"يسقط حكم العسكر"

خالد علي هو المرشح الأصغر سناً في انتخابات الرئاسة المصرية, وهو جديد نسبيا على الساحة, ولكنه قد يكون أحد أهم أصوات مستقبل مصر.
لمناصريه من الشباب, خالد علي يمثل المرشح الأقرب إلى ميدان التحرير والثورة.
"أعرف أن خالد لن يفوز, ولكنني أدعمه لإبقاء صوت الثورة ورسالتها حية", تقول دينا, صحافية ويسارية ناشطة ترفض التخلي عن الحلم ولكنها تعرف, كما تقول, أن طريق الثورة طويل.
الشيء ذاته ينطبق على مناصري المرشحين الناصري - الأكثر شعبية في العالم العربي - حمدين صباحي, ومرشح حزب التجمع أبو العز الحريري; يقول هؤلاء إنه ربما لا تكون فرصة لمرشحيهم; لكن من الضروري التأكيد أن برامجهم السياسية, وهي تتقاطع, لها ثقل في المجتمع المصري.
لا شك أن دخول خالد علي , محامي الفقراء كما يسميه محبوه, الانتخابات الرئاسية دليل على انقسام اليسار والقوميين وفشلهم في الاتفاق على مرشح واحد.مما شتت الأصوات - بالإضافة إلى هجرة بعض النشطاء إلى حملة المرشح الإسلامي المستقل عبد المنعم أبو الفتوح.
ولكن ذلك لم يمنع خالد علي من التجول في المحافظات, في محاولة لإقناع المصريين برؤيته التي تتكئ على الكفاح من أجل عدالة اجتماعية مفقودة وإعادة مصر إلى دورها القومي الريادي في الوطن العربي.
بعد الاعتذار من عدم تمكنه من توزيع برنامجه الانتخابي, وذلك لعدم توفر الإمكانات المالية لطباعة نسخ كافية, يعد بمواصلة النضال من أجل تحديد ورفع الأجر الأدنى للعمال والحفاظ على حقوقهم قبل أن ينتقل في شرحه إلى أن ارتباط مصر وانحيازها للقضية الفلسطينية, واحترامه لعمقها الإفريقي جنوبا, هو ضرورة للحفاظ على الأمن القومي لمصر.
لكن وبالرغم من تناغم ما يطرحه مع ثورية شباب وشابات ميدان التحرير, فإن الرؤية السياسية وحدها لا تحدد نتيجة الانتخابات.
فمنذ وصلت القاهرة, تفاجأت , كما غيري, بأن أكثر من تسألهم, ممن تصادفهم, من غير النشطاء والأصدقاء, يتحدثون عن اختيار مرشح السلطة القديمة أحمد شفيق, خاصة كل سائق تاكسي ركبت معه, أو كما هو الحال في أوساط المثقفين عمرو موسى, والأخير يحظى بكثير من تأييد الطبقات الموسرة وحتى الوسطى.
فبالرغم من فرح الناس بأنه ولأول مرة يستطيعون اختيار الرئيس الذي يريدون, استمتاعهم بفرصة مناقشة ارائهم, فإن فكرة الاستقرار والأمن هي ما يسيطر على تفكير الكثيرين.
نعم يصفون أحمد شفيق, بأنه أحد الفلول (جماعة النظام القديم), وأيضاً يصفون عمرو موسى بأنه قليل الفائدة, في إشارة إلى أدائه كأمين عام للجامعة العربية , ولكن يقولون انهما الأقدر على الحفاظ على الاستقرار في مصر, لقرب الأول من المجلس العسكري الأعلى, والثاني لتجربته الدبلوماسية التي ستجنب مصر كما يصرون أي صدامات , داخلياً وخارجياً, قد لا يقدرون على تحملها سياسياً أو اقتصادياً.
طبعاً, السبب الآخر لتأييد عمرو موسى هو كما يعتقد, الكثيرون خاصة في أوساط الطبقات الوسطى العليا اجتماعيا , بأنه قادر على مواجهة مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي والفوز عليه, فيبدو فوز الإخوان والسلفيين اللافت في مجلس الشعب قد خوَّف الكثيرين من استئثار الإخوان بالحكم في مصر.
فبغض النظر عمن سينتخب المصريون في الجولة الأولى فان عمرو موسى يبدو المرشح الأكثر حظاً في المرحلة الثانية, إلا إذا كان منافسه هو الإسلامي المستقل عبد المنعم أبو الفتوح, الذي قد يأخذ جزءا من أصوات الليبراليين لقدرته, كما يعقد بعضهم, على احتواء قيادة وقواعد التيارات الإسلامية باتجاه "الاعتدال السياسي".
المثير للانتباه في هذا الاستنتاج الذي تسمعه كثيرا في مصر, وليس فقط داخل العاصمة, أن هناك قناعة بأن الإخوان لن يفوزوا بالرئاسة لأسباب أن فوزهم في مجلس الشعب قد انعكس ضدهم, وذلك باستياء من أدائهم الضعيف وعدم تصديهم لقضايا هامة" وثانيا لأن عامل الاستقرار أصبح عاملا أهم بعد أكثر من عام على الثورة.
لكن بغض النظر عمن يفوز, على أهمية هذا الفوز, فأغلب أسباب الثورة, لم تعالج بعد: فالوضع الاقتصادي لم يتحسن, والقمع عاد على أيدي المجلس العسكري الأعلى الذي لا يصدق الكثير من المصريين بأنه سيدع أي رئيس منتخب يحكم دون أن يحاول التدخل والسيطرة, حتى لو سلم رسمياً مقاليد الحكم.
وهذا ما يفعله ويخشاه الكثيرون.
رامي حنا, شاب في التاسعة عشرة من عمره لم يختر بعد بين حمدين صباحي أو خالد علي كمرشح للرئاسة, يقول ان الانتخابات قد لا تنهي حكم العسكر وانه إذا ما تم رفع الأسعار, كما يطالب بذلك صندوق النقد الدولي, سيثور. ويضيف قائلاً: " أنا رأيت صديقي مينا دانيال ينزف قبل أن يموت على أيدي العسكر (في مذبحة ماسبيرو) , ولن نتحمل سياسات تزيدنا فقرا, وسنعود إلى ميدان التحرير ونصرخ فليسقط حكم العسكر".