واشنطن تلوّح بتحرك منفرد في سورية إذا فشلت الأمم المتحدة
لوحت الولايات المتحدة الاربعاء إلى امكانية التدخل بشكل منفرد في سورية اذا فشلت الأمم المتحدة في ادانة الجرائم التي يرتكبها النظام السوري.
وحذرت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي في اجتماع لمجلس الأمن بشأن سورية قائلة "عندما تفشل الأمم المتحدة بشكل دائم في واجبها بالتصرف بشكل جماعي... فهناك أوقات في حياة الدول نكون فيها مضطرين للتحرك من تلقاء أنفسنا."
ورفعت هيلي خلال الجلسة صورا لضحايا الهجوم الكيميائي في خان شيخون في سابقة لم يعهدها المجلس من قبل.
وأعطت الولايات المتحدة الأربعاء اشارات أكثر حزما في ما يتعلق بالهجوم في بلدة خان شيخون الذي سقط فيه نحو 72 قتيلا بينهم 20 طفلا.
إهانة للإنسانية
واعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء أن الهجوم في شمال غرب سورية والذي يعتقد أنه كيميائي وخلف 72 قتيلا بينهم عشرون طفلا أمر "مروع ورهيب" وتجاوز كل الخطوط.
وقال ترامب ، "انه اهانة رهيبة للإنسانية".
ولدى سؤاله عن احتمال تغيير السياسة الأميركية في الملف السوري اكتفى بالقول "سنرى".
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض امس الأربعاء إن الزعم الروسي بأن مدنيين سوريين قتلوا في انفجار مستودع أسلحة كيماوية للمعارضة المسلحة أصابته طائرات حكومية "غير معقول وأمر لا نصدقه".
وأضاف أن واشنطن ما زالت تعتقد أن حكومة الرئيس بشار الأسد مسؤولة عن الهجوم الكيماوي الذي أودى بحياة العشرات.
وقال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إن هجوم الغاز السام في سورية "عمل شنيع وسيعامل كذلك".
وألقت دول غربية ومنها الولايات المتحدة باللوم على الحكومة السورية في ارتكاب أسوأ هجوم بغاز سام في سورية في أكثر من أربعة أعوام والذي راح ضحيته العشرات من الناس في مدينة خان شيخون بمحافظة إدلب السورية أول من أمس الثلاثاء.
وعقد مجلس الأمن الدولي امس الأربعاء اجتماعا طارئا للبحث في الهجوم على بلدة خان شيخون السورية.
وقدمت بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة مشروع قرار يطالب بفتح تحقيق كامل في الهجوم الذي وقع منطقة خاضعة لسيطرة المعارضة في محافظة ادلب، لكن روسيا اعترضت عليه معتبرة النص "غير مقبول على الاطلاق"، في مؤشر جديد الى الانقسامات بين الغربيين وموسكو حول الملف السوري.
وفي وقت دعا فيه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الى فرض "عقوبات" على النظام السوري، ندد السفير الفرنسي في الامم المتحدة فرنسوا دولاتر في مجلس الامن بـ"جرائم حرب، وبجرائم حرب على نطاق واسع، وبجرائم حرب بأسلحة كيميائية".
أما السفير البريطاني ماتيو ريكروفت فانتقد من جهته موسكو معتبرا ان فيتو روسياً محتملاً يعني "انهم يمضون المزيد من الوقت في الدفاع عمن يصعب الدفاع عنه".
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن "النص المطروح غير مقبول على الاطلاق"، مضيفة أنه "يستبق نتائج التحقيق ويشير بشكل مباشر إلى المذنبين"، واصفة إياه بأنه "مناهض لسورية" ومن شأنه تصعيد الوضع.
دعم روسي متواصل
وأكدت موسكو أمس الأربعاء دعمها العمليات العسكرية للنظام السوري وذلك غداة الهجوم الذي أوقع 72 قتيلا في شمال غرب سورية الثلاثاء، في خطوة تشير إلى أنها ستقوض كالعادة أي اجراء يتخذه مجلس الأمن ضد دمشق.
وأعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن "روسيا وقواتها المسلحة تواصل عملياتها لدعم جهود مكافحة الارهاب التي يقوم بها الجيش السوري من أجل تحرير البلاد".
وأضاف بيسكوف أن "روسيا ستقدم بطريقة مفصلة المعطيات التي سبق وأن ذكرتها وزارة الدفاع" الروسية.
وأعلنت موسكو امس الأربعاء أن الطيران السوري قصف "مستودعا لإرهابيين" يحتوي على "مواد سامة"، غداة "قصف بغازات سامة".
وأفاد بيان لوزارة الدفاع الروسية بأن المستودع كان يحتوي على "مشغل لصنع القنابل اليدوية بواسطة مواد سامة" من غير أن يوضح ما إذا كان الطيران السوري استهدف المستودع بصورة متعمدة أو عرضيا.
وتابعت الوزارة أن "ترسانة الأسلحة الكيميائية" كانت موجهة إلى مقاتلين في العراق، مؤكدة أن معلوماتها "موثوقة تماما وموضوعية".
وسبق لقيادة الجيش السوري أن نفت نفيا قاطعا استخدام اسلحة كيميائية ضد مواقع المعارضة أو في هجوم خان شيخون بادلب أو في هجمات قادمة.
وأدانت إيران امس الهجوم بالغازات السامة على بلدة خان شيخون.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية بهرام قاسمي "تدين إيران بشدة أي استخدام للسلاح الكيميائي، أيا كان المنفذون أو الضحايا"، وفق ما نقلت عنه وكالة فارس الإيرانية للأنباء.
وأكد قاسمي ضرورة "نزع الأسلحة الكيميائية من الجماعات المسلحة الإرهابية" في سورية، وهي إشارة أخرى من حليف قوي للأسد يلقي بالكرة في ملعب المعارضة بتحميلها مسؤولية مجزرة خان شيخون.
أعراض غاز السارين
وأعلنت منظمة الصحة العالمية في بيان أصدرته من جنيف امس الأربعاء أن ضحايا هجوم في سورية يشتبه في أنه نفذ بأسلحة كيماوية الثلاثاء، ظهرت عليهم أعراض تماثل رد الفعل على استنشاق غاز أعصاب.
وقالت في بيان "يبدو أن بعض الحالات ظهرت عليها مؤشرات إضافية تماثل التعرض لمواد كيماوية فسفورية عضوية وهي فئة من المواد الكيماوية التي تتضمن غاز الأعصاب."
وقالت الولايات المتحدة إن الوفيات في الهجوم على محافظة إدلب سببها التعرض لغاز السارين وهو غاز أعصاب بعد أن أسقطته طائرات سورية.
وغاز السارين مركب يحتوي على الفسفور العضوي وهو غاز أعصاب، في حين أن غاز الخردل وغاز الكلور اللذين يعتقد أن النظام استخدمهما أيضا في السابق ليسا كذلك.
ولم يقل متحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إن هذا المركب استخدم في الهجوم لكنه أشار إلى أن الجماعات المسلحة استخدمت الأسلحة الكيماوية ذاتها في العام الماضي.
وأضافت المنظمة في بيانها أنه من المرجح أن نوعا من المركبات الكيماوية استخدم في الهجوم لأن الضحايا لم يصابوا بجروح خارجية ظاهرة ولاقوا حتفهم جراء تلاحق سريع لأعراض مماثلة لأعراض غاز السارين تشمل ضيقا حادا في التنفس.
وأشارت إلى أن خبراءها في تركيا يقدمون الإرشاد للعاملين في القطاع الصحي في إدلب بشأن تشخيص وعلاج المرضى.
كما أرسلت أدوية مثل أتروبين، وهو ترياق لحالات التعرض لمركبات كيماوية بالإضافة لمنشطات لعلاج الأعراض.
وكانت لجنة تحقيق في أوضاع حقوق الإنسان تابعة للأمم المتحدة في سورية قالت في وقت سابق إن القوات الحكومية السورية استخدمت غاز الكلور القاتل في عدة مناسبات.
وقتل مئات المدنيين في هجوم بغاز السارين في الغوطة الشرقية لمدينة دمشق في اب (أغسطس) 2016. ونفت الحكومة السوريةبشكل قاطع مسؤوليتها عن الهجوم.
ووافقت سورية على تدمير مخزونها من الأسلحة الكيماوية عام 2013 بموجب اتفاقية توسطت فيها موسكو وواشنطن.
وقال بيتر سلامة المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية في البيان "هذه الأنواع من الأسلحة يحظرها القانون الدولي لأنها تمثل وحشية لا تغتفر."
وفي نفس اتجاه الذي ذهبت اليه منظمة الصحة العالمية، أكدت منظمة أطباء بلا حدود أن أعراض بعض ضحايا الهجوم الذي يعتقد أنه كيميائي في شمال غرب سورية "تظهر التعرض لعنصر سام من نوع غاز السارين"، وذلك استنادا الى فريق المنظمة في المكان.
ولاحظت المنظمة لدى ثمانية ضحايا نقلوا الى مستشفى باب الهوا "اعراضا تظهر التعرض لعناصر سامة مثل غاز السارين" على غرار "حريق في العيون وتشنج في العضلات وتقيؤ".
وأضافت أن فريق المنظمة "تمكن أيضا من الوصول إلى مستشفيات أخرى تولت أمر الضحايا ولاحظ أن رائحة كلور قوية تتصاعد منهم ما يوحي أنهم تعرضوا لهذا العنصر السام".
ردود فعل عربية ودولية
وتواصلت الادانات الدولية لمجزرة خان شيخون، حيث أدانت مصر "القصف العشوائي" الذي تعرضت له بلدة خان شيخون، مؤكدة على "أهمية التسوية السياسية للأزمة السورية" التي دخلت عامها السابع.
وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان إن مصر "تدين القصف العشوائي الذي تعرضت له بلدة خان شيخون في مدينة ادلب السورية، والذي اسفر عن سقوط عشرات الضحايا والمصابين، من بينهم عدد كبير من الأطفال الأبرياء" بدون توجيه أصابع الاتهام لأي طرف في الهجوم الذي يرجح أنه كيميائي ويتهم الغرب النظام السوري بالوقوف وراءه.
وأشارت الخارجية إلى أن "المشاهد المؤلمة إنسانيا وغير المقبولة التي تناقلتها وسائل الإعلام جراء هذا القصف، تؤكد مرة أخرى أهمية دعم التسوية السياسية للأزمة السورية في أسرع وقت على أساس قرارات الشرعية الدولية".
وكان الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط ندد الأربعاء بـ"جريمة كبرى" ارتكبت بحق المدنيين في خان شيخون.
وقال أبوالغيط في بيان صادر عن مكتبه إن "استهداف وقتل المدنيين بهذه الوسائل المحرمة يعتبر جريمة كبري وعملا بربريا وأن من قام به لن يهرب من العقاب ويجب أن يلقى جزاءه من قبل المجتمع الدولي طبقا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".
وانتقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشدة امس الرئيس السوري بشار الأسد الذي وصفه بأنه "قاتل" محملا اياه مسؤولية الهجوم الذي يعتقد انه كيميائي وأدى إلى مقتل العشرات.
وقال إردوغان في خطاب القاه في بورصه بشمال غرب تركيا إن "أكثر من 100 شخص قتلوا بينهم نحو 50 طفلا" متوجها إلى الأسد بالقول "ايها القاتل"، ومنتقدا أيضا "صمت" المجتمع الدولي.
وفي السياق ذاته دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى فرض "عقوبات" على رئيس النظام السوري بشار الأسد.