المصري: العمالة السورية أثارت حساسية الفئات الأردنية الأقل حظا
قال رئيس الوزراء الأسبق، طاهر المصري، إن وجود اللاجئين السوريين والسماح لهم بالعمل في المملكة أثار حساسية لدى الفئات الأقل حظا، والتي أخذ بعضها موقفا معارضا، الأمر الذي شكل تحديا للنظام السياسي.
ودعا المصري إلى أن يترافق الدعم المقدم للاجئين بتعزيز مكتسبات التنمية الوطنية للفئات الاقل حظاً وللمواطن الذي تحمل ارتفاع أسعار السكن، والضغط على الموارد الوطنية وما رافقها من ارتفاع أسعار كبير أرهق المواطن وقدراته، ودعم مكتسبات التنمية بهدف تخفيف الاحتقان الشعبي جراء ذلك.
وأضاف المصري أنه على أرض سورية تجري اليوم ما يمكن تسميته بحرب عالمية ثالثة مصغرة؛ حيث ان كل القوى الدولية والاقليمية لها يد ووجود في ذلك الصراع.
وقال إنّ الأردن يستحق أن تتوجه إليه أنظار جميع الممولين للاجئين من العرب والدول المانحة والمنظمات الدولية بوعي تام أن الأردن دولة محورية، لتقاسمه الدعم اللوجستي والمادي المترتب على الاستضافة، ولتخفيف هذا العبء على كاهل الشعب الأردني وبخاصة فئاته الفقيرة والتي سينفد صبرها آجلاً أو عاجلاً، وأن يتأتي هذا الدعم ايضاً للنظام السياسي ومساندته الذي سهل المهمة الدولية وتحمل اعباء الفرقاء التي بسببهم كانت هجرة المواطن السوري وهروبه إلى واحات الأمان في الأردن.
جاء هذا خلال الجلسة الحوارية الاولى لمؤتمر "اللاجئون في الشرق الأوسط والأمن الإنساني"، والتي عقدت تحت عنوان "الدور الأردني في استضافة اللاجئين ومدى وفاء المجتمع الدولي بالتزاماته" والتي أدارها وزير الخارجية الأسبق عبد الاله الخطيب.
وأكد المصري انّ عاصفة الربيع العربي مرت على الأردن دون ان تصيبه لاعتبارات سياسية عديدة. وكان وعي المواطن وحرصه على حماية منجزات الوطن ساهمت بشكل واضح في تحقيق هذه النتيجة، فيما ساهمت الإجراءات والقرارات السياسية الداخلية التي اتخذتها الدولة، تجاوباً مع الوضع الجديد، في تحقيق ذلك الهدف. إضافة إلى أن التدفق الهائل من اللاجئين السوريين والعراقيين وقسماً من الليبيين واليمنيين وحجم المأساة التي يتعرضون لها كانت درساً مفيداً للأردنيين في تجنب الدخول في نفس المأزق ما أدى إلى المساهمة في كبح جماح المطالبة بتغيير سياسي في الأردن.
وقال إنّ الأردن سعى جاهداً للعمل على حماية اللاجئين وتحقيق الأمن الإنساني لهم من واقع إيمانه القومي والتزامه العربي الإسلامي في أداء دوره السياسي على المستوى الإقليمي. فقد فتح المجالات امام اللاجئين في التعليم والصحة والعمل في ظل ضوابط الوضع الداخلي. ولا شك أن سياسة الاحتواء التي اتبعتها الدبلوماسية الأردنية نجحت في التعامل مع اللاجئين السوريين والعراقيين، وهي بحد ذاتها قصة نجاح وفخر أردني.
وأضاف أن الحرب الأهلية في الحالة السورية كان لها الاثر المدمر ليس فقط على بناها التحتية وضعف سيطرة الدولة على جزء كبير من أراضيها، بل تعدى ذلك إلى نزوح المواطن السوري وهجرته الداخلية والخارجية.
واستقبل الأردن حوالي 1.4 مليون سوري، الأمر الذي وضع الأردن على قائمة ثاني اكبر نسبة من اللاجئين، وخامس اكبر من اللاجئين في العالم
ورافق هذه الهجرات معاناة الأردن ومواطنيه من أزمة غاية في الخطورة تتمثل في عدم كفاية الدعم المادي واللوجستي الذي تقدمه الجهات المانحة، وذلك بالرغم من وضوح الضغط على الموارد الأردنية المحدودة.
وقال وقد صرحنا في اكثر من مجال انه اذا استمر الوضع وترك الضغط على الموارد المحلية واستمر تحمل المواطن تبعات الوضع، وهو الذي يعاني نسبة بطالة مرتفعة بين الشباب وصلت إلى 22 % العام 2015 وفقر مدقع منتشر في مناطق عديدة وفي ظل اقتصاد ريعي يعتمد على المساعدات والهبات وفرض الضرائب بالدرجة الأولى، ونمو سكاني بنسب عالية اقول، انه اذا استمر هذا الوضع، فإن ذلك سينذر بزيادة مخاطر زعزعة الاستقرار في الأردن والمنطقة على المدى البعيد.
وذكر المصري "لم يوقع الأردن على اتفاقية اللاجئين للامم المتحدة 1951 والبرتوكول الاضافي العام 1967 لاعتبارات سياسية تخص حقوق اللاجئين الفلسطينيين في حفظ حقهم في العودة، الا انه وقع مذكرة تفاهم مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين العام 1998 الخاصة بغير الفلسطينين. ورغم ان استضافة اللاجئين على اراضيه لا تشكل التزاماً قانونياً، الا ان الأردن أدى الالتزام الاخلاقي نحو اللاجئين كأنه التزام قانوني. لكن يبقى، حسب المصري، وفاء العرب والمجتمع الدولي بالتزاماتهم للدول المضيفة على قاعدة التشاركية، امام قيام الدول المضيفة استضافة اللاجئين، وكما هو معروف للجميع، فإن ميزانية الخطة الاقليمية للاجئين انخفضت إلى ما يقارب الربع في العام 2015. فكيف نواجه هذه الأزمة دون الدعم اللازم ووفاء الدول المانحة والداعمة لتدفق اللاجئين على الأردن، وفي نفس الوقت تطالب هذه الدول الأردن بإعطاء قضية اللاجئين اولوية قصوى وأنها تتجاوز الأزمة الإنسانية إلى ازمة سياسية، الله يعلم تداعياتها على الدولة المضيفة.
وزير التربية والتعليم، الدكتور عمر الرزاز، قال خلال الجلسة إنّ الأردن انتقل في الأزمة السورية من مرحلة الإغاثة والإعانة وتخصيص مخيمات إلى مرحلة أخرى تمتد إلى مدى متوسط وطويل.
وهذا يضع الأردن والمجتمع الدولي في موقف لإعادة النظر في احتياجات اللاجئين التعليمية والصحية وامكانية الانخراط في سوق العمل.
وفي جانب العمل والتشغيل، قال الرزاز إنّ الحديث عن هذا الموضوع قد يكون خلافيا؛ حيث أنه ليس من السهل على الأردني العاطل عن العمل تقبل أن يكون هناك لاجئ سوري يأخذ محله، إلا في حالة أن يكون هذا العمل "تكميليا" وليس "احلاليا"وأن يكون في قطاعات لا يقبل عليها الأردنيون مثل الزراعة والإنشاءات. وأشار إلى أنّ هذا الموضوع لا بدّ أن يؤخذ بجدية، خصوصا أنّ عدم عمل اللاجئ السوري سيكون له أبعاد اجتماعية خطيرة على المجتمع.
وفي موضع التعليم، قال الرزاز إنّ هذا الجانب "يجب أن لا يكون خلافيا إطلاقا"، لأنّه حق انساني يجب أن لا يحرم أي انسان منه مهما كانت ظروفه. فيما مصلحة الأردن والمجتمعات تكمن في تعليم هذا الجيل بحيث لا يكون فريسة لكل أفكار الكراهية والتطرف والإجرام وكل ما ينتج عن إضاعة فرص التعليم واكتساب المهارات والقيم.
وقال "علينا أن نعمل جميعا بهذا الاتجاه لأن عدم دخول فئات كبيرة في منظومة التعليم سيشكل خطرا على الأطفال والشباب أنفسها وعلى الآخرين وعلى أمن وسلامة الأردن".
وقال إنّ اللجوء السوري زاد العبء على التعليم الذي يعاني أصلا من مشكلات عدة، ما يعزز من أهمية الشراكة الحقيقية بين الأردن والمجتمع الدولي والمؤسسات المانحة".
وأضاف الرزاز أنّ الحكومة التزمت بنتائج مؤتمر لندن، ومؤتمر بروكسل بتوفير التعليم كحق لكل طفل ضمن بيئة تربوية آمنة مهما كانت جنسيته.
وفي هذا الصدد، قامت وزارة التربية والتعليم لغايات توسيع فرص الحصول على التعليم في المملكة، ببعض الإجراءات التي من شأنها أن تسعى إلى التحاق الطلبة من اللاجئين السوريين المقيمين بالمملكة في التعليم.
ومن ضمن هذه الإجراءات لتي تم التركيز عليها "التعليم النظامي"؛ حيث فتحت الحكومة المجال أمام السوريين لالتحاقهم في مدارسها بغض النظر عن توفر الأوراق الثبوتية، وبلغ عدد الطلبة السوريين الملتحقين بمختلف مراحل التعليم النظامي في المملكة (2016/2017 نحو 124781 طالباً وطالبة، يتوزعون على النحو الآتي:
ـ54152 طالبا وطالبة يدرسون في 198 مدرسة في الفترة المسائية، كانت الوزارة قد استحدثت 100 مدرسة مسائة جديدة، اضافة إلى 98 مدرسة سابقة.
- 33914 طالباً وطالبة في 44 من مدارس المخيمات موزعة على النحو الآتي: 28 في مخيم الزعتري، 12 في مخيم الازرق، و4 مدارس في مخيم مريجيب الفهود.
- 36715 في المدارس الحكومية في الفترة الصباحية.
ولغايات استيعاب هؤلاء الطلبة تم تعيين 3080 معلماً ومعلمة على حساب التعليم الاضافي يعملون في المدارس التي تعمل بنظام الفترتين، كما تم تعيين 3961 معلما ومعلمة على حساب التعليم الإضافي في مدارس الفترة الواحدة، وتعيين 1253 معلما ومعلمة في مدارس المخيمات، ويتم العمل على إلحاقهم ببرامج التدريب أثناء الخدمة التي تهدف إلى رفع كفاءة المعلمين وتحسين ممارساتهم في الغرفة الصفية، وإكسابهم المهارات اللازمة للتعامل مع الطلبة الذين يتعرضون للأزمات وذلك بهدف الحفاظ على جودة الخدمات التعليمية المقدمة، كما تشمل ايضاً هذه البرامج القيادات التعليمية في المدارس، ويقدر عدد المعلمين الذين تم تدريبهم على هذه البرامج بما يقارب 8٫715 معلماً ومعلمة، كما يتم ايضاً إلحاق المعلمين الجدد والمعلمين المعينين على حساب التعليم الإضافي ببرامج تهيئة المعلمين الجدد.
اما فيما يتعلق بمرحلة ما قبل المدرسة فقد تم التوسع في التحاق الاطفال وذلك من خلال تأسيس رياض اطفال في مخيم الزعتري حيث التحق بها 456 طفلا.
وذكر الرزاز أنّه بالرغم مما تبذله الوزارة من جهود حثيثة لضمان التحاق كافة الطلبة من اللاجئين السوريين في التعليم الا ان الوزارة ما تزال تواجه الكثير من التحديات، وتتمثل هذه التحديات في ضمان تقديم الخدمات التعليمية بجودة عالية، وكذلك توفير البيئة المدرسية الآمنة للطلبة، وتوفير الصيانة اللازمة للمدارس، بالإضافة إلى عدم التحاق كافة الطلبة ممن هم في عمر المدرسة بالتعليم، وذلك إما لصعوبات في التنقل أو للظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الطلبة، فيتوجهون للعمل أو الزواج المبكر كما هو الحال عند الإناث.
ومن اهم التحديات التي تواجه الوزارة في هذا الصدد الدعم المقدم لاستيعاب الطلبة، اذ ان حجم العبء الذي تتحمله المملكة يفوق ما تقدمه الجهات المانحة، وقد بلغ مقدار الدعم المقدم لقطاع التعليم من المنح والمساعدات في العام 2016 ما نسبته 53٫7 % من قيمة التمويل السنوي المطلوب لخطة الاستجابة للأزمة السورية، مما يزيد العبء على كاهل الوزارة وموازنتها.
السفير السويدي في الأردن أريك أولين هاج قال إن هناك أكثر من 60 مليون لاجئ في العالم أجمع، وأن نحو 20 مليون لاجئ موجودون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأكد أن الأردن من الدول التي أخذت على عاتقها مسؤولية استضافة اللاجئين، حيثُ أنها تستضيف الكثير من اللاجئين من مختلف الجنسيات؛ الأمر الذي يحملها الكثير من الأعباء.
وأشار السفير السويدي إلى أن بلاده استقبلت خلال العام 2015 نحو 163 ألف طلب لجوء إنساني، لافتاً إلى أن السويد تعتبر بلاد حرية قوية وديمقراطية.
كما أكد ان على المجتمع الدولي ان يتعاون ويتشارك في المسؤولية من أجل وقف الهجرة القسرية ووقف العنف في مناطقه.
من جهته قال ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن (UNHCR)، السفير ستيفانو سيفير، إن الأردن استضاف عددا كبيرا من اللاجئين منذُ عدة عقود، وأن أعداد اللاجئين ماتزال في تصاعد مستمر.
وتناول إمكانية المساهمة مع جهود الحكومية الأردنية في استضافة اللاجئين، ومساعدتها في جهودها التنموية والتطويرية في تمكين أجيال المستقبل.
وأكد سيفير أن مسؤولية اللاجئين لا تقع على عاتق الأردن فحسب، إنما هي مسؤولية الجميع وعلى المجتمع الدولي أن يدعم ويساند الأردن، الذي استضاف الكثير من للاجئين وتأثرت الكثير من قطاعاته الحيوية جراء ذلك.