مشرف ونزيل يعتديان جنسيا على طفل في دار لرعاية المتسولين !
جراءة نيوز - نادين النمري- عمان : تدفع قضية الاعتداء الجنسي على حدث يبلغ من العمر 9 سنوات في مركز رعاية وتأهيل المتسولين في مادبا، من قبل مشرف ونزيل آخر في الدار، إلى ضرورة الإسراع باتخاذ إجراءات جادة في الرقابة على مؤسسات الرعاية الاجتماعية، في ظل انعدام أرقام حقيقية حول الانتهاكات والعنف الواقع على هذه الفئة من الأطفال.
ويحقق مدعي عام مأدبا وإدارة حماية الأسرة حاليا، بشكوى تقدم بها ذوو حدث (9 سنوات)، احتجز قبل فترة في مركز متسولي مادبا، ضد مشرف ونزيل آخر، قاما بهتك عرضه أكثر من مرة، بحسب تأكيدات الناطق باسم وزارة التنمية الاجتماعية الدكتور فواز الرطروط.
ويقول الرطروط إنه "رغم أن الحادثة وقعت قبل نحو شهرين ونصف الشهر، لكن ذوي الطفل تقدموا بشكواهم أول من أمس".
ويستقبل مركز رعاية وتأهيل المتسولين في مأدبا، أحداثا تتراوح أعمارهم من 7 الى 18 عاما، في وقت قالت فيه مصادر إن "النزيل الآخر الذي اعتدى على الحدث يبلغ من العمر 14 عاما".
من جهته، انتقد خبير الأمم المتحدة في الوقاية من العنف ضد الأطفال، مستشار الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان، عدم وجود أرقام وإحصائيات حقيقية متعلقة بالعنف ضد الأطفال في مؤسسات الرعاية الاجتماعية.
ويقول جهشان لـ"الغد" إن "هذه الأرقام لا تعكس الواقع، لأن الأغلب منها يتم التعامل معه بالكتمان والإنكار، وبتشكيل لجان من المؤسسة أو الوزارة المعنية، وبالتالي لا تدخل هذه الحالات في الأرقام الإحصائية لعيادات الطب الشرعي أو إدارة حماية الأسرة".
ويضيف إن الاستمرار في عدم الإقرار بمشكلة العنف ضد أطفال المؤسسات الاجتماعية، وحلها على المستويات التشريعية والإدارية والإجرائية، يعتبر انتهاكاً صارخا لحقوق هؤلاء الأطفال المهمشين، وتمييزاً ضدهم، مؤكدا أنهم يستحقون الحماية والحياة.
وتبقى الأرقام الوحيدة المتاحة، تلك التي قدمها المركز الوطني لحقوق الإنسان، الذي كشف في تقريره الأخير حول أوضاع الأطفال المجردين من حريتهم في مؤسسات الدفاع الاجتماعي، عن تلقيه 85 شكوى من أهالي أطفال تم احتجازهم في مراكز إصلاح وتأهيل الأحداث.
وتندرج الشكاوى تحت بنود (الحق في محاكمة عادلة، إطالة أمد التقاضي، الحق في توفير خدمة التمثيل القانوني، الحق في الحرية والأمان الشخصي، الحق في الرعاية الأسرية "التواصل مع أسرهم"، والحق في التعليم، إضافة الى الحق في عدم التعرض للتعذيب وسوء المعاملة).
وبحسب تقرير صادر عن المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي حول "حماية الأطفال في مراكز الاعتقال في منطقة الشرق وشمال إفريقيا" اطلق نهاية العام الماضي، فإنه "خلال السنوات الماضية، تم رصد العديد من شكاوى العنف والإساءة بحق الأحداث المعتقلين، لكن التحقيق الحكومي في هذه القضايا بقي معلقا".
وأشار التقرير إلى شكاوى تقدم بها أهالي أطفال محتجزين في دور الأحداث، تتحدث عن إساءات جسدية ولفظية ضد أبنائهم، لكن لم تكن هناك أي نتائج للجان التحقيق الحكومي.
لكن الرطروط يلفت إلى قرار وزير التنمية الاجتماعية وجيه عزايزة، بتوسيع مهام لجنة التحقيق والتقييم في أوضاع مراكز المعوقين، بتوكيلها بعد انتهائها من مهمتها، بمواصلة جهودها للوقوف على مدى حدوث الانتهاكات والتجاوزات والإساءات في مؤسسات الرعاية الأخرى التي تشرف عليها الوزارة، المتمثلة في مراكز ودور ومؤسسات المسنين ورعاية الأطفال، ورعاية وتربية وتأهيل الأحداث، والحاضنة والوفاق الأسري.
من جهته، يشير جهشان إلى دراسة الأمين العام للأمم المتحدة المتعلقة بالعنف ضد الأطفال، والتي بينت أن الأطفال في دور الرعاية الاجتماعية في جميع دول العالم، معرضون لمدى واسع من العنف من قبل الموظفين المسؤولين عنهم، ومثل هذا العنف يشمل الإساءة اللفظية والضرب، وتقييد الحركة لفترات طويلة، والاعتداءت الجنسية.
ويبين جهشان أن "الأردن من ضمن 145 دولة تسمح بالعنف كتدابير تأديبية أو عقابية".
ويوضح أن الأردن لغاية الآن لم يحظر صراحة عقوبة الإيذاء البدني وغيرها من أشكال العقوبة أو المعاملة المهينة بنص واضح في قانون العقوبات.
وحول أسباب العنف في مؤسسات الرعاية، يقول جهشان "يحصل العنف هناك بسبب مواقف ثقافية سلبية متوارثة، قوامها أن هؤلاء الأطفال هم نتاج جماعات اجتماعية مهمشة ومعزولة ومفككة، وبالتالي فإن العقوبة البدنية هي الطريقة المثلى لضبطهم".
ويتابع أن "هذه الثقافة ما تزال شائعة في المجتمع، وبين المشرفين على هؤلاء الأطفال".
واضاف إن العوامل الأخرى المرتبطة بحصول العنف في مؤسسات الرعاية الاجتماعية تعود إلى العدد الكبير من الموظفين غير المؤهلين مهنيا، من ذوي الأجور الضئيلة، الذين ينقصهم الحافز على العمل، وعددهم عادة غير كاف للإشراف على الأطفال على مدار الساعة، ما يزيد من احتمال تعرض الأطفال للعنف والاستغلال الجنسي.
ويشير جهشان إلى اللوائح والقواعد المُنظِمة لهذه المؤسسات، كونها مغلقة أمام عمليات التفتيش والمراقبة الخارجية، وبخاصة دور الرعاية التي تديرها المؤسسات الحكومية أو التي تقع في مناطق معزولة، ويشكل ذلك عامل خطورة كبيرا لتعرض الأطفال لجميع أشكال العنف، وفي مثل هذه الظروف قد يستمر العنف سنوات عديدة إلى أن تتسبب حالة جسيمة في الكشف عنه.
ويدعو إلى أن تقوم بعمليات التفتيش والرقابة وتلقي البلاغات من أطفال المؤسسات الاجتماعية، هيئات متخصصة تتصف بالحيادية والنزاهة، وغير مرتبطة بالجهة مقدمة الخدمة أو المشرفة على المؤسسات.