سيدات لـ "جراءة نيوز" : لا نمانع زواج المسيار ورجال يتهافتون عليه !
جراءة نيوز – عمان – إليانا سعيد : لا تمانع سلمى، التي تعمل نادلة في أحد المطاعم في العاصمة عمان، من الاقتران بأي شخص بـ "زواج مسيار" حتى يريحها من العمل في مهنتها التي تصفها بـ "المتبعة"، في وقت تقول منظمات حقوقية أن مثل هذا النوع من الزواج راج في المنطقة العربية ومنها الأردن أخيرا بسبب "تكاليف الحياة الباهظة".
ولا تجد سلمى "غضاضة" في أن يبقى زواجها سرا، متنازلة بذلك عن حقوقها الزوجية في الإقامة والنفقة والمسكن الشرعي، في وقت تختلف فيه وجهات نظر علماء شريعة إسلامية بين مؤيد لهذا الزواج ورافض له لافتقاده شرط "الإعلان"، وهو أساسي في عقد الزواج.
وبغض النظر على "النقاش الحاد" بين علماء الشريعة الإسلامية، حول هذا النوع من الزواج، إلا أن سلمى، القادمة من إحدى الدول العربية، تعتقد أنه "يحقق للمرأة والرجل العفة في ظل ارتفاع تكاليف الحياة"، فيما يقطع علماء هذا الكلام بـ "تحريمه نهائيا وعدم جواز إيجاد مبررات للإقبال على هذا النوع من الزواج".
آخر يكني نفسه بأبي صالح قال إنه "تزوج أكثر من 16 سيدة "مسيساريا"، معتبرا هذا العقد بـ "الصحيح والشرعي" كونه تم بإيجاب وقبول، وبحضور شاهدين من أصحابه يثق بهما ولكنه يختلف عن الزواج المعروف في انه "غير معلن".
يقول "أقوم باستقدام سيدات من دول أجنبية أتعرف عليهن عن طريق الانترنت وأعرض عليهن الزواج وأقوم بعقد قراني أمام شيخ واثنين من أصدقائي دون أن أوثق هذا الزواج في المحكمة".
ويستشهد علماء شريعة بتحريم هذا النوع من الزواج بقوله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، ما يعني أنه جعل من مقاصد الزواج وأهدافه السكن إلى الزوجة، وقوله تعالى {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ}؛ أي أنه جعل من مقاصد الزواج "التحصين الذي يجعل كلا من الزوجين كاللباس للآخر".
القانون يعاقب من لا يسجل عقد الزواج رسميا
ويشترط قانون الأحوال الشخصية الأردني لصحة عقد الزواج حضور شاهدين اثنين مسلمين رجلين أو رجل وامرأتين إذا كان الزوجان مسلمين عاقلين بالغين، وأن يسمع الشهود الإيجاب والقبول.
ونصت المادة 17 من قانون الأحوال الشخصية على وجوب مراجعة الخاطب للقاضي أو نائبه لإجراء العقد، ويتم إجراء عقد الزواج من قبل مأذون شرعي بموجب وثيقة رسمية، وللقاضي بحكم وثيقته في حالات استثنائية أن يتولى إجراء العقد بإذن من قاضي القضاة.
كما نصت المادة ذاتها على أنه إذا جرى عقد الزواج بدون وثيقة رسمية فيعاقب كل من العاقد والزوجين والشهود بالعقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات الأردني، ما يعني تجريم هذا الفعل قانونا.
السرطاوي : زواج المسيار حرام شرعا
أستاذ الشريعة الإسلامية في الجامعة الأردنية الدكتور محمود السرطاوي يقر في تصريح صحافي بوجود ظاهرة تعدد الزيجات، محذرا من اتساعها بين الشباب وفئات المجتمع.
ويعتبر أن "الزواج غير المعلن والذي لا يقصد به بناء أسرة إسلامية صحيحة مرفوض وحرام شرعا، وضرب على ذلك مثلا "زواج المسيار" و"الفريند" و"المتعة" و"المدني".
ويؤكد "السرطاوي" أن من شروط الأسرة الصالحة والتي يريدها الإسلام، أن يتوفر فيها عنصر الديمومة، وتسودها الرحمة، وأن تكون العلاقة بين الزوجين معروفة بين الجميع، فالزواج المقصود به أن لا يكون سرياً بل علنياً.
ويضيف بأن جميع أشكال الزواج الجديدة والتي سوف تستحدث في المستقبل هي مرفوضة، فكل زواج يؤسس بنية الطلاق مستقبلا، مثل الزواج العرفي أو المدني أو الفريند، فهو لا يتطابق مع مقاصد وأهداف الإسلام ولا الشارع، في بناء أسرة قادرة على إخراج أجيال تحمل الرسالة.
ويشير إلى أن أهداف زواج المسيار متعددة، وهو زواج باطل، لكنه ليس من الزنا، فزواج المسيار قد يقوم على أسس شرعية ولكنه باطل ومرفوض، لذلك لا يصنف من علاقات الزنا، وأكد بأنه يجب رفض هذا الشكل من الزيجات والعمل على منعها.
القضاة : إذا علم ولي الزوجة بزواج ابنته وأقرها على "المسيار"
جاز شرعا
لكن أستاذ الفقه الإسلامي في الجامعة الأردنية الدكتور محمد القضاة فيرى أن زواج المسيار إذا تم بالاتفاق بين الرجل والمرأة وكان الوالي على علم بذلك، واستكملت الأركان والشروط الشرعية، فإنه زواج شرعي.
ووفق القضاة، فإنه يسجل للمرأة كافة حقوقها الشرعية، أما إذا رغبت المرأة فيما بعد أن تتنازل عن كافة حقوقها من المهر أو النفقة فلها ذلك ما دام الأمر يخصها وهي صورة شرعية صحيحة.
وأضاف "إذا كان الاتفاق بين الرجل والمرأة على الزواج واشترط عليها أن تتنازل عن حقوقها الشرعية مقابل أن يتزوجها، فإن هذا الزواج غير صحيح، وهو مرفوض، لأنه هضم لحق المرأة، والزواج هنا لم يحقق المقاصد المطلوبة منه".
وفرق القضاة بين زواج المسيار الذي قال عنه إنه زواجٌ الأصل به الديمومة والاستمرارية، وبين زواج المتعة الذي مستقبله الطلاق وعدم الاستمرارية.
والمسيار لفظة عامية شائعة درج الناس في منطقة الخليج على استعمالها، ويراد بها السير - المرور - وعدم المكث والإقامة، فزوج "المسيار" يسير إلى زوجته الثانية التي تنازلت عن حقها في الإقامة والنفقة والمسكن الشرعي.
95% من الأردنيات يرفضن زواج المسيار و65% من الرجال يؤيدونه
ووفق دراسة أعدت اخيرا، فإن (65%) من أصل (200) رجل تمّ استفتاؤهم في الأردن وافقوا على أنّ زواج المسيار يعتبر حلا لمشكلة ارتفاع المهور والعنوسة، ما جعلهم يؤيدونه، في حين رفضه (30%) منهم لأسباب تتعلق بكونه ينتقص من كينونة الرجل الشرقي.
بقي (5%) من العينة غير قادرين على تحديد موقفهم من هذا الزواج. وفي المقابل، رفضت الغالبية الساحقة (95%) من (200) امرأة تم استطلاع آراؤهن، فكرة زواج المسيار، كونه يتنافى مع مفهوم الاستقرار الأسري، ولامتهانه لحقوق وكرامة المرأة، بينما اعتبرت (5%) منهن أن المسيار يحول دون وقوع النساء في شرك العنوسة.
البداينة : زواج المسيار يفكك مفهوم الأسرة في المجتمع
من جهته، يرى أستاذ علم الاجتماع الدكتور ذياب البداينة أن مثل هذا النوع من الزواج يعمل على تفكيك مفهوم الأسرة، واصفا إياه بـ "الزنى المقنع بالشرعية"؛ فاستقدام زوجات من الخارج هو نوع من الزنى لكن يغلفه البعض بأن يقوم بعقد القران أمام شاهدين متناسيين أن الهدف من الزواج هو بناء أسرة متفاهمة تسودها المحبة والمودة.
ويصف الدكتور البداينة هذا الزواج أيضا بـ "القنبلة الموقوتة" بمعرفة الزوجة الأولى التي لن تتقبل وجود الزوجة الأخرى في حياة زوجها وستطلب الطلاق، موضحا أنه سيؤثر أيضا على الأولاد ونظرتهم إلى والدهم الذي يجب أن يكون قدوة حسنة لأبنائه.
وبذلك يبقى مسلسل زواج "المسيار" محل خلاف بين علماء وممارسيه؛ فمن يؤمنون به يدافعون عنه باعتباره "حقق كل أركان الزواج" والعلماء يؤكدون حرمته إذا لم يتوافر "شرط الإعلان"، لكنه في جميع الأحوال يقوض بنيان الأسرة ويهدم أسسها الاجتماعية ما يخلق "فجوة مجتمعية كبيرة"، على ما يتفقون.