اقتصاديون: فرص العمل المستحدثة في الاقتصاد خلال 2015 غير كافية
رغم تشكيك العديد من الخبراء والاقتصاديين بنتائج مسح فرص العمل المستحدثة لعام 20155 الصادرة أخيرا عن دائرة الاحصاءات العامة، إلا أنهم يرون أنه وبافتراض صدقيتها فإنها "غير كافية وبعيدة عن معالجة مشكلة البطالة"، التي قدرت أخيرا بحوالي 15.8 %.
وأشار الخبراء إلى أن المؤشرات والظروف الاقتصادية والإقليمية لا تنسجم مع ما يتم الإعلان عنه، مؤكدين على ضرورة تفعيل سياسات من شأنها أن تزيد من النمو الاقتصادي، خصوصا فيما يتعلق بتحفيز وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي.
وكانت الاحصاءات العامة أعلنت نتائج مسح فرص العمل المستحدثة السنوي 2015، وهو مسح متخصص لتقدير حجم التشغيل وفرص العمل المستحدثة التي يستحدثها الاقتصاد الأردني، حيث أشار المسح إلى أن صافي فرص العمل المستحدثة خلال عام 2015 بلغ حوالي 48.1 ألف فرصة عمل؛ إذ بلغ عدد الوظائف الجديدة حوالي 77 ألف وظيفة، فيما كان عدد الوظائف المفقودة حوالي 29 ألف وظيفة.
وكان المسح كشف تراجعا في عدد الفرص المستحدثة خلال الـ 2015 مقارنة بالعام الذي سبقه 2014؛ حيث أشار الى تراجع هذا العدد بحوالي 5.2 ألف فرصة عمل، حيث بلغ في 2014 53.3 ألف فرصة عمل تم استحداثها مقارنة بـ48.1 ألف فرصة عمل.
كما كشف المسح أن أكثر من نصف صافي الوظائف المستحدثة (حوالي 27 ألف فرصة عمل) أوجدها القطاع الخاص المنظم، وحوالي 26% استحدثها القطاع الحكومي أي (12.500 ألف فرصة عمل).
على أنه وخلال الأعوام التسعة الماضية، أشار المسح الى انخفاض صافي فرص العمل المستحدثة في القطاع الخاص خلال عام 2015 مقارنة مع الأعوام السابقة 2007. ويلاحظ أيضاً ارتفاع صافي فرص العمل المستحدثة في القطاع العام في عام 2015 مقارنة مع الأعوام السابقة.
وزير تطوير القطاع العام سابقا، الدكتور ماهر المدادحة، أشار الى أنّ هذا العدد من الفرص المستحدثة "وإن صح" فهو "غير كاف"، خصوصا أن حجم الداخلين الى سوق العمل سنويا يتراوح بين 70 إلى 80 ألف فرصة عمل.
وأضاف: طالما أن نسب النمو الاقتصادي أقل من 7% فلن يكون هناك علاج لمشكلة البطالة، مؤكدا ضرورة تحرير القطاعات المختلفة لزيادة مساهمتها في الاقتصاد، وتقليص دور القطاع العام فيه، وتفعيل دور القطاع الخاص، وعدم مزاحمته وإعطائه لا حوافز اللازمة.
كما أكد ضرورة إنشاء مشاريع جديدة وإزالة معوقات الاستثمار، داعيا إلى ضرورة البحث عن أسواق جديدة غير تلك التي أغلقت في وجه الصادرات بسبب أحداث الإقليم.
وشدد على ضرورة "تفعيل ادارة الاقتصاد الوطني" من خلال خلق حلول وعدم الوقوف مكتوفي الأيدي في مواجهة انعكاسات الأحداث المحيطة على الأردن.
الخبير الاقتصادي، زيان زوانة، أشار الى أنّ الظروف والمؤشرات الاقتصادية بشكل عام لا تنسجم مع ما يتم إعلانه، حيث أنّ هناك تراجعا تدريجيا في أرقام النمو الاقتصادي والذي يرتبط عادة بقدرة الاقتصاد على خلق فرص عمل.
وأضاف زوانة بأنّ هناك تراجعا في الصادرات بسبب انغلاق الأسواق وتراجع في كثير من القطاعات التي تأثرت بالأحداث الاقليمية المحيطة.
وأضاف بأنّ هناك أعدادا لا بأس بها من العاملين في الخليج، وخصوصا السعودية ممن باتوا يواجهون مشكلة في الاستمرار في العمل هناك مع تزايد الضغوط عليهم في تراجع للاقتصادات الخليجية بشكل عام.
وزاد زوانة بأنّ رفع قسط اشتراك الضمان الاجتماعي الى نسبة 21.75 % يعتبر نسبة كبيرة غير مشجعة على التوظيف.
الخبير الاقتصادي، الدكتور مازن مرجي، أشار الى أنّ أرقام فرص العمل المستحدثة "لا تكفي" لمعالجة مشكلة البطالة، خصوصا أنّ هناك ما بين 70 الى 80 الف طالب للعمل يدخل الى سوق العمل سنويا، فيما تُخلق بين 40 الى 45 ألف فرصة سنويا، ويخرج من السوق ما بين 14 الى 15 ألف فرص العمل ليبقى 35 ألف فرصة عمل فقط مستحدثة.
ويرى مرجي بأنّ ما تم خلقه من فرص عمل غير كاف ولا يتجاوز الـ55 % من الحاجة الحقيقية للوظائف.
ويؤكد مرجي ضرورة تحفيز الاقتصاد لمعالجة مشكلة البطالة، وذلك من خلال اتخاذ سياسات عكس المتخذة حاليا والمبنية على رفع الضرائب والرسوم.
كما دعا الى ضرورة التركيز على جذب الاستثمارات الأجنبية وتحفيز الاستثمار المحلي والعربي الحقيقي من خلال زيادة الجهود في ترويج الاستثمار.
وأكد على ضرورة استغلال اتفاقية التجارة الحرة واستغلال اتفاق الأردن مع أوروبا حول تخفيض شروط شهادات المنشأ مقابل توظيف 200 ألف سوري، مع ضرورة الضغط على الدول المانحة للتركيز على ال وليس القروض في هذا الجانب بما يشجع استحداث فرص عمل للسوريين.
وشدد على ضرورة ايجاد شبكة أمان اجتماعي حقيقية لحماية المتعطلين من خلال تفعيل التأمين ضد البطالة.
أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك، الدكتور قاسم الحموري، شكك بالرقم المعلن، وأشار إلى أنّ ما تمّ الاعلان عنه من فرص للعمل تم استحداثها، و"إن صحت الأرقام"، لن يكفي لتلبية حاجة طالبي الوظائف.
وأشار إلى أن المخرج هو بالاستثمار والتركيز على الاستثمارات المحلية وتثبيتها وزيادة الحوافز له.
وأضاف الحموري إلى أنّ هناك إشارة في المسح إلى استمرار التوجه بـ "الدولة الريعية"؛ حيث يشير المسح الى انخفاض صافي فرص العمل المستحدثة في القطاع الخاص خلال عام 2015 مقارنة مع الأعوام السابقة 2007، وارتفاع صافي فرص العمل المستحدثة في القطاع العام مقارنة مع الأعوام السابقة وان كان القطاع الخاص أعلى، ما يعني بأنّ السياسات الحكومية التي تذهب في سياق تخفيض الوظائف في القطاع العام "فشلت".