أفرغ طلقات المسدس في جسد شقيقته لـ "تطهير شرفه" .. فاكتشف اصابتها بورم سرطاني !

جراءة نيوز – عمان – أشرف الراعي : دون أن يكترث لتوسلاتها، أفرغ الشقيق الأكبر لسارة، ذات الأربعة عشر ربيعا، طلقات مسدسه في جسدها الغض، وبطنها المنتفخ، وكل ذلك بـ "حجة تطهير شرف العائلة".

يومها، قطعت تلك الفتاة، يومها الدراسي مع بداية الحصة الأولى، عائدة إلى منزلها تشكو آلماً في منطقة البطن تكاد تقتلها وهي تستنجد بأعلى صوتها، بأمها وأخيها لنقلها إلى المستشفى.

لكن سوء النوايا سيطرت على هذا الشقيق، الذي لاحظ انتفاخا لدى شقيقته في منطقة البطن، فما كان منه إلا أن "أوقع جريمته في شقيقته البريئة" التي تبين أنها كانت تعاني من ورم سرطاني، فيما تضرجت سارة بدمائها، وفي عينيها ألمان؛ ألم البطن، وألم الأخ الذي قتلها!

أراد هذا الشقيق أن يكون "حاميا" لشرف العائلة، دون أن يلتفت إلى أن الضحية، التي قتلها بدم بارد، هي "شقيقته التي يعرف أخلاقها، وترتبيتها الحسنه".

الأرقام الرسمية تشير إلى أن عدد ما يسمى بجرائم الشرف تتفاوت من عام إلى آخر؛ ففي عام 1997 بلغ عددها 25 جريمة، بينما وصل مؤشرها العام الماضي إلى نحو 20 جريمة، وهو ما يرى اختصاصيون أنه "عدد كبير في مجتمع محافظ".

مرتكبوا هذه الجرائم، يدّعون أن هذا القتل بحجة الحفاظ على الشرف أو لغسل العار، في وقت يقول فيه اختصاصيون أن هذه الجرائم عندما تقع "لا تتعلق بالشرف لا من قريب ولا من بعيد".

وعند قرار الفصل في القضاء يتبين أن الفتاة قتلت بيد أقرب الناس لها،   لأسباب تكون عادة لعدم رضا الفتاة بالزواج من رجل كبير في السن يرغب الأهل تزويجها له، أو لأنها أحبت شاباً، أولمجرد أنها شوهدت مع شاب في مكان عام، أو حتى لحرمانها من ميراثها الشرعي فتكون "النتيجة إنهاء حياتها".

تقول المحامية زهرة الشرباتي إن "القانون ينظر للقاتل لحظة رؤيته للموقف غير المقبول اجتماعيا وحجم سيطرته على أعصابه وسلوكه كشخص طبيعي".

وتضيف أنه إذا ارتكب المجرم الجريمة لحظة ثورة الغضب فإن ذلك يعتبر عذراً، مخففا له عند إصدار الحكم بحسب المادة 98 من قانون العقوبات، وبهذا تتحول العقوبة من جناية إلى جنحة، تكون عقوبتها الحبس مدة ثلاث سنوات فأقل.

وتشير الشرباتي إلى أن القضاء الأردني "لا يستهين بالتعامل مع مثل هذا النوع من القضايا"، ما يستدعي وجود دقة في البحث، والتحري، وإصدار الأحكام، لأن جريمة القتل بداعي الشرف يتم التعامل معها مثل أي جريمة قتل أخرى.

وأوضحت الشرباتي أن أغلب مرتكبي جرائم الشرف هم من الأخوة، بينما من النادر أن يكون القاتل هو الأب.

كما أن الأزواج لا يرتكبون هذا النوع من الجرائم لأنهم لا يعتبروا أن العار يلحق بهم مثلما يلحق إخوة المرأة، حسب الشرباتي التي أرجعت ذلك إلى أن أسباب إلى أنها "موروث اجتماعي لدى الناس".

ووفق الشرباتي، فإن أغلب مرتكبي جرائم القتل بداعي الشرف هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 30 عاماً.

وتمنت أن يكون في مناهج التربية والتعليم اهتماما أكبر في قضايا المرأة، لتعليم الشباب كيفية مواجهة المشاكل الاجتماعية في حياتهم، بالتعاون مع رجال الدين.

من جانبه، يقول رئيس المركز الوطني للطب الشرعي "يجب أن ننزع ثوب الشرف عن جرائم ترتكب بدافع الشرف، حسب ما يدعي مرتكبيها"، لافتا إلى أن المركز الوطني للطب الشرعي يستقبل سنوياً 14 إلى  18 حالة وفاة نتيجة هذه الجرائم التي ترتكب بداعي الشرف.

ويزيد أنه من المهم أن نشير إلى أهمية الأرقام ليست بقدر أهمية الظاهرة، ولو وجدت حالة واحدة لا بد من المجتمع أن يراجع ذلك.

ويوضح أن أغلب الإناث اللواتي قتلنّ بداعي الشرف، ثبت بعد التشريح وبعد فحص العذرية سلامة غشاء البكارة عندهن، فيما تعرضت أجسادهن لأكثر من 50 طعنة وتحطيم للعظام.

ويضيف أن القاتل قد يكون ضحية إرث اجتماعي، ولكن من المهم أن هذا لا يمثل دعوى للانفلات الأخلاقي، ولابد من الدعوى إلى المنظومة الدينية والأخلاقية.

إلى ذلك، يعلق أحد القضاة العشائريين بركات الزهير"لا يوجد في القضاء العشائري ما يسمى بجرائم الشرف، وإنما كان هناك ما يسمى بالخطف، وهو أن يخطف الشاب الفتاة بشرف ويدخل على أحد الشيوخ دون أن يمسها، ومن تتم المفاوضات مع الأهل لتزويجهم".

ويضيف، أن المجتمعات العشائرية منذ القدم تحترم المرأة، مدللا على ذلك بأن المجتمعات العشائرية تطلق المرأة التي تستقبل الضيوف في البيت (أخت رجال).

ويوضح الزهير أن المتابع للتقارير الطبية في الطب الشرعي يجد أن الكثير من الفتيات اللواتي قتلن بحجة ما يسمى بجرائم الشرف "ثبتت عذريتهن".

المحامي والخبير في شؤون المرأة الدكتور عاكف المعايطة يعتبر القانون "قاصرا في الحد من ما يسمى بجرائم الشرف، رغم التعديل الذي تم على المادة 340 من قانون العقوبات، التي كانت "تعفي الجاني من العقوبة، إذا ما شاهد زوجته أو إحدى محارمه في حالة زنا وقتلها، فيما لا تمنح هذا الحق للمرأة".

ووفق المعايطة، فإن السلاح الأول "كان مفيدا" وهو تعريف المجتمع بقصور القانون في هذه الناحية وكل ما يتعلق بها، فيما كان الثاني "سلبياً"؛ إذ استخدمه بعض الذي ارتكبوا جريمة القتل تحت غطاء الشرف لمعرفتهم بأن الحد الأدنى للعقوبة ستة أشهر والحد الأعلى لها سنة واحدة.

في السياق ذاته، يؤكد الاستشاري في القضايا الاجتماعية الدكتور فيصل غرايبة، "إن القتل العمد من قبل إنسان تجاه إنسان ، أمر مستنكر دينيا و قانونيا واجتماعيا".

ويعزز ذلك "النزعة السلطوية عند الذكور على الإناث"، التي ما تزال قائمة و جارية في المجتمع العربي ذي السمة القبائلية والعشائرية"، حسب الغرايبة الذي قال إن هذه النزعة أدت إلى اعتبار المجتمع العربي مجتمعا ذكوريا يسيطر الذكر فيه على أسرته، ويتخذ القرارات بشأنها و باسمها.

وبين أن النظرة إلى الشرف أصبحت من منظور النظرة إلى الأنثى، فهي تجلب العار في تصرفاتها، مثل خروجها في الشارع أو تطلعها من نافذة أو صعودها في حافلة أو دخولها لمحل تجاري.

لذلك سمح الأب لنفسه ولابنه أن يراقب تصرفات ابنته، داخل البيت و خارجه، بينما لا يفعل الشيء ذاته تجاه ابنه الذكر.

ويوضح أنه ونتيجة لكل هذه الممارسات التي تعلي من شأن الابن وتخفض من شأن الابنة، يستمرئ الذكور من الأجيال المتعاقبة التقليل من شأن الأنثى ولا تحركه تجاهه إلا الغريزة.

ولذلك لا يكون من المستغرب أن يقتل الشقيق شقيقته بحجة الشرف، وربما يكون ادعائه كاذبا وراءه نية الاستفراد بملكية الأسرة وأموالها جشعا وطمعا، أو الاعتداء الجنسي على المحارم بحجة فقد الأعصاب أو الخبل ، أو حتى قتل الأم بقصد السطو على مال مدخر لديها.

ووسط هذه الدعوات إلى الاحتكام إلى القانون بدلا من العنف وارتكاب هكذا نوع من الجرائم، التي تتزايد حديتها في مجتمع "محافظ ومتنوع" في آن واحد، ترتفع "خطورة الآثار السلبية لهذه الجرائم"، وتنعكس سلبا على صورة المملكة في الخارج، على ما يؤكد خبراء.