اجمع يا شيخ

من أفضل الطرق المستخدمة في الهروب من إجابة سؤال لا تعرف إجابته ، هو إما أن تعطي مثالاً مشابهً للسؤال ،وإما أن تكون الإجابة بطرح سؤال مقابل.....
في السابق  وَجّه أحد الشباب سؤال (لم أكن أعرف الإجابة وقتها) ..حيث قال الشاب:صحيح أن البترول يُستخرج من باطن الأرض ، طيب كيف بصير من نفس البترول بنزين خمس وتسعين،وبنزين تسعين، وكاز ،وديزل ؟ قلت للشاب :طيب أسمع نحن لما نحلب البقرة أو الماعز مش بطلع حليب ،شلون بصير عندك لبن جامد ولبن خاثر وجبنه وزبده وشنينه وجميد ،والبترول نفس الشيء ....والله الشاب أقتنع بحكّيّي، وقال: والله إنك صادق...
ثم قال الشاب (وهو شاب متدين وملتزم بالصلاة): أنا لما أفتح حنفية الماء الساخن للوضوء بالشتوية،يصل الماء الساخن فقط للقدم اليسرى أما الباقي فيكون بالماء البارد ، فقلت له: أنتظر حتى يخرج الماء الساخن وبعدين بلّش بالوضوء، فقال الشاب: ما بصير لأنه أحد الشيوخ قال : هذا الشيء فيه إسراف بالماء وحرام ..، فقلت للشاب: طيب ما أعطاك الشيخ حل كيف تتوضأ بماء ساخنة. قال الشاب :لا والله ...فقلت له: أول ما تفتح الحنفية صب الماء البارد بدلو حتى تطلع الساخنة وأتوضأ ، ومشان ما يصير إسراف بالماء (على رأي الشيخ) استعمل الماء اللي بالدلو لشطف وتنظيف العريشة وساحة الدار...فالشاب بعد ما عضّ على سنانه قال : لعاد صار لي عشر سنين بتوضأ بمي باردة بالشتوية من ورا فتوة الشيخ....
فهذا ما يصيبنا من بعض المشايخ وغير المشايخ الذين يصدرون الفتاوى عن غير علم ولا معرفة، وما أسرعهم بإصدار الفتاوى (قبل ما تخلص السؤال بكون مصدر فتوى) ويحاولوا التشدد في الفتوى ويحسب أنه كلما تشدد فيها كان أقرب للصحيح.....
ويضع بعض المصلين ملاحظاتهم على بعض أئمة المساجد الذين لا يقومون بالجمع بين الصلوات في البرد والمطر ، فيقول أحد المصلين ندخل على المسجد بصلاة المغرب والجو شديد البرودة (بقص المسمار) والشتاء نازل ( كب من الرب) وتجد الأمام معصب وذارب عقدة (ما بضحك للرغيف الساخن ) مشان ما حدا من المصلين يطلب منه يجمع مع العشاء ...وينوي الشيخ للصلاة دون جمع بحجة أنه متشدّد للدين ، وبتلاقي الأمام شاب ساكن بسكن المسجد أو بتسوية المسجد ، يعني بقيس وضع الجمع على عمره وموقعه ولا يأخذ اعتباراً لكبار السن والناس القادمة من بيوتها البعيدة، لكن بالمقابل هناك مصلين بدهم الإمام يجمع على نسمة الهواء والرطوبة ....
فنقول أن الدين يسر وليس عسر ولا يوجد فيه أي شِدّة ،فإذا وجدت رخصة الجمع لمن يعرفها فلا داعي للتشدد ، فإن الله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه....ولا نتعجل بإصدار الفتاوى دون علم ومعرفة ولنعود إلى أصحاب الاختصاص بالفتاوى الشرعية ،فربما تحمل وزر من عمل بفتواك الخاطئة ليوم الدين ... مثل ذاك الشاب الذي مضى عشر سنوات وهو يتوضأ بماء بارد بالشتوية.