المقاطع ليس مجرماً

المقاطعة بتعريفها العام والمُختصر هو الفكر الراقِ لشعب حُرّ متمسك بالوطن وأمنه ومحافظاً على ديمومة إستقراره.رافضاً لقرارات الحكومة المُجحفة بحقِ جيب المواطن قبل صاحبه.ولأن الاردني يعتبر الوطن كحضن الام الذي لا غناء ولا إستغناء عنه لم يخرج للشارع, لم يُكسر, لم يحرق,لم يقتل بعضه البعض,ولم يتجاوز الخطوط الممنوعة ويحاول الإقتراب منها.كل ما قام بفعله المواطن المسكين المُتأثر بسلسلة القرارات الضريبية على بعض السلع لا سيما المحروقات بشكل يضاهي المعقول هو أنه قرر هو أيضا مقاطعة هذه الذي لا يستطيع شرائها بهذه السعرية أو حتى التأقلم مع وضعيتُها عدا عن الأهم وهو ما أراده المواطن من هذه المبادرة إيصال رسالة لصانع القرار بأن الوضع ما عاد ليُحتمل ولِمقرهُ بأن الحر لا ينام على ضيمه.

ما فعله المواطن هو ليس إجراماً كما وصفه البعض وليس خيانتاً كما قال عنه الآخر.فبالعكس أليس هذا المواطن في دولة الحرية والديمقراطية والتعبير عن الرأي بما لا يضر الوطن وأمن الوطن.أليس من حق الشعب أن يكون له موقف وكلمة ورأي بما يخص حياته وكرامته ومعيشته وهذا ما كفله الدستور.أليس من الموضوعية أن لا يكون المواطن شيطاناً أخرس صامتاً على من يأكل حقهِ ويتلاعب بمعيشته ويهينُ كرامته وأعتقد أن المقاطعة سبيلاً حضارياً للتعبير عن الرفض,لمواجهة الظلم ومجابهة شياطينه.
المجرم ليس من قاطع البيض والبطاطة مع أن طفله كان يشتهي"مفبركة بطاطة" في ذلك اليوم.وليس مجرما من سكّر جهازه الهاتفي بدلا من أن يُسكّر فمه ليعيش ذُلّه طوال حياته.ليس مجرماً من صفّ سيارته وأغلق باب المنزل عليه وعلى أطفاله الذين كانوا ينتظرون عطلّة أبيهم ليخرجوا معه في رحلة في ربوع الوطن الذي لا يكنون له في قلوبهم إلا الحب الطفولي الحقيقي وليس الحب النفاقي المُغمس بآلآف الدنانير في كل أخر شهر.
المجرم هو الذي يُضلل صاحب القرار وينقل له واقع غير الواقع.المجرم هو الذي يُكذب الحقائق ويُصدق الأباطيل لأهداف لا تخدم الدولة بأكملها.المجرم هو الذي ينافق لمصلحته على حساب الوطن ولقمة المواطن.المجرم الذي يعيش بواقع حياة غير الذي يعيشه الناس ومن ثم يخرج ليُنظر ويتهم ويطلق أحكامه على من قلوبهم عامره بحب الوطن والإنتماء له بصدق.
لكل من يصف المقاطعين بالمجرمين,لكل من يُحابي قرارات الحكومة ويقفُ معها ضد الفقير في وطني...تذكر أن لا هاني الملقي ولا ملحس ولا حكومات الدُنيا بأكملها ستقف في وجه العذاب يوم الحساب لتقولَ لرب البشرية"إنتظر هذا كان يقف بجانبي عندما كنت أجورُ على عبادك في أرضِك وأظلمهم.
لأن تلك النوعيات والشكليات التي تتحكم بنا اليوم....رح تكون صآفه ع الدور لتلحقون ببعضكم البعض إلى حيث المصير الذي تستحقون.