كيف تنتحر إسرائيل؟

 

ضعف الإغراء عند اليهود بأن إسرائيل هي الوطن القومي ليهود العالم. ولاول مرة منذ أربع سنين انخفض عدد المستجلبين من «المستوطنين الجدد» الى اسرائيل. وحسب معطيات وزارة الاستيعاب، فإنه في 2011 تم جلب (18.968) مهاجرا و»مستوطنا» جديدا الى اسرائيل، مقابل (19.231) في 2010.

يخلص كتاب جديد لباحثين غربيين إلى أن مستقبل إسرائيل على المدى القريب والمتوسط موضع شك، وأن وجود إسرائيل ككيان سياسي أو كـ «دولة وطنية» غير مضمون بعد 10- 20 عاما بسبب جملة عوامل داخلية وخارجية. ويستعرض كتاب «إسرائيل مستقبل في موضع الشك» للباحثين البلجيكيين المختصين بالشؤون الإسرائيلية (ريشار لاوب) و(أوليفيا بركوفيتش) الأسباب والعوامل التي قادت إلى هذا الاستنتاج. وبحسب الكاتبين فإن «وجود إسرائيل في الشرق الأوسط مهدد بالزوال إذا لم يُحسن قادتها التعامل مع العوامل الخارجية والداخلية التي تحدد مستقبلها وتؤثر على وجودها»، ويعدد (لاوب) و(بركوفيتش) ثمانية عوامل تؤثر على وجود إسرائيل مستقبلا، ويخصصان فصلا لكل واحد منها أهمها: (1) تنامي العداء للـ»سامية» والصهيونية له تأثير على وجود إسرائيل، (2) صعود القوى الإسلامية في دول الجوار التي تنظر إلى إسرائيل كـ «امتداد للإمبريالية الغربية البشعة ووليدة لها»، (3) التغييرات داخل الدول المعادية لإسرائيل واستمرار حالة عدم الاستقرار (الثورات العربية)، (4) تراجع التأييد الدولي لإسرائيل مع ظهور جيل جديد في أوروبا وغيرها لا يشعر بالذنب جراء وقوع «المحرقة»، (5) التصدعات داخل المجتمع الإسرائيلي، بحيث أن النمو الديموغرافي يلعب لصالح قوى غير صهيونية مناهضة للدولة (فلسطينيو 48)، كما يلعب لصالح الجماعات الاستعمارية/ «الاستيطانية» المتطرفة التي باتت تتبوأ مراكز هامة في التركيبة السياسية وفي الجيش.

عن كل هذا، يقول البروفيسور (إيلي بار نافي) الذي قدم للكتاب: «بعد 1967 تحولت إسرائيل ضحية الهمجية النازية إلى مضطهد سبب معاناة لا توصف للفلسطينيين. مفعول أوشفيتس تبدد». من جانبه يقول البروفيسور (يوسف هودرا) من جامعة «بار إيلان»: «الصراعات الثقافية والدينية والطبقية والأيديولوجية تتعمق في إسرائيل. أدوات الدعاية الإسرائيلية القديمة كالمحرقة، لم تعد ذات فعالية، ذكرى المحرقة تتلاشى».

وفي سياق الشهادات الإسرائيلية، نشر موقع «ديلي بيست» مقالاً للكاتبة الأميركية الإسرائيلية الجنسية (إميلي هاوزر) تحدثت فيه عن الأسباب التي دعتها إلى مغادرة إسرائيل والاستقرار في الولايات المتحدة، قائلة إن «المجتمع الإسرائيلي اليهودي صار يركز على اضطهاد شعب آخر وسلبه حقوقه في الحرية والكرامة الإنسانية والمساواة». وتقول: «مع انشغال إسرائيل بصورة أشد في مشروعات الاستيطان، والتزامها بمزيد من العنف والاحتلال اللاانساني، وتعاملها بدرجة اقل من الديمقراطية حتى مع سعداء الحظ بأنهم يهود، أصبحنا ندرك أن من غير المرجح أن نخطو نحو العودة قط. لا ادري ما إذا كان طفلانا أكثر أمنا هنا منهما هناك، ولكني اعرف ما يلي: أنهما لن يجبرا على أداء خدمة عسكرية تكرس الآن بدرجة اقل للدفاع عن الدولة (الإسرائيلية) من اضطهاد شعب آخر. كما أن الحكومة تصب الأموال في بناء مستوطنات غير شرعية على أراض مسروقة. وهما لا يتعرضان إلى شعارات يطلقها قادتهم عن السلام، في الوقت الذي لا تتجه أفعالهم إلا نحو القضاء على احتمالات السلام». وتختم: «إن مجتمعاً صار يركز على حماية وإدامة وتشديد الاضطهاد لشعب آخر هي سياسة تنتج، بل وتكافئ  الكراهية. لا أريد أن أربي الآدميين الاثنين الأعز لدي (إبناي) في مثل تلك الأجواء. سأحميهم مما تحولت إليه إسرائيل».

لقد أكدت صحيفة «هارتس»، استنادا الى معطيات احصائية اسرائيلية وفلسطينية، أن الاغلبية الديمغرافية التي يتمتع بها اليهود حتى الان في فلسطين التاريخية، ستختفي خلال ثلاث سنوات، مشيرة إلى معطيات فلسطينية أكدت أن عدد الفلسطينيين يبلغ 4.2 مليون (2.6 في الضفة و1.6 في القطاع) واذا ما اضيف اليهم 1.4 مليون فلسطيني في الـ 48، سيكون عدد الفلسطينيين بين النهر والبحر 5.6 مليون فلسطيني. أما معطيات دائرة الاحصاء المركزية الاسرائيلية فتؤكد أن عدد سكان اسرائيل بلغ نهاية 2011 حوالي 7.8 مليون (5.9 مليون يهودي و1.6 مليون فلسطيني و325 من جنسيات مختلفة)، ما يعني ان عدد اليهود بين النهر والبحر يزيد عن عدد الفلسطينيين بـ 300 الف فقط، اذا ما استندنا الى المعطيات الفلسطينية، و100 الف فقط اذا ما استندنا الى المعطيات الاسرائيلية. واستنادا الى هذه الأخيرة حول نسبة التكاثر الطبيعي، يتساوى عدد الفلسطينيين واليهود فيبلغ عدد كل مجموعة 6.3 مليون في 2015، في حين يصل العدد عام 2020 في فلسطين التاريخية 7.2 مليون فلسطيني مقابل 6.8 مليون يهودي.