفاتيح) طبقة من الغبار، ولولا وجود حراس لتحول المنشار الى "خربة".
مشروع مقلع الحجر: (تكلفته 570 ألف دينار)، أوضح المتحدثون نمو قطاع المحاجر في المنطقة بسبب الطلب على "حجر الرويشد" وسمعته العالية، وهناك العديد من المقالع التابعة لمستثمرين من القطاع الخاص.
"مقلع البلدية" هو الاسم المتداول للمشروع، وهو مملوك لوزارة التخطيط وتديره بتكليف من وزارة التخطيط "جمعية مراكز الإنماء الاجتماعي" ومقرها عمان.
وبدأ الإنتاج في المشروع منذ نهاية شباط (فبراير) 2010 وهو، مقارنة بمقالع القطاع الخاص، يحظى بامتيازات منها عدم تحديد منطقة التحجير، وإمكانات التوسع، وهناك دعم في مجال الطاقة وإعفاءات من كثير من الرسوم والغرامات وإعفاء من التزامات ما بعد التحجير المفروضة على القطاع الخاص.
الكلام بخصوص هذا المشروع كثير وقاس، ويشتمل على اتهامات وتشكيك. ومن الناحية الرسمية فإن للبلدية نسبة 10 % من الأرباح المفترضة، كما تتوزع باقي الأرباح على خمس جمعيات تعاونية بواقع 18 % لكل جمعية، لكنهم يؤكدون أن المساهمين من الجمعيات لم يتلقوا أي مردود، كما لم تتلق البلدية نسبتها، وذلك لأن الأوراق تفيد بأن المشروع يخسر ولم يحقق أرباحاً، وهو ما يثير شكوك الجميع نظراً للأرباح التي تحققها المقالع الخاصة.
مشروع صيانة المساكن: تم بالتعاون مع صندوق المعونة الوطنية تحديد 56 مسكناً لشمولها بمشروع صيانة المنازل الممول من وزارة التخطيط (290 ألف دينار) وبإشراف مراكز الإنماء المجتمعي وتنفيذ متعهد من القطاع الخاص من خارج المنطقة.
الصيانة ركزت بشكل أساسي على سقوف المساكن.
زرت منزلين عشوائياً في حيين مختلفين وسجلت الملاحظات الآتية:
مسكن (1): بيت من غرفتين إضافة الى مطبخ سقفه منخفض قليلاً. البناء كان مسقوفاً بالزينكو وفوقه مدة ترابية.
الترميم عبارة عن كشف البيت (إزالة السقف السابق)، وإعادة سقفه بالزينكو مع طبقة بلاستيكية خاصة. المساحة الإجمالية حوالي 60 مترا مربعا. كما تم بناء حمام بديل بمساعة حوالي 6 أمتار مربعة بموقع خارجي أمام البناء.
استمر العمل في الترميم حوالي 6 شهور، عانى خلالها سكان البيت من اضطراب بين إدخال فراشهم وإعادة إخراجه، لأن متعهد البناء كان يتغيب، يعمل قليلاً في بيت من البيوت ثم ينتقل الى بيت آخر، ولهذا كان يتأخر على جميع البيوت.
لم يكمل المرممون طراشة البيت من الداخل، ورفضوا إجراء صيانة للأرضيات وهي عبارة عن مدة اسمنتية، وتم دهان الجزء المرمم من الخارج بدهان أصفر غامق ليغطي منطقة الترميم، ولهذا صار هناك لونان للدهان من الداخل والخارج.
شبابيك وأبواب البيت مهترئة الى درجة كبيرة وبعضها غير قابل للإغلاق، والمطبخ له باب متهالك تماماً.
وقد طلب صاحب البيت أن تتم صيانة شاملة ولكن طلبه رفض.
على العموم من السهولة ملاحظة سوء التنفيذ.
الى جانب حسين يقطن أحد أبنائه وهو موظف سائق في الزراعة، بنى بيتاً جديداً بمساحة 110 أمتار مربعة وسقف باطون كامل وله سور وعريشة (تراس) أمامية بتكلفة حالي 5500 دينار.
وقد ذكرت تلك الأرقام للمقارنة مع أرقام الترميم.
مسكن (2): سيدة فلاحة أصلاً ومتزوجة من بدوي لا يحمل الجنسية وتتلقى هي 45 دينارا من الشؤون الاجتماعية، لأن الوالد والأبناء لا يُحسَبون ضمن مبلغ المعونة لأنهم لا يحملون الجنسية. ولديها أسرة مكونة من أبناء زوجها إضافة الى أبنائها من زواجها السابق.
بيت كبير نسبياً أمامه حديقة مُعتنى بها، وتتضح الخبرة الفلاحية في هذه النقطة.
بضع أشجار من الرمان والليمون والزيتون والكثير من أحواض ونباتات الزينة.
الفرق كبير بين منظر الحديقة والبيت من الخارج وبين البيت من الداخل، فهو قديم وأرضيته مهترئة وهناك عدد كبير من الحفر الواسعة في أرضية البيت وهي أصلاً من الاسمنت، ورفض منفذو الترميم إجراء أي صيانة للأرضية رغم أن وضعها سيئ للغاية، والبيت يكاد يخلو من الأثاث، باستثناء بعض الفرشات الاسفنجية (جنابيات).
الترميم كان عبارة عن إزالة سقف البيت القديم (زينكو مع مدة طينية) ووضع سقف جديد من الزينكو.
وتم دهان حوالي نصف متر من الخارج والداخل بلون أصفر غامق وأصبح الجدار بلونين من الداخل والخارج، وقد وعدوا بالعودة وتوحيد طراشة البيت ولكنهم لم يعودوا.
حفاير وزارة البيئة ومشروع حماية البيئة البدوية (زراعة نبات الرغل)
ضمن برنامج تعويضات حرب الخليج، ومشروع الحفاظ على بيئة البادية الأردنية، عملت وزارة البيئة على إقامة حفاير (سدود ترابية صناعية) لحفظ مياه الأمطار، وللمنطقة خبرة تاريخية في هذا المجال.
هذه الحفاير أصبحت مثار تهكم السكان عموماً، فهي فاشلة منذ بدايتها، وعندما وصلت للمنطقة، لاحظت أنه بالكاد تستطيع تمييز وجود حفرية، تحتاج للتدقيق لتكتشف موقع الحفر، وقد اضطررت لسؤال دليلي عن موقعها وهو يشير الى أنها أمامي.
والناس هنا يتحدثون عن انعدام الخبرة في تحديد المواقع المناسبة، بينما قال أحد مربي الأغنام: إن بعض رعاة المنطقة يعرفون اتجاه سير دلو من المياه، بينما لم يوفق خبراء البيئة والزراعة في اختيار مواقع حفائرهم الكبيرة.
وفي السياق ذاته، تقع إلى الجنوب الغربي من الرويشد، منطقة اسمها "محمية نبات الرّغل"، وقيل "إن مئات عدة من شباب منشية الغياث والرويشد قد تم استخدامهم بالأجرة في زراعة أشتال نبات الرغل، وقد عملوا لأسبوعين ثم حصل خلاف بين المسؤولين وتوقف العمل، وبعض الشباب لم يتلقوا سوى أجور أسبوع واحد".
يتندر الشباب بالعمل الذي قاموا به، لقد كان المسؤولون يهتمون بالتقاط الصور للعمل، وبعض الأشتال زرعت بأكياسها.
في الموقع يمكن إحصاء ألوف الحفر ولكنها خالية من أي مزروعات، وتوجد كومة من أكياس أشتال الشجيرات لم تغرس، وقد يعثر الزائر على جذور متيبسة تماماً (ميتة) لبعض الشجيرات، على العموم غادر مسؤولو المشروع مع انتهاء عمل الشباب.
والكلام بين الناس عن مبالغ كبيرة أنفقت في هذا المشروع الغامض.
تحدث بعضهم عن انعدام الجدية في المشروع بحيث إن المسؤولين حرصوا على التقاط الصور أثناء العمل، فيما كان بعض العاملين يزرع الأشتال من دون أن يزيل الكيس البلاستيكي عنها وعلى مرآى المشرفين.
مشروع استخراج زيت الخروع
قبل الوصول الى الرويشد بحوالي 15 كلم وفي منطقة اسمها "مْقاط"، وعلى يمين الطريق العام الدولي مباشرة يقع مشروع اسمه "مشروع زيت الخروع" تابع للصندوق الهاشمي لتنمية البادية.
مساحة المشروع 60 دونماً، يوجد فيه بناء (هانجر) كبير كان يفترض أن يحوي مشغلاً لاستخراج زيت الخروع، وهناك بركة بلاستكية كبيرة تصل اليها المياه من بئر ارتوازية تقع على الجهة الأخرى من الشارع. كما يوجد مبنى صغير مخصص للإدارة.
يلاحظ الناظر أن هناك فعلاً محاولة قد جرت لزراعة نبات الخروع، فهناك أعداد كبيرة من الشجيرات الجافة، تتخللها شبكة من أنابيب الري بالتنقيط. محاولة الزراعة فشلت بالكامل، وتم إيقاف المشروع، وفي شهر أيلول(سبتمبر) 2013 حضر مهندسون من الصندوق الهاشمي وبدأوا بتجربة جديدة، ولكن هذه المرة لزراعة البرسيم والشعير، لقد اكتفوا بتجربة زراعة 4 دونمات يجري ريها بالتنقيط بواسطة الأنابيب المتوفرة أصلاً.
صندوق المعونة الوطنية
التسمية الدارجة للمعونة المالية التي يقدمها صندوق المعونة الوطنية هي "راتب الشؤون"، ويبلغ عدد من يقبضون "راتب" 387 حالة، أغلبهم من عشيرة الغياث لأن عشيرة النعيم تركت المنطقة، وقد تقلص عدد متلقي الرواتب بسبب رحيل قسم من السكان مع "رواتبهم" الى مكاتب الصندوق في المفرق.
هناك بنود عدة بموجبها توقف المعونة عن المستفيد: امتلاك كوشان حلال، أو سيارة شحن أو سيارة بكب (هناك عدد كبير من الأهالي يملكون سيارات بكب قديمة جدا يستخدمونها كوسيلة نقل ركاب داخل الرويشد وإلى المناطق المحيطة، ومن يملك رخصة سوق فئة رابعة توقف عنه المعونة أو تسحب منه الرخصة. ويتم خصم مبلغ 4 دنانير عن كل رأس غنم يملكه المستفيد ويُطلب منا إجراء تفقد للمستفيدين حول ذلك).
يمكن اعتبار الصندوق مركز معلومات تفصيلية بخصوص السكان والفقراء خصوصاً، ومع ذلك لا يتم التنسيق أو أخذ رأي الصندوق من قبل أي طرف رسمي يعمل في مجال ومشاريع مكافحة الفقر في الرويشد، باستثناءات محدودة.
باختصار يمكن الجزم بأن التدخلات الحكومية سجلت فشلاً ظاهراً وشاملاً. وباستثناء ما يقدمه صندوق المعونة وبعض المشاريع في البنية التحتية مثل مشروع تجديد شبكة المياه وبعض الأبنية، فإن باقي المشاريع (بشكل خاص مشاريع تعويضات البيئة جميعها، والمشاريع الإنتاجية مثل مزارعة الأبقار والدواجن والأغنام ومنشار الحجر ومقلع الحجر ومشروع زيت الخروع) لم تكن فاشلة فقط، بل أدت الى نتائج سلبية تتصل بموقف الناس من مجمل التدخلات الحكومية، فقد أصبحت مفردات مثل: النصب والاحتيال والتكسب، ترافق أي نقاش حول الأمر.