مواجهة الإرهاب ليست تجارة

ما انفكينا حتى نسمع أو أن يتم دعوتنا لحضور مؤتمر أو ندوة تتحدث عن مكافحة التطرف والإرهاب ، فعلى إعتقادي لم يبقى هناك جمعية خيرية أو مركز أو منتدى أو رابطة أوتجمع أو نقابة إلا وعقدت مؤتمر لتحارب التطرف والإرهاب ، وهذا شيء جميل أن يصطف جميع أبناء الوطن ضد هذه الموجة الضارة التي تجتاح دول العالم بأسرها ، ونحن في الأردن حربنا ضد الإرهاب هي حرب علانية ونحن ضمن كل تحالف دولي يحارب هذه الظاهرة لأنها تهدد أمن وسلامة واستقرار دولة المنطقة ومنها الأردن ، ولأنها أيضا حرب تقودها جماعات متطرفة لا إنسانية ضد ديننا الإسلامي الحنيف دين السلام والتسامح والمحبة ، ولكن !!!! ليس هكذا تورد الإبل ، فمصطلح الإرهاب ليس بالمصطلح السهل والتعامل مع المتطرفين ليست رحلة ترفيهية ، وان من يريد أن يحارب التطرف والإرهاب لا بد أن يكون مؤهلا وعلى درجة عالية من الثقافة ويتمتع بالمصداقية في مجتمعه ، فلا يجوز أن كل من يريد الظهور الإجتماعي أو الإعلامي ليحصد مكاسب شخصية وخاصة في مجال تلميع نفسه لأنه يريد خوض إنتخابات ما ، أن يقوم بعقد مؤتمر لمحاربة الإرهاب لإعتقاده بأن هذه الورقة هي الرابحة والجاذبة للأنظار وخاصة أنظار الدولة في وقتنا الحالي ، ولكن هذا وضع غير صحي وقد يكون إنعكاسه سلبي على مجتمعنا الأردني ، فنحن لا نريد تسليط الضوء أكثر على مصطلح الإرهاب ليصبح دائما في أذهاننا ودائم التردد على ألستنا ليصبح بالتالي في ثقافتنا وأن تتربى الأجيال الحالية على سماع هذا المصطلح ، لنصل إلى درجة في المستقبل أن نصف أي شخص لم يعجبنا أو يغضبنا أو لم يلبي مصالحنا بالإرهابي ، وجميعنا يعلم جيدا أنه وللأسف أصبحنا نصف العديد من أبناء الوطن الشرفاء بالفاسدين تصفية للحسابات الشخصية ولإغتيال شخصياتهم وذلك بعد أن أصبح القاصي والداني ، العالم والجاهل ، والكبير والصغير يتحدث عن الفساد ، وأنا مع محاربة الفساد وإجتثاث جذوره أينما وجد ، ولكني أبدا لست مع أن يصبح الفساد ثقافة شعبية .
وللعلم فإن هناك طرق أخرى لمحاربة الإرهاب وليس فقط بعقد المؤتمرات والندوات في الفنادق الفارهة وإقامة الولائم للحضور الذين أغلبهم غير معنين في هذه الظاهرة ، منها مثلا ؛ لماذا لا يتم الذهاب إلى المناطق النائية وجيوب الفقر في وطننا الحبيب وتقديم المعونات لأهلها من مأكل أو ملبس أو مسكن ، أو ليس بتسديد الحاجات الأساسية لمحتاجها هو ضمانة بأن يبقى هذا الشخص بالمسار الصحيح وأن لا يخرج على القانون ، أو ليس بتحقيق الأمن الغذائي والإقتصادي سوف نحقق الأمن الوطني الشامل ، فبدلا من أن نصرف مبالغ طائلة على المؤتمرات لماذا لا نذهب إلى شباب الوطن في المناطق الفقيرة ونساعدهم بإقامة مشاريع تنموية صغيرة أو حتى بتأهيلهم لسوق العمل ، هذا لو كان فعلا القائمين على عقد هذه المؤتمرات يريدون المصلحة الوطنية لا الشخصية .
وأعود وأكرر ومن باب المصلحة الوطنية ؛ ليس هكذا تورد الإبل ، ونحن مع التوعية والتثقيف والإرشاد ضد التطرف والإرهاب ، ولكن من خلال أصحاب الإختصاص فهناك مديرية مواجهة التطرف التابعة لوزارة الثقافة وهنا أيضا مركز السلم المجتمعي التابع لمديرية الأمن العام وهاتين الجهتين مؤهلتين كادريا للعمل في مجال التوعية والتحصين ضد فكر التطرف والإرهاب ، فدعونا نقف إلى جانبهم ونؤازرهم وندعم المشاريع والبرامج التي ينفذوها ، فنحن على ثقة عالية بهم ، وهم على الأقل يعرفون جيدا ماذا يفعلون وعلى علم ومعرفة ودراية وخبرة كبيرة في هذا المجال ، وهم أيضا جهات رسمية ليس همها أن تلمع نفسها أو ليحقق العاملون بها مصالح شخصية ، لأن المصلحة الوطنية وأمن وسلامة الوطن هي غايتهم الحقيقة .