وزير المالية: تخفيض عجز الموازنة والمديونية سيكون تدريجياً
تاليا نص رد الحكومة على ملاحظات الاعيان خلال مناقشة مشروعي قانوني الموازنة وتاليا والقاه وزير المالية عمر ملحس :
ارجو أن أتقدم بالشكر والتقدير لرئيس واعضاء اللجنة المالية والاقتصادية الموقرة على تقريرها الذي اتسم بالشمول والتشخيص الموضوعي والتحليل المعمق لمختلف القضايا والتحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني والمالية العامة، اضافة الى المقترحات والتوصيات الشاملة والبناءة التي ستسهم في تعزيز مسار الاقتصاد الاردني في مختلف المجالات.
ويسرني ان اتقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى جميع الأعيان المحترمين على مداخلاتهم الهامة وآرائهم القيمة حول مشروع قانون الموازنة العامة ومشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية لعام 2017 وما تضمنته من افكار ومقترحات لتصويب الاختلالات والتحديات وبما يفضي الى تعزيز مسيرتنا التنموية في مختلف القطاعات.
واذ تقدر الحكومة ما ذهبت اليه اللجنة الموقرة في تقريرها باعتبار مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2017 منضبطاً وتنموياً، لتؤكد لمجلسكم الموقر ان الحكومة ستواصل العمل على ضبط النفقات الجارية للوزارات والدوائر والوحدات الحكومية ولاسيما النفقات التشغيلية بما في ذلك بنود الكهرباء والمحروقات والماء وبند السفر وعدم شراء السيارات والاثاث خلال عام 2017 وسحب السيارات الحكومية من الموظفين الذين لا تتطلب اعمالهم التنقل الدائم، اضافة الى اتخاذ الاجراءات اللازمة لضبط الرواتب العالية في الجهاز المدني ومكافآت مجالس الادارة والتمثيل الحكومي فيها.
اما على صعيد النفقات الرأسمالية، فستقوم الحكومة بالإضافة الى تنفيذ المشاريع الرأسمالية الواردة في مشروع موازنة عام 2017 بتنفيذ المشاريع الرأسمالية في مجال البنية التحتية والاستثمار من خلال تفعيل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص واستخدام آلية التمويل التأجيري المنتهي بالتمليك.
كما ارجو ان ابين أن الحكومة تتفق تماماً مع ما جاء في تقرير اللجنة المالية والاقتصادية من حيث اهمية ايصال كل اشكال الدعم الى المستحقين وتغيير سياسات الدعم وخاصة معالجة ملف دعم المواد التموينية من خلال اعادة توجيه الدعم للمواطنين المستحقين وليس دعم السلع والخدمات للجميع بما فيهم غير الاردنيين وتعزيز شبكة الامان الاجتماعي بما يضمن وقف الهدر وايصال الدعم الى مستحقيه من المواطنين.
وفيما يتعلق بتوصية اللجنة بأهمية دراسة الاثر الاقتصادي للمشاريع الرأسمالية وتوجيه المخصصات المالية للمشاريع الرأسمالية ذات الأولوية، فأرجو ان اؤكد ان الحكومة تحرص على زيادة كفاءة الاستثمار العام والتوظيف الأمثل للموارد المالية المتاحة وتطوير آليات إدارة وتوجيه الموارد المالية للمشاريع الرأسمالية ذات الاولوية من خلال انشاء وحدة ادارة الاستثمارات العامة والتي تتولى ادارتها كل من وزارة التخطيط والتعاون الدولي ووزارة المالية ودائرة الموازنة العامة بهدف دراسة جدوى المشاريع واثارها الاقتصادية والاجتماعية وصولاً الى تحديد المشاريع ذات الاولوية ليصار الى تضمينها في قانوني الموازنة العامة وموازنات الوحدات الحكومية. وضمن هذا السياق، اؤكد ان البعد التنموي للنفقات الرأسمالية لا يقتصر على المشاريع الجديدة التي سيبدأ تنفيذها في عام 2017 بل تشمل المشاريع المستمرة وقيد التنفيذ كونها نفقات جديدة مقارنة بما تم انفاقه على المشاريع في السنوات السابقة.
وبخصوص التهرب الضريبي وضعف التحصيل الضريبي والمستحقات المالية للخزينة العامة واثرها السلبي على الايرادات، فإن الحكومة تتفق مع اللجنة الموقرة بأن موضوع التهرب الضريبي يجب معالجته بشكل جذري، وستقوم الحكومة بتغليظ العقوبات على التهرب الضريبي من خلال القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل، وتطبيق الإجراءات القانونية للتحصيل والبيع للأموال التي يتم حجزها على المكلفين المتخلفين عن تسديد الضرائب والاموال العامة المستحقة عليهم للخزينة في المزاد العلني، اضافة الى توفير الحوافز لمضاعفة الجهود التحصيلية ورفع القدرات المؤسسية لمديرية مكافحة التهرب الضريبي في دائرتي الجمارك وضريبة الدخل والمبيعات.
وفيما يخص دعم القطاع الزراعي، فإن الحكومة ستعمل على توحيد رسوم تصاريح العمل للعمالة الوافدة لمنع تسربها من القطاع الزراعي إلى القطاعات الأخرى وتخصيص جزء من هذه الرسوم لمؤسسة الاقراض الزراعي بحيث تدعم المزارعين من خلال تخفيض الفوائد على قروضهم. اضافة الى ذلك فإن مؤسسة الاقراض الزراعي ستقوم بدعم قروض مشروع الزراعات المحمية والمروية ومشروع دعم الاعلاف لمربي الثروة الحيوانية حيث ستتحمل الحكومة تكاليف اسعار الفوائد المترتبة على هذين المشروعين بقيمة 2.2 مليون دينار، كما فعلت وزارة الزراعة دور صندوق المخاطر الزراعية لدعم المزارعين حيث بدأت بحصر المساحات التي تعرضت للصقيع في وادي الاردن مؤخراً تمهيداً لدفع التعويضات المناسبة لهم.
وبخصوص توصية اللجنة باتخاذ الاجراءات الكفيلة بايجاد الحلول العملية لمشاكل قطاع النقل، أرجو ان اؤكد ان وزارة النقل ستقوم بتطبيق استراتيجية تطوير النقل العام الهادفة الى توفير منظومة متكاملة للنقل العام تتميز بخدمات سهلة تحفز على استخدام وسائل النقل العام وذلك من خلال تطوير البنية التحتية والتنظيمية والتشريعية لقطاع النقل. وقد بدأت بتنفيذ ذلك في مدينة اربد كمشروع ريادي سيتم تطبيقه لاحقاً على المدن الرئيسية الاخرى وذلك بهدف توفير خدمة نقل عام فعالة وآمنة والحد من الازدحامات المرورية.
وفيما يتعلق بملاحظة اللجنة الموقرة حول صعوبة تحقيق نمو الايرادات المحلية بنسبة 16%، فأرجو الاشارة الى ان نمو الإيرادات المحلية بأكثر من نسبة النمو الاقتصادي المتوقع بالأسعار الجارية لعام 2017 والبالغة 7ر5 % يعود بصورة رئيسية الى الاجراءات المالية التي اتخذتها الحكومة في منتصف عام 2016 والتي سينعكس اثرها بالكامل في عام 2017، اضافة الى حصيلة الاجراءات الضريبية والجمركية الاصلاحية والمقدرة بنحو 450 مليون دينار. وضمن هذا الاطار ارجو ان اؤكد لمجلسكم الكريم بأن اي اجراءات ستعمد الحكومة الى اتخاذها لزيادة الايرادات بما في ذلك برنامج اصلاح اعفاءات الضريبة العامة على المبيعات لن تؤثر سلباً على ذوي الدخل المحدود والمتوسط المتدني.
وبخصوص توصية اللجنة الموقرة بالمراقبة الدقيقة والحثيثة لأرقام الموازنة اولاً بأول ولضمان تحقيق العجز المستهدف وزيادة الاعتماد على الذات، فإن الحكومة ستواصل جهودها الرامية الى تطبيق برنامج الاصلاح المالي والهيكلي الهادف الى تخفيض عجز الموازنة والمديونية الى مستويات آمنة بشكل تدريجي وصولاً الى تعزيز الاستقرار المالي والنقدي. وهذا ما يؤكده مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2017، حيث تم تقدير عجز الموازنة بعد المنح الخارجية بما نسبته 8ر2 % من الناتج المحلي الاجمالي مقابل 4% من الناتج المحلي في عــام 2016.
وفيما يتعلق بتوصية اللجنة المالية والاقتصادية بالتركيز على خطة تنمية المحافظات وتفعيل ادارة صندوق تنمية المحافظات، تجدر الاشارة الى ان الحكومة حرصت على توسيع مشاركة المجتمعات المحلية في تحديد الاحتياجات والاولويات التنموية للمحافظات وبما يساعد على توزيع منافع التنمية على كل محافظات المملكة من خلال اعداد البرامج التنموية للمحافظات وتعزيز دور صندوق تنمية المحافظات في تمويل المشاريع الإنتاجية الريادية التي توفر فرص عمل جديدة وبشكل مستدام وذلك تمهيداً للبدء بتطبيق نهج اللامركزية. كما حرصت الحكومة على توفير التمويل للمشاريع ذات الاولوية في المحافظات تعزيزا لدورها في تحقيق التنمية وبما يساعدها على بناء قدراتها في مجال اعداد الموازنات عند البدء بتطبيق نهج اللامركزية. وقد اظهر التوزيع الجغرافي للنفقات الرأسمالية للحكومة المركزية والوحدات الحكومية في عام 2017 والبالغة قيمتها نحو 9ر1 مليار دينار بان حصة المحافظات بلغت 1214 مليون دينار أو ما نسبته 63 % من اجمالي النفقات الرأسمالية، في حين بلغت قيمة المشاريع الرأسمالية التي ستنفذ على المستوى الوطني نحو 725 مليون دينار أو ما نسبته 37 %.
واما بخصوص توصية اللجنة بقيام الحكومة بوضع الخطط والبرامج اللازمة لتنفيذ استراتيجية ترويج الاستثمار باعتباره المحرك الاساسي للنمو الاقتصادي، اقرت الحكومة استراتيجية ترويج الاستثمار للأعوام 2017-2019 والتي تهدف إلى جذب وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، وتقديم التسهيلات للمستثمرين، والتواصل معهم وتعريفهم بالفرص المتاحة بالتعاون مع سفارات المملكة في الخارج، كما اطلقت هيئة الاستثمار خدمات النافذة الاستثمارية الإلكترونية التي تمنح الفرصة للمستثمرين من التقدم والحصول على الخدمات التي تقدمها الهيئة الكترونياً. هذا بالإضافة الى انه يجري العمل حالياً على اعداد الخارطة الاستثمارية لمحافظات المملكة لتحديد المزايا والفرص الاستثمارية المتوفرة بكل محافظة ليتم الترويج لهذه الفرص وصولاً الى توزيع مكاسب التنمية على محافظات المملكة.
وفيما يخص التوصية المتعلقة بقيام البنك المركزي بوضع برامج وآليات لإعادة تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، تجدر الاشارة الى انه يوجد لدى البنك المركزي برنامج يُقدّم تمويل موجه للبنوك لتقوم بدورها بإعادة اقراضه لقطاعات الصناعة المحلية والسياحة والطاقة المتجددة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات بما فيها الشركات الصغيرة والمتوسطة بأسعار فائدة تشجيعية منخفضة ولآجال تتواءم مع الاحتياجات التمويلية. وبهدف توفير مصادر تمويل اضافية لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة فقد تم الحصول على قروض ميسرة من جهات دولية واقليمية بقيمة 440 مليون دولار تقريباً استفاد منها حتى الآن ما يزيد على 11 الف مشروع اكثر من 60 % منها خارج العاصمة وبقيمة وصلت الى نحو 220 مليون دولار حتى الآن.
وفيما يتعلق بضبط التعيينات في الوحدات الحكومية المستقلة من خارج ديوان الخدمة المدنية وزيادة الانتاجية، فأؤكد ان التعيينات في جميع الوزارات والدوائر والوحدات الحكومية تتم وفقاً لنظام الخدمة المدنية والتعليمات الصادرة بموجبه والمتعلقة باختيار وتعيين الموظفين في الوظائف الحكومية. ومن الجدير بالذكر في هذا المجال ان مجلس الوزراء قام اخيرا بتعديل نظام الخدمة المدنية بهدف رفع كفاءة العمل في دوائر الخدمة المدنية ورفع سوية اداء الموظفين وبما يسهم في تحسين مستوى الخدمات الحكومية المقدم للمواطنين. هذا وستستمر الحكومة بعملية التحول الالكتروني لرفع كفاءة وانتاجية الجهاز الحكومي وتقليل البيروقراطية ورفع مستوى بيئة الاعمال.
أرجو أن اعبر عن تقدير الحكومة لإدراك مجلسكم الكريم لطبيعة وحجم الصعوبات التي تواجه الاقتصاد الوطني والمالية العامة، والمسؤوليات والتحديات التي تواجه الحكومة في هذه المرحلة، وأؤكد لمجلسكم الكريم بأن الحكومة لن تتوانى او تتراجع عن نهج الشفافية والافصاح والمشاركة مع مجلسكم الموقر في اتخاذ القرارات.
كما ارجو ان اشير الى ان الحكومة تولي الاجهزة العسكرية والامنية الاهتمام والرعاية والاولوية في الانفاق كونها تشكل الركيزة الاساسية للاستقرار الاقتصادي والمالي، وتقوم بكل كفاءة واقتدار بحماية الوطن من اي مخاطر محتملة في ظل الوضع الاقليمي المتوتر. و رصدت الحكومة المخصصات المالية اللازمة للقوات المسلحة والاجهزة الامنية في مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2017.
وأود ان اؤكد لمجلسكم الكريم أن جميع التوصيات والافكار القيمة الواردة في تقرير اللجنة المالية والاقتصادية وملاحظات وتوصيات الأعيان المحترمين ستبقى محل اهتمام وتقدير الحكومة وستبذل كل ما بوسعها لمتابعة تنفيذ الممكن منها. وستتم مخاطبة جميع الوزارات والدوائر والوحدات الحكومية المعنية بتنفيذها ليصار الى اعداد تقرير شامل ومفصل حول ما تم اتخاذه من اجراءات وتدابير تجاه هذه التوصيات والمقترحات وتزويد مجلسكم الموقر واللجنة المالية بنسخة من هذا التقرير.
وختاماً أكرر شكري وتقديري لمجلسكم الموقر سائلاً المولى عز وجل ان يلهمنا العزيمة والارادة لخدمة وطننا الغالي وتجسيد تطلعات وتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني في تحقيق التقدم والتطور والازدهار الذي يوفر الحياة الكريمة للمواطنين.