إشارات وهمية

سبحان الله قد ما نحن شعب عاطفي وبسيط ودائماً العاطفة بتسيطر على عقولنا بكل الأمور ، وهذا الشيء يمكن هو سبب تأخرنا عن باقي الخلق والعالم، وأكبر دليل على ذلك انه ولد صغير بجر عشيرة كاملة إذا تعارك وتهاوش مع صاحبة أو حتى بجرهم على المدرسة إذا معلم ضربه عصاه، وبغض النظر عن السبب أو على مين الحق، يعني ماشيين على نظام الفزعة (احمل قنوتك واتبعني)... ودليل آخر على انه بعدنا ننساق وراء عاطفتنا وما بنحاول نحك دماغنا شوي، انه بعدنا بنخاف تطلعنا الغولة بالليل ، وبنخاف من المرأة الطويلة (اللي شافتها عاشه بالحارة)...
وما يلفت الانتباه في سيطرة العاطفة على عقولنا هو عندما يموت بعض الأشخاص ،( شاب أو ختيار أو حتى امرأة )، يأتي المحللون والمفندون في بيت العزاء ليحللوا مشاهد ما قبل الوفاة ، ليقول أحدهم: سبحان الله قبل شهر لقاني المرحوم بالمسجد بصلاة العشاء وكان وجه أصفر وقال لي : خلص بدي أغير هذا المسجد وأصلي بمسجد ثاني ، فهذه إشارة على انه سيموت...ويأتي آخر يقول: يا عمي والله أعرفت انه الزلمة بده يموت من عيونه ، لأني شفته قبل يومين كان يتفرج على الشجر والتراب الأحمر اللي بحاكورة الدار، والظاهر انه كان يودع ... وبنط واحد ثاني بقلك :فعلاً قبل ما يموت طلب يشرب لبن فهذه دلالة الموت...
فهؤلاء المحللين والمفندين يزيدوا الطين بلّه على أهل الميت بهذه التحليلات التي ما أنزل الله بها من سلطان، وبدل أن يواسوا أهل الميت بأن الموت حق ،وأن العمر مكتوب بالدقائق والثواني يزيدوا من مأساتهم بالتحليل والتفنيد والكلام الزائد ، لأن كلامهم نوعان : كلام فارغ ، وكلام مليء بالكلام الفارغ...ومن المؤسف أننا محاطون بأشخاص لا يملكون أي موهبة الا صوتهم العالي...