قطاع التجزئة الأردني يكسب زخما جيدا

تعزز المجموعات الجديدة من متاجر التجزئة والتوسيعات في مراكز التسوق "المولات" الإمدادات في قطاع تجارة التجزئة الأردني، لاسيما وأنها تعد جزءا من مجموعة ضخمة من المشاريع الطامحة إلى الاستفادة من ارتفاع قدرة الانفاق وزيادة أعداد السكان في المملكة.
ومن شأن هذه التطورات الجوهرية أن تخلق المزيد من الفرص للمستثمرين في سوق تتسع فيها خيارات التسوق بشكل مطرد، الأمر الذي تقوده زيادة شعبية الإنشاءات متعددة الاستخدامات ومساحات التجزئة في الفنادق.
عرض أوسع
في أواخر شهر شباط (فبراير) الماضي من العام، وقعت "مجموعة العدناني" الأردنية اتفاقية مع شركة التنمية العقارية الكويتية "شركة العقارات المتحدة" تنص على إنشاء منتجع صحي يمتد على مساحة 929 مترا مربعا في مول العبدلي عمان -الذي كلف إنشاؤه 300 مليون دولار. وباسم "جايا كوكون" وبوصفه من فئة الـ"سبع نجوم"، سوف يوفر المنتجع المعد للسيدات فقط منتجات الصحة والجمال، إلى جانب خدمات العلاج التي تتراوح من التدليك وعلاجات الوجه إلى فقدان الوزن.
ويمكن للإنتهاء من هذا المشروع أن يستقطب المزيد من الأفراد إلى المول الممتد أساسا على مساحة 227 ألف متر مربع، والذي افتتح في أواخر العام الماضي ليضم سوبرماركت ومركزا ترفيهيا ومنطقة مطاعم ومقاهي، فضلا عن مجموعة من المتاجر متوسطة المستوى في أغلبها. كما ويتمتع المول بعلامات تجارية شهيرة تمتد على مساحة 55 ألف متر مكعب من أراضيه، وتبرز منها "تاتي" و"ماتلان" و"زارا" و"بيرشكا" و"ماسيمو دوتي" و"بول آند بير" و"أوشو" و"جولز" بين أخرى كثيرة.
ويعتبر مركز التسوق الضخم هذا جزءا من مشروع تطوير العبدلي بتكلفة 5 مليارات دولار، أكبر مشروع متعدد الاستخدامات في عمان حيث يتمدد على مساحة 2 مليون متر مربع، والذي سيضم –فور انتهائه بالكامل- مرافق طبية وترفيهية، بالإضافة إلى شقق سكنية. وسوف يتم تخصيص حوالي خُمس مساحة المشروع –أي 406 آلاف متر مربع- لغايات تجارة التجزئة.
ويمكن لمزيد من دعم القطاع أن يأتي من عناصر تجارة التجزئة في تطوير الفنادق. ففي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي قالت شركة التطوير العقاري التي تتخذ من دبي مقرا لها، إيغل هيلز، أنها تتوقع اكتمال عمليات الإنشاء في فندقها "دبليو عمان" بحلول منتصف العام الحالي. وسوف يضم المشروع 41 وحدة فاخرة تدعى بـ"سكاي لاين ريزيدنسز" في الطوابق السبعة الأخيرة من طوابقه الـ37 الإجمالية، في حين أنه سيتيح أيضا حيزا للمكاتب ومتاجر للتسوق.
وفي الحقيقة، يعكس هذا المشروع -بين مشاريع أخرى أيضا- التوسع المطرد في قطاع التجزئة الأردني، حيث نمت المساحة المتاحة بنحو 7 % في العام الماضي، إلى 158 ألف متر مربع، وفقا للاستشارية في شؤون العقارات شركة "إيه تي كيرني". وارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 2.5 % هذا العام إلى 14 مليار دولار، بعد أن شهدت معدل نمو سنوي يراوح الـ4 % خلال السنوات الثلاث الماضية.
العوامل الرئيسية لإنفاق المستهلك
يأتي التوجه إلى المزيد من الاقراض للأعمال التجارية والعملاء كبشائر خير أيضا لصناعة التجزئة بشكل عام. ففي العام الماضي، تم توسيع الإئتمان المقدم للقطاع الخاص بنسبة 9.7 % ليصل إلى 29.8 مليار دولار، وفقاً للبنك المركزي الأردني، والذي يتجاوز بشكل جيد معدل النمو السنوي المركب للفترة الممتدة من العام 2012 إلى 2016 والبالغة نسبته 5.8 %. ومن المرجح أن يتسع ذلك أكثر خلال هذا العام، مع وصول قروض البنوك إلى 30.4 مليار دولار في شباط (فبراير)، مرتفعةً بذلك بنسبة 10 % عما كان عليه الحال في الشهر نفسه من العام الماضي.
وعلى الرغم من زيادة الإنفاق، شكلت التكاليف التشغيلية المرتفعة بعض التحديات لبعض لاعبي الصناعة في المملكة. ففي بدايات العام الماضي، أوضحت شركتان كبيرتان -تمثلان 8 ماركات عالمية للملابس في الأردن- أنهما تأخذان بالاعتبار إما إعادة الهيكلة أو الإنسحاب من السوق الأردنية بالكامل، مستشهدة بضربية المبيعات المحلية عند 8 % وضريبة الدخل عند 2 %، وفقاً لما أخبر به نقيب تجار الألبسة، سلطان علان، وسائل الإعلام العام الماضي.
ومن جهته، صرح رئيس غرفة تجارة عمان، عيسى مراد، للإعلام المحلي تقريبا في الوقت نفسه بأن العديد من العلامات التجارية نقلت متاجرها من العاصمة إلى محافظات أخرى في سعيها خلف إيجارات أقل.
وكانت حكومة المملكة تحركت من قبل لوقف عزوف الزبائن وتشجيعهم على الإنفاق عبر تخفيض ضريبة المبيعات من 16 % إلى 8 %، ومن خلال تخفيض الرسوم الجمركية المفروضة على العديد من السلع الفاخرة من 30 % إلى 5 %، بما فيها الملابس والحقائب والساعات والأحذية والعطور والجواهر والألعاب ومستحضرات التجميل.
ومع ذلك، ما تزال العوامل التي ترهق كاهل القدرة التنافسية بلا علاج وحلول جذرية حتى الآن، مثل حقيقة أن ضريبة الأملاك تُفرض بالاستناد إلى المساحة الإجمالية لمواقع البيع بالتجزئة أكثر من إجمالي المساحة القابلة للتأجير.
مجال للنمو
رغم جميع هذه التحديات، تمكن الأردن من تحسين مرتبته على المؤشرات الدولية، واضعا نفسه في المرتبة الـ13 من أصل 30 سوق ناشئة في مؤشر "تنمية التجزئة العالمية 2016" التابع لـ"إيه تي كيرني"، صاعدا بذلك 12 مرتبة عن العام الماضي. وقد وضع هذا الواقع المملكة أمام المغرب (الواقعة في المركز 14) ومصر (في المركز الـ30)، وبعد العربية السعودية (المرتبة الثامنة) والإمارات العربية المتحدة (المرتبة السابعة).
وقد أوضحت الشركة الاستشارية أن المرتبة التي اعتلاها الأردن تعود إلى أن سوقه هي الأقل تشبعا في الشرق الأوسط. وهذا يوفر، مقرونا بالنمو السكاني المطرد، "قيمة جذابة على المدى المتوسط للوافدين المحتملين"، على الرغم من أن حالة عدم الاستقرار الإقليمية ربما تضع مزيدا من الضغوطات على كاهل القطاع بشكل عام.